جدار من وراء جدار تبنيه أياديهم الآثمة، تفصل بينهم وبين وجوه طلبت الحياة فكان مصيرها أن فارقتها برصاص غدر أوقع العشرات على مر أحداث استمرت لعام كامل كان آخرها أحداث وزارة الداخلية الأخيرة التى أشعلتها حسرة قلوب شابة على ضحايا "مذبحة بورسعيد"، فى مشهد لطوب جرانيتى ضخم يمتد بطول شارع محمد محمود وشوارع أخرى وصل عددهم حتى الآن لخمسة "جدارات عازلة" بمحيط منطقة وسط البلد الشبيهة بأرض المعركة التى اعتدنا رؤيتها على شاشات التلفزيون بين العدو الصهيونى وأهالى فلسطينالمحتلة، ليبقى "الجدار العازل" شاهداً على الاشتباكات التى لا تنتهى، فى موقف "العنف" فيه هو صاحب الكلمة الأولى. "الحرية مش ببلاش، دم الشهدا مش هيضيع، على فى سور السجن وعلى بكرة الثورة تشيل ما تخلى"، كانت هى أبرز الجمل التى لون بها المتظاهرين الجدارات العازلة التى رسمت بها قوات الأمن خريطة جديدة لعدد من الشوارع الحيوية ب "وسط البلد" هى شارع "يوسف الجندى، شارع محمد محمود، شارع القصر العينى، شارع الشيخ ريحان" وكان آخرها جدارين بشارع "محمود فهمى" وشارع "الفلكى" بمحيط وزارة الداخلية، ليرسم عليها الثوار خريطة أخرى اختلفت عن خريطة الأمن ويبقى ما عليها من جمل ثائرة ورسومات غاضبة شاهدة على جرائمهم. "مهما بنوا هيفضل بينا تار" أحد المتظاهرين هتف من أمام الجدار العازل بعد بنائه قبل أن تتجدد الاشتباكات مرة أخرى فى محيط وزارة الداخلية، "بيبنوا جدار عازل عشان ميشوفوش ضحياهم"، جملة أخرى عبر بها شاب لا تتجاوز سنوات عمره العشرين عاماً عن موقفه من الجدار العازل الذى لم يمنع المتظاهرين فى كل مرة من استخدامه لإظهار غضبهم برسومات ملأت الكتل الصخرية عبرت عن الثورة ورفض ما يحدث، كما استخدمه البعض الآخر فى تخليد وجوه الشهداء ليتذكرها المكان الذى سقطوا فيه. بعيداً ومن خلف شاشات الكمبيوتر، ظهرت الطريقة الساخرة التى اعتادها الشعب المصرى فى مواجهة أزماته، فانتشرت بعض التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعى، مثل "ناصر بنى السد العالى، والمجلس العسكرى بنى الجدار العازل"، و"دعوة لفتح شوارع مصر"، كما علق أحدهم قائلاً "إحنا أكتر شعب نط على سور المدرسة هيرجعولنا هوايتنا المفضلة" كما عبر أحدهم عن اندهاشه من هذا المشهد فى مصر قائلاً "جدار عازل بين وزارة الدفاع وجمهورية مصر العربية"، وفى تعبير شبه الموقف بالأراضى المحتلة قال أحد الشباب على "تويتر": هذا وقد أعلنت قوات الاحتلال الداخلية المصرية توسيع رقعة المستوطنات وبناء جدار عازل حولهم للفصل بين قوات الأمن والإرهابيين المصريين"، وغيرها من التعليقات والرسومات والألوان التى غطت الجدارات العازلة التى وقفت شاهدة على أحداث لن تنساها مصر.