نعيش مرحلة يصدمنا فيها الهراء ويهددنا الضياع. تشهد الثورة المصرية سحبا على البارد يظلله هراء دام عاما يتحدث عن مناصرة الثورة. لم تستلم هذه الثورة أى سلطة ولم يحدث أى تغيير إلا فيما أجبر عليه المجلس العسكرى. يأتينا الهراء كل يوم نسمع فيه عبارات التقدير للثورة فلا نرى سوى تعويق بالغ لتحقيق مطالبها، ونسمع أيضا عبارات التقدير لمن أصيبوا فى أحداث الثورة فلا نرى إلا تجاهلا لعناية مستحقة لهم وإصابة لمئات غيرهم وليرحم الله أرواح الشهداء الذين مازالوا يسقطون فى تتابع. قامت الثورة ومازال القمع مستمرا. الهراء يصدمنا بوعود نعرف أنها لن تتحقق. يصدق البعض أن وعدا شفهيا بانتقال السلطة من المجلس العسكرى فى نهاية يونيو القادم كحد أقصى قد يتحقق. كيف نصدق من يصر على إضاعة الوقت الثمين فى انتخابات مجلس للشورى لا يرى له الشعب أى أهمية، على الأقل فى المرحلة الراهنة، ولا يترك وقتا يليق بكتابة الدستور والاستفتاء عليه. ثلاثة أشهر فقط للانتهاء من الدستور والدعوة لانتخابات رئاسة الجمهورية وتنصيب الرئيس فيما بين انعقاد الجلسة المشتركة الأولى للمجلسين وموعد انتقال السلطة فى آخر يونيو، فى خلق لحالة اضطراب جديد يستمر معه النواح على الاستقرار المفقود. ملء فراغ القيادة هو كلمة السر المحورية فى مطلب استقرار مصر، وضياع الثورة يكمن فى امتداد المرحلة الانتقالية. يجب تعطيل انتخابات الشورى والمبادرة بالدعوة لانتخابات رئاسة الجمهورية فى أسرع وقت بعد تشكيل مجلس الشعب. إذا أردنا لمصر استقرارا فلننقل السلطة لرئيس مدنى منتخب من الشعب، وإذا أردنا إنقاذ ثورة الشعب من الفناء فلنتم هذا الانتقال. فليحكم الرئيس الجديد مؤقتا بإعلان دستورى يحدد صلاحياته حتى يتم الانتهاء من وضع الدستور الجديد. إذا أردنا الاستقرار فلنعمل من أجله ولا نستمر فى إضاعة الوقت الثمين. إن محاولات الالتفاف الدائمة على مطلب تسليم السلطة وتشجيع الثورة المضادة التى تعوق تحقيق مطالب الثورة التى قامت من أجل نهضة مصر وتشوه الثوار- هى المحرك الحقيقى وراء استمرار حالة عدم الاستقرار بمصر. إذا كنا نسعى لنهضة مصر فلنكف عن إضاعة الوقت الثمين ولننجز ما يجب إنجازه فى خط مستقيم ولنكف عن اللف فى دوائر نملؤها بالهراء ولا ينتج عنها إلا الضياع.