إن الدول المختلفة جرمت التهرب الضريبى، وحظرت على أى شخص متهرب ضريبياً أن يتولى أى منصب فى الدولة، أو يمثل الفئات فى انتخابات الأحزاب أو الغرف التجارية، والضرائب هى حق المجتمع على الممول، والذى يأكل حق المجتمع يأكل المال بالباطل، وإنما هو مال صاحب الحق وهو المجتمع ككل، فالذى يغتصب هذا المال أو يجحده، أو لا يدفعه يستحق العقاب الدنيوى بأن يحال إلى القضاء ليعاقبه، والأخروى بأن الله يدخر له العذاب يوم القيامة لأكله مال الناس بالباطل، فالمال الحرام يأتى يوم القيامة نارا فى بطنه، إضافة إلى أن التجريم لا يعرف حدودا، فكل الأفراد بدءاً من قمة السلطة إلى أدنى شخص فى الدولة يجرم ضريبياً، ولم يكن الوضع الأدبى أو الاجتماعى أو السياسى يحول دون تجريمه. فهناك إعلام ضريبى متقدم يبث ويعطى الممول حقوقه، ومن ثم فإن تعامل المأمور مع الممول يجعله يثق فيه، ويدلى بكل المعلومات الصحيحة. وأن الضرائب مشروعة وفقا لما جاء فى كتاب الله والسنة، حيث يقول الله تعالى فى كتابه الكريم "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهد الله إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون"، موضحاً أن الله ذكر مرتين إيتاء المال مرة "آتى الزكاة"، ومرة أخرى فى "آتى المال على حبه"، وأن هذا دليل على أن هناك حقوقا فى المال غير الزكاة، وهى حقوق عديدة، ومنها (الضرائب). وينبه إلى أن هناك البعض يعتقد أن الضرائب (مكث)، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة صاحب مكث"، ويشير عمر إلى أن الإسلام ينهى المسلم عن التهرب من أداء الحقوق والضرائب، والتى تفرض بناء على عقد يقوم به المجتمع للمشاركة فى الإنفاق العام مثل التعليم والصحة، ويقول الله تعالى فى كتابه الكريم "يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود"، وهو هنا لم يحدد عقداً واحداً، وإنما يتحدث عن كافة العقود. إن نسبة التهرب الضريبى ترتفع فى المجتمعات المتخلفة ثقافياً واقتصادياً، وأن نظرة المواطن فى هذه المجتمعات تكون قاصرة، إذ إنه يرى أنه بتهربه من الضرائب يوفر هذه النفقات على نفسه، ولا ينظر لأهمية تطور المجتمع من حوله. ونؤكد أن الضرائب لم تكن غريبة عن تاريخنا الإسلامى، وإنها كانت مفروضة فى الدول الإسلامية القديمة لشق الطرق وتعمير المدن وحفر الآبار وتجهيز الجيوش. أما فى المجتمعات المتقدمة فينظر المواطن إلى أنه شريك مع الدولة فى مشروعها الحضارى بدفعه للضرائب، ويرى أنه ما زال من غير المناسب فى مصر تغليظ العقوبات بالقدر الذى وصلت له فى الدول المتقدمة لعدم توافر عنصرى جودة الخدمات. إن هذا الوعى الضريبى يعود إلى تواصل الثقافة الضريبية فى ثقافة هذه المجتمعات على فترة طويلة أيضا على جودة خدمات الدولة التى تنشئها من الحصيلة الضريبية، وهو ما يجعل الممول يشعر بأن هناك عائداً ملموساً من الضريبة التى يدفعها على سبيل المثال خدمة التعليم بما فيها الجامعة حتى اليوم مجانية، علاوة أيضا على أنه فى المجتمعات المتقدمة لا يوجد التعسف فى تقدير الضرائب.