تحت عنوان "الطيف السياسى الناشئ فى مصر"، تحدثت الخبيرة السياسية مارينا أوتاوا، عن اللاعبين الأربعة الذين يشكلون المشهد السياسى المصرى الذى بات أكثر تعقيدا وتغيرا متواصلا، وحصرتهم فى الأحزاب السياسية والمجلس العسكرى والحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم سابقا والحركات الاحتجاجية. وصنفت أوتاوا فى مقالها بمعهد كارنيجى للسلام الدولى الأحزاب السياسية إلى فئتين هؤلاء الذين يمكن اعتبارهم أحزابا سياسية حقيقية، حتى لو كانت ضعيفة، وأولئك الذين يمثلون مركبة لوصول شخص معين فى البرلمان المقبل. والفئة الثانية يمكن تجاهلها لأن تجربة البلدان التى مرت بمرحلة انتقالية تشير إلى أن مثل هذه الأحزاب سريعة الزوال، ونادرا ما تنجح فى الحصول على أى مقعد. وفيما يخص تلك الأحزاب الحقيقية فإن كل مجموعة أيديولوجية بها أصبحت مجزأة، ويتضح هذا على نحو بارز فى الإسلاميين الذين ينشقون إلى تيارات مختلفة على غرار الأحزاب اليسارية قديما. وقد باتت هناك حالة من التداخل بين برامج الأحزاب، فأحزاب أقصى اليسار، تزعم أنها مدنية وتدعو لدولة مدنية، فى حين تقبل الأحزاب الليبرالية واليسارية الإسلام كدين للدولة، وتدافع عن تدخل الدولة فى تصحيح إخفاقات الأسواق. وبعبارة أخرى أن الأحزاب التى لديها انتماءات أيدولوجية واضحة تهدف للوقوف فى وسط الطيف السياسى. وتحاول أحزاب الأطراف السعى إلى الوسط أملا فى كسب ود أكبر شريحة ممكنة من الناخبين فى ظل تعدد الاختيارات بشكل كبير. وبشكل عام يرى الجمهور كيفية اختلاف كل حزب عن الأخر، فغالبا ما يتم تصوير الأحزاب الإسلامية على أنها متطرفة، وأنها تجتذب المؤيدين باسم الدين وليس لأنها مدنية. وهذا يعنى أن الانقسام بين الأحزاب الإسلامية والليبرالية حادة، وأن المحاولة المبكرة لتشكيل تحالف ديمقراطى من الأحزاب المختلفة باءت بالفشل. وقد غادرت معظم الأحزاب الليبرالية التحالف الديمقراطى مشكلة كتلة مصر الليبرالية. وأكدت أوتاوا أن الغموض مازال يكتنف نية المجلس العسكرى بشأن تنازله عن الدور السياسى الذى بات يلعبه بعد الثورة، حيث بدت تصرفات القادة العسكريين صعبة القراءة وتتسم بالاستبداد. وفيما يخض المخاوف من عودة أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى المنحل للعب دور أكبر على الساحة السياسية، فإن قيام أعضاء بارزين بالحزب الوطنى بتأسيس أحزاب جديدة يجعل من الواضح أن النخبة الجديدة عائدة للساحة. وعودة نخبة الحزب الحاكم سابقا للسياسية ستكون سهلة من خلال النظام الانتخابى الذى يسمح بترشح مستقلين على ثلث مقاعد البرلمان. وقد كانت للحركات الشبابية الدور الرئيسى فى إسقاط نظام مبارك. وسرعان ما شكلت هذه الحركات ائتلافات شبابية، ورغم أنها باتت فضفاضة، بعدما رفضت تنظيما هرميا صارما وأدوارا قيادية واضحة المعالم، إلا أنها أثبتت قدرتها مرارا على تعبئة الناس. ووصفت الخبيرة السياسية المحنكة هذه الحركات الشبابية الاحتجاجية بأنها ضمير الثورة، مما يشكل تحديا لقرارات المجلس العسكرى بل وتحديا لسير الأحزاب السياسية مع هذه القرارات. ورغم أن أوتاوا ترى ضرورة أن تصبح هذه القوى السياسية اللاعبة على الساحة السياسية، أكثر وضوحا إلا أنها تتوقع أن يحدث هذا مزيدا من الصراع. وترى أن نتائج الانتخابات، خاصة إذا ما حقق الإسلاميون فوزا كبيرا، قد تؤدى إلى مزيد من الاضطرابات، وربما تشجع الجيش على مواصلة قبضته على السلطة علانية. وتتابع الباحث أن نتائج الانتخابات قد تؤدى إلى تلاشى حركات الاحتجاج ولو مؤقتا، أو أن تسفر عن حشد جديد فى حال تأكدت قوة أعضاء النظام القديم فى البرلمان القادم. وتختم أوتاوا: إن الأشهر المقبلة ستوضح قوة كل لاعب على الساحة، ولكن سنحتاج لمزيد من القوت لمعرفة ما إذا كان توازن القوى الناشئة سيسمح بالتحول الديمقراطى أم لا.