فى نهاية الستينيات من عمرى، مازلت أجدنى أمارس الحياة وكأننى فى الثلاثين، نفس الحياة.. نفس التفاصيل والأحداث المُكررة بين جدران المنزل وخارجه أيضاً. لا.. لست مُتصابية أو أنكر حقيقة عمرى، لكن يبدو أن من حولى هم من لايصدقون أننى أقترب من السبعين وأننى لم أعد صبية ولا أملك تلك الطاقة التى يظنونها فى. المؤسف أن من حولى هم أنفسهم أولادى الذين تقترب سن أصغرهم عمراً من الثلاثين، لكن بشكل ما أظنهم مازالوا أطفالاً حولى لايكبرون، لكن ليس لهذه الدرجة أكيد. الدرجة التى وصل لها أبنائى تجعلنى أشعر فعلاً بالقلق على حياتهم بعد وفاتى، فاعتمادهم علىَّ تعدى كل الحدود وبقدر ما يتعبنى هذا، بقدر ما يزعجنى نفسياً. أقوم بكل مهام البيت وحدى تقريباً وأعد لهم طعامهم وأحضره لهم بنفسى أمام التليفزيون ثم أعود لرفع الأطباق الفارغة وأنزل من البيت وحدى لأشترى طلبات البيت كلها كل أسبوع، أفعل كل ذلك بدون كلمة شكر ولا إحساس بالامتنان بل بالعكس أشعر أنهم يتعاملون مع الموقف وكأننى مُجبرة على أداء هذا الدور لهم. فى النهاية فإن الوحيد الذى أجده يجلس بجوارى ويستمع لى دون ملل هو «تونى» فرغم أنه فى الخامسة فقط من عمره إلا أنه لا يمل حديثى معه ومع ذلك يعترض أبنائى على تواصلى معه ويتهموننى بالجنون لأننى أتحدث مع كلب.. نعم كلب!! فهل وجدت من يتحدث معى غيره ورفضت التواصل أو انسحبت؟