قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن الإخوان المسلمين فى مصر يبعثون برسائل إلى الخارج مختلفة عن تلك التى يرسلونها إلى المصريين والعرب. وتحدثت الصحيفة، فى مقال لديفيد بولوك وهو من كبار الباحثين بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، عما أسمته سجل الإخوان المسلمين فى ازدواجية الرسائل التى يوجهونها إلى الداخل والخارج. يقول الكاتب إنه فى ظل التوترات الجديدة فى العلاقة بين مصر والولايات المتحدة، يدرس البعض فى واشنطن تلك التوترات ونتائج الانتخابات الأخيرة من أجل الوصول إلى مؤشرات بشأن الديمقراطية. ويجب على هؤلاء، الذين يقولون إن الإخوان المسلمين يبدون دلالات على الاعتدال، أن يقارنوا رسالة الجماعة للخارج، باللغة الإنجليزية، برسالتها للمصريين والعرب باللغة العربية. ويضرب "بولوك" مثالاً بالصفحة الرئيسية للموقعين الرسميين للإخوان المسلمين على الإنترنت، واختلاف المحتوى العربى عن نظيره الإنجليزى، فبينما كان المحتوى الإنجليزى يتضمن مقالات عن موقف الإخوان تجاه الأقباط، كانت الصفحة العربية أقل تركيزاً على تلك القضية، ويظهر هذا التناقض، كما يسميه الكاتب، فى قضايا أخرى مثل الديمقراطية، حيث تضمن المحتوى الإنجليزى مقالات تحمل عناوين "لماذا يعد الإسلاميون أفضل الديمقراطيين" أو "الديمقراطية أحد أهداف الشريعة"، ولم يكن هناك شىء من هذا القبيل فى المحتوى العربى، بينما كان قراء الموقع العربى يقرأون مقالات ضد حرية الصحافة، لأنها تهاجم صحيفتين يوميتين انتقدتا الإخوان المسلمين. واعتبر "بولوك" أن هذا الحديث المزدوج جزء من نهج محدد. فمثلاً الرسالة التى وجهها المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع للمصريين فى أعقاب الثورة بالإنجليزية مختلفة عن الأخرى العربية. فبينما ركزت الإنجليزية على الديمقراطية والتسامح والتعددية والتعايش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، كانت الرسالة العربية تتحدث عن أن الثورة كان مباركة من الله، وعلى أن المصريين فى حاجة إلى الاستمرار فى ترسيخ إيمانهم بالإسلام حتى يجنوا ثماره الحقيقية. ويؤكد الكاتب على أن هذا النهج مستمر من جانب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، فالعناوين الرئيسية على الموقع الإنجليزى للحزب فى الأشهر الأخيرة كانت: الحرية والعدالة يدين الهجوم على السفارة الإسرائيلية، الحرية والعدالة والمسيحيون يصدون الفتنة، لجنة سيدات الحرية والعدالة تقدم خدمات طبية مجانية فى الشرقية، لكن أيًا من هذه الأخبار لم تظهر على الصفحة الرئيسية للموقع العربى. وربما يقول البعض إن كل الأحزاب السياسية تبعث برسائل مختلفة إلى حد ما، لكن "بولوك" يرى أنه عندما تكون هناك مثل هذه الدرجة من "النفاق" فإنه يعرض مصداقية الجماعة للخطر، وربما يقول البعض إن هناك أصوات معتدلة داخل الإخوان، وهذا صحيح، لكنها فى النهاية جماعة منضبطة وهرمية، والكثير من الأصوات المعتدلة غادرتها فى العام الماضى أو تم فصلهم، وأغلب كبار قادتها الآن من المتشددين، على حد وصفه، وربما يرى البعض فى ذلك محاولة من الإخوان لإظهار أنهم قادرون على تعديل مواقفهم، لكن مع القوة التى اكتسبتها الجماعة فى الشارع، والتى أظهرتها النتائج الانتخابية، فإن هذا التعديل فى الأساس أقل اعتدالاً وليس أكثر.