بعد دقائق من إعلان التنحى نزل الجميع إلى الشوارع ليتراقصوا فرحا بما صنعوه، فبعد ثلاثين عاما من حكم الديكتاتور مبارك رحل بعد 18 يوما سقط الصنم الأكبر وبعد مليونيات التحدى والإصرار والرحيل جاءت كرنفالات الاحتفال، وبعد كل بيان كان يصدره المجلس العسكرى ترتفع الأصوات التى تؤيد وتمجد، وعندما سمعنا ولأول مرة فى تاريخنا عصام شرف، رئيس الوزراء المصرى، يؤدى اليمين أمام شباب الثورة فى الميدان هتف الجميع للثورة والثوار ولما صنعنا، ولن أنسى دموع الملايين التى سقطت من أعينهم وهم يرون ممثل المجلس العسكرى فى شاشات التليفزيون يؤدى التحية العسكرية لدماء الشهداء، وهناك مشاهد كثيرة، منها إزالة صور حسنى مبارك واسمه من على محطة المترو، وشباب الثورة وهم ينظفون ميدان التحرير قبل الرحيل وعلم مصر الذى أصبح منتشرا فى كل مكان حتى على رصيف الشوارع كل هذه المشاهد تصلح لمسلسل تركى يحقق أعلى نسبة مشاهدة فى رمضان القادم، ولكن لا تصلح أبدا للكتابة فى تاريخ الثورات، عندما قررت أن أنزل يوم 25 يناير وقررت أن أكتب بيان الدعوة لليوم كتبت بخط كبير على الورقة "ساكت ليه لما بنتك جالها عريس ومش عارف تجهزها.. ساكت ليه لما ابنك اتخرج من الجامعة وقاعد جنبك.. ساكت ليه لما ولما ولما ولما.." كم أشعر الآن بنفس شعور صلاح جاهين بعد النكسة وأتذكر كلمته المشهور (إحنا جينا نغنى للناس غنينا عليهم) هذا بالتحديد ما أشعر به فكل إنجازات الثورة أننا أصبحنا شباب الثورة لفترة محددة، فأنا الآن بكل تأكيد أشعر بالخجل عندما أتذكر أنى منهم وكل الإنجازات أيضا أنه أصبح هناك قنوات للثورة وجرائد للثورة وأحزاب وائتلافات وأفلام ومسلسلات وأغان وشهداء للثورة، وأن الجملة الشائعة إن الرجال ماتوا فى 73 تغيرت أنهم ماتوا فى 25 يناير. لم يعد لدى الرغبة فى استكمال ما بدأت فى كتابته هنا قيل أيام من مرور عام على ثورتنا وسوف انهيه فقط بجملة واحدة. ثوروا من جديد أو لا تتحدثوا عن الثورة عسى أن ينسى الناس ما صنعنا فيغفره التاريخ لنا.