ترددت أنباء باتت الآن شبه مؤكدة بشأن مغادرة حركة حماس الأراضى السورية، بعد أن بقى رئيس مكتبها السياسى خالد مشعل خارج دمشق منذ أكثر من أسبوعين، دون مبرر يذكر بشأن عدم عودته للأراضى السورية. وحصل اليوم السابع على معلومات من مصادر مقربة من حركة حماس بشأن عدم عودة مشعل إلى الأراضى السورية مرة أخرى خاصة فى ظل أعمال العنف التى تشهدها سوريا والمتزايدة يوما بعد يوم، بالإضافة إلى أن حدة الاشتباكات بين عناصر الجيش الحر وقوات الأسد باتت قريبة جدا من دمشق، وهو ما يعنى انهيار المستوى الأدنى من قدرة النظام على حماية نفسه فضلا عن حماية حماس وأعضاء مكتبها السياسى. وقال المصدر الذى رفض ذكر اسمه، إن حالة من الغليان انتابت معظم السوريين بعد تصريحات مشعل لقناة فضائية وصف فيها سوريا بأنها سوريا الأسد، وهو الأمر الذى أدى إلى موجة غامرة من الغضب بشأن هذه التصريحات التى اعتبرها البعض ربما "ذلة لسان"، أو ضرورة تصريحه بذلك لأنه وحركته ما يزالون فى سوريا، لكن تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى التى أكد فيها وساطة مشعل لدى النظام جعلت البعض يعتبر أن حماس باتت جزءاً من النظام أو على الأقل مساندة له، وهو الأمر الذى يعنى رفض وجودها على الأرض السورية. وأشار المصدر "القريب من حركة حماس"، أن أكبر دليل على ذلك هو مغادرة أسرة نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس موسى أبو مرزوق قد غادرت دمشق واستقرت فى القاهرة، بالإضافة إلى مغادرة العديد من أعضاء المكتب السياسى لحماس دمشق تجاه غزة والأردن، وهو ما سارعت حماس إلى تبريره من جانب متحدثيها الذين قالوا إن هذه المغادرات لا تعدو كونها "عائلية"، أو "علمية"، بالسبة لدراسة أبناء قيادات الحركة. وفى نفس السياق ترددت أنباء قوية عن أن إيران "أكبر الممولين" لحركة حماس أوقفت عمها المادى للحركة، بسبب مواقف حماس من النظام السورى، وعدم إعلانها صراحة بأنها مناصرة وداعمة للأسد، وبسبب محاولات حماس المتكررة عدم الانجرار إلى التورط فى الأحداث التى تجرى بسوريا. وأكد المعارض السورى أحمد رزق عضو اتحاد كتلة التغيير والإصلاح فى سوريا، أن إيران طلبت من حماس المساعدة عبر مقاتليها فى قمع المظاهرات التى تجرى فى سوريا، بسبب أن عناصر حزب الله وعناصر الحرس الثورى الإيرانى معروفين لدى الثوار السوريين، وأن مقاتلى حماس بمقدورهم الاشتراك فى العمليات العسكرية على أنهم عسكريين سوريين لصعوبة التعرف عليهم والتفريق فيما بينهم وبين العسكريين السوريين. وأضاف رزق، أن إيران كانت تراهن على انجرار حماس ومقاتليها فى الحرب مع الشعب السورى، إذ كان هذا بالنسبة لهم مكسبا كبيرا باشتراك "حماس "السنة"، فى هذه الحرب، وبالتالى عدم إصباغ ما يجرى فى سوريا على أنه حرب ضد السنة من جانب الشيعة. وأشار، أن قادة حماس رغم أن دمشق مقرا لهم وإيران ممولا لهم كانت على قدر كبير من الذكاء برفضهم الدخول فى هذا المعترك، خاصة وأن حماس تسعى للانفتاح الدولى بعد أعوام عديدة من العزلة الدولية التى فرضت عليها، والدليل على هذا أن مشعل التقى مبعوثا سويسريا لبحث العلاقات بين حركته وسويسرا. وفيما يتعلق بالزيارة المرتقبة لخالد مشعل للمملكة الأردنية الهاشمية بعد قطيعة استمرت لأكثر من عشرة أعوام، فسر البعض هذه الزيارة بالمكسب للطرفين، الأولى بالنسبة لحماس حيث من المتوقع إعادة فتح مكاتبها المغلقة منذ زمن، خاصة وأن الأردن دولة عربية لها حدودها مع فلسطين، والثانى هو مكسب النظام الملكى من الزيارة باعتبار أن هذا النظام يسعى لإعادة ثقة الشارع الأردنى به لأنه مهدد بغزو الربيع العربى. وقال المعارض السورى، فادى غسان، إنه يفسر زيارة مشعل للأردن بتوتر الأجواء بين النظام السورى و حماس، لأنه لولا حدوث ذلك لما أقدم مشعل على زيارة الأردن، خاصة بعد أن دعا الملك عبد الله الرئيس السورى بشار الأسد إلى التنحى. وأضاف غسان، لو أن العلاقة بين حماس والأسد على ما يرام لرفض النظام السورى مثل هذه الزيارة للأردن، حيث إن الأسد ونظامه "الذى لم يجرؤ على مدار عشرات السنين أن يطلق رصاصة على إسرائيل" اعتادا مساومة كل ما الذين ينتفعون منه، وأن الأسد فتح أبواب دمشق لحماس ليخدع الجماهير العربية والإسلامية بأنه نظام مقاوم وممانع إلخ هذه المصطلحات التى يطلقها على نفسه.