بالفعل مبادرة رائعة وخطوة مشرفة تلك التى أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين لتأمين الكنائس فى احتفالات الإخوة المسيحيين بأعيادهم. هذه المبادرة تعد هالة نور تلوح فى آفاق التسامح الدينى الذى نتمنى أن يعود بين نسيج الشعب المصرى مسلمين وأقباط، بعدما مر علينا عام أسود شهدنا فيه الكثير من الحوادث الطائفية، والتى خلفت كوارث أدمت قلوب المصريين جميعا دون تفرقة. ربما تكون تلك الخطوة هى رسالة تطمين للجانب القبطى من التيار الإسلامى الذى شارف على الوصول لمقاليد الأمور فى مصر، كما تمثل ضربة موجعة للتيار الليبرالى الذى يحاول دائما اللعب على أوتار الفتنة الطائفية لاستمالة المسيحيين فى صراعه مع التيار الإسلامى. هذه المبادرة لا تعبر عن موقف جماعة الإخوان فحسب وإنما تعبير عن إرادة شعب بأكمله ينصهر فيه المسلم والمسيحى تحت اسم مصر، ويأبى الصراع أو النزاع للتفريق والعبث بمبدأ الوحدة الراسخ بالبلاد منذ أن دخل الإسلام مصر وحتى الآن. إعلام الإثارة يتجاهل مثل هذه الإيجابيات ويكتفى فقط برصد السلبيات من التعرض لأمور جدلية، مثل عدم جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم وما شابه ذلك فهو دائما ما يكون معولا هاما من معاول ضرب الوحدة الوطنية وإشعال الفتن وزيادة الاحتقان بين مسلمى مصر وأقباطها. جماعة الإخوان المسلمين برهنت كثيرا على احترامها للأقباط ودللت على وسطيتها فى اختيارها لنائب مسيحى لحزبها الوليد، وهو الدكتور رفيق حبيب، كما أن تاريخ الجماعة ما زال يرسخ أعظم آيات التسامح الدينى من العلاقة الوطيدة التى كانت تجمع بين الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة والزعيم الوفدى القبطى مكرم عبيد. ما فعلته الجماعة من المفترض أن يغلق باب اللغط الذى ساد الشارع المصرى وأصاب الأقباط بالفزع من تصاعد التيار الإسلامى، وهذا الفزع إنما هو سلاح رخيص استخدمه بعض القوى لكسب مطامع سياسية دون الاكتراث بصالح الوطن.