الاتهام الأسهل من البعض حين أكتب عن مرشح محترم فى الانتخابات أننى «منحاز» و«غير محايد»، خاصة إذا كان كلامى ينتقد قوى سياسية محترمة مثل جماعة الإخوان المسلمين، وهذا ما حدث فى مقالى أول أمس الذى انتقدت فيه دفع الجماعة عبر حزبها السياسى «الحرية والعدالة» لمرشح لها، ضد مرشح آخر هو محمد عبدالعليم داود فى دائرة فوة ومطوبس بكفر الشيخ، رأيت أن مساره البرلمانى الرائع يرجح مساندته من القوى الوطنية، ضمانًا للتنوع البرلمانى. وسيرًا على قاعدة تأكيد الانحياز لمرشحين محترمين من أجل تعددية فى البرلمان، تدفع إلى إثراء الحياة السياسية، أتحدث عن الدكتور عمرو الشوبكى المرشح على المقعد الفردى فى الدائرة الثالثة بالجيزة، فحالته تعبر أيضًا عن غياب التنسيق بترشيح الجماعة منافسًا ضده. يدخل الشوبكى الانتخابات ليس بوصفه فقط باحثًا من طراز فريد، وكاتبًا متألقًا يجمع بين جودة الفكرة وسهولة وعمق تقديمها، وإنما بتاريخ نضالى بدأ منذ أن كان طالبًا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، وكثيرًا ما جمعنا منزله فى الجيزة للاتفاق على النشاط السياسى بالجامعة، وكانت اللائحة الطلابية والقضية الفلسطينية وغيرهما مقصدنا الذى كان الشوبكى ينميه بآرائه الناضجة. تخصص الشوبكى فى رسالته للدكتوراة من باريس فى «الإسلام السياسى»، ورصد تطوراته بعمق لافت، وأهله ذلك لأن يكون عمدة فى تحليلاته السياسية المتعلقة به، كما أعطاه براحًا واسعًا فى فهم تحولات المنطقة السياسية، وأصبح بذلك محاضرًا فى منتديات دولية كبيرة، ورغم إغراءات النظام السابق له، إلا أنه رفضها منتصرًا لخطه وضميره السياسى، بالبقاء معارضًا شريفًا، ولأنه لم يختر الانغلاق فى تخصصه الأكاديمى، واصل النزول فى أرض العمل السياسى اتساقًا مع ما بدأه فى الجامعة، بانحيازه للبسطاء فى حصولهم على حقوقهم فى الثروة، واعتبارهم الرهان الرابح للديمقراطية، وأذكر أثناء ثورة 25 يناير، وفى تجولى معه بميدان التحرير كان آلاف البسطاء يتوجهون إليه بالأسئلة القلقة، وكان هو يجيب ببث الأمل فى الوصول إلى الأهداف التى خرج لها الملايين. يخوض الشوبكى معركته الانتخابية حاليًا ومعه رصيده الكبير، ولو قدر له النجاح فسيكون إضافة حقيقية للبرلمان، ومكسبًا لأهل دائرته، وإضافة لمفهوم «نائب الشعب» الذى تشغله قضايا مصر كلها.
