معدلات الفقر ترتفع فى مصر، ونسبة الفقراء فى ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية تتزايد. الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أعلن أمس الأول أن %32 من المصريين فقراء، مقارنة مع %25 فى العام 2009. الرقم مفزع كما وصفه الدكتور جودة عبدالخالق وزير التموين، لأنه يعنى أن حوالى 26 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر، ودخل الفرد الواحد منهم سنويا يتجاوز بقليل 3 آلاف جنيه، أى حوالى 256 جنيها فى الشهر، وعليه أن يفى باحتياجاته المعيشية والتزاماته الاجتماعية. والتوقعات أن تزيد نسبة الفقر مع تدهور الوضع الاقتصادى، وانخفاض معدل الاستثمارات، فمنذ يناير العام الماضى وحتى الآن، أغلق أكثر من 1600 مصنع وشركة أبوابها، وفقد آلاف العمال والموظفين وظائفهم ومصدر رزقهم، وانضموا إلى رصيد الفقر والبطالة. الحكومات التى جاءت بعد 25 يناير، تجاهلت، أو غضت الطرف عن ملف الفقر، ولم يكن لديها أية برامج أو خطط واضحة لمواجهة وإدارة الأزمة الاقتصادية التى لم يدفع ثمنها سوى الفقراء. مطلب العدالة الاجتماعية لم تقترب منه الحكومة حتى الآن، ولم تحدد انحيازها الاجتماعى، وتوجهها الاقتصادى للمرحلة الحالية، أو للمستقبل. وكما قال الدكتور جودة عبد الخالق، فإن النظام السابق بتوجهاته وعقليته فى إدارة الوضع الاقتصادى لم يسقط حتى الآن، والدولة الجديدة بعد ثورة يناير، لم تحدد أجندتها الاجتماعية والاقتصادية، والأزمات تتوالى وتحاصر الطبقات الشعبية من أزمة الوقود، وأنابيب البوتاجاز إلى أسعار السلع الغذائية المنفلتة. الأرقام مفزعة بالفعل، وأرجو أن يكون الدكتور كمال الجنزورى قد أطلع عليها، وأفزعته أيضا، كما أفزعت الدكتور جودة عبد الخالق. فالحكومة الحالية حددت أولوياتها فى الأمن والاقتصاد، وحتى الآن لم يتحقق اليسير منها. كما أرجو أن يكون السادة أعضاء مجلس الشعب الجديد قد قرأوا الأرقام، وأدركوا خطورتها على الوضع الاجتماعى للدولة، وأعادوا ترتيب اهتماماتهم بدلا من المزايدة والاستعراض الإعلامى، الذى يشاهده الناس فى جلسات المجلس، وخاصة جلسة الثلاثاء الماضى. الحكومة ومجلس الشعب عليهما الآن مسؤولية كبيرة وثقيلة لوقف نزيف الفقر والبطالة، حتى لا يتفاقم الوضع، ويحدث الانفجار الاجتماعى وتتحقق النبوءة بالموجة الأعتى والأخطر فى الثورة، وهى ثورة الفقراء.
