أخبرتنا معانى آيات القرآن الكريم العظيم أن الأيام دول تتداول بين الناس بين فقر وثراء، وبين هوان وعزة، وبين علم وجهل، وبين صعود وهبوط!! وفى صفحات التاريخ تعلمنا الحكمة الخالدة (لو دامت لغيرك ما آلت إليك...) فأين ألمانيا النازية الآن؟! وأين التتار الآن، وأين السلطنة العثمانية وغيرها من القوى الذى ظهرت واختفت بين صفحات التاريخ فى سِنة من النوم؟! ومن هذين المنطلقين، فيخطئ من يظن أن انشغال أمريكا مُنصب الآن على حاضرها المُهَدَد اقتصادياً بصورة غير مسبوفة منذ اعتلائها قمة دول العالم برقم الأول بلا منازع خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتى مع أوائل التسعينيات وانفراط عقده، أو بحاضرها المتفرد والمهيمن على سياسات دول العالم ومنظماته المختلفة بين حقوقية ومالية، دون انشغالها بتهديد ما هو خفى فى مستقبل تجابهه بين مطرقة الشيوعية "الصين" كقوة اقتصادية وعسكرية بازغة بدأت فى اعتلاء أعلى قائمة دول العالم قبل الاتحاد الأوروبى، وبين سندان الأيديولوجية الجديدة التى يمثلها ذلك "الزحف الإسلامى" الذى يبدو لها فى الأفق القريب أن ربيع الثورات العربية - خاصة فى مصر- ستجعله فى صدارة مشهد السُلطة العربية إلى حين يعلمه الله!! وإذا كان من حق أمريكا أن يشغلها هذا الهاجس المستقبلى منذ الآن، فأين نحن العرب من هذا الهاجس الذى يُتيح لأمريكا التفكير فى المستقبل دون أن تلتفت إيما التفاتة إلى مايمُكن أن تكون عليه الدول العربية من قوة وبأس شديدين تُمثل بهما على الأقل حجر عثرة أمام أمريكا وهى تترقب بزوغ الصين بهذا الترقب الحذر، أو وهى تترقب حالة لانهائية من صعود مختلف التيارات الإسلامية سواء الدعوية أو الجهادية أو الوهابية على أسطح السياسة العربية منذ فجر ثوراتها فى تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا، وحتى مواعيد الانتخابات فيها لترى ماذا ستفرز هذه الانتخابات من قوى حاكمة لأوطانها بأغلبية يأتى بها الصندوق؟! وأين نحن العرب كقوة وسطية معتدلة بين قوى العالم المتصارعة لكى نتبوأ مكانتنا اللائقة بين الأمم؟! وأين نحن العرب كقوة فعالة أمام تلك القوى القديمة والحديثة شأننا شأن الاتحاد الأوروبى، وشأن بلاد فارس، والعثمانيين الجُدد؟! وأين نحن العرب بين الأمم كقوة عسكرية اقتصادية جغرافية ديمجرافية تملك العديد والعديد من الثروات الطبيعية والبشرية بعيداً عن مسألة الديانات العربية بين مُسلم ومسيحى؟! السادة العرب: لاتركنوا إلى قصيدة نزار قبانى (شهادة وفاة العرب)، فمازالت الحياة باقية وقائمة، وما عليكم إلا التعقل والتفكر بحكمة وتؤدة لكى ننهض بين الأمم، فأدواتنا كثيرة وفعالة لو تعلمون!! بل اركنوا إلى قصيدة إبراهيم اليازجى (استفيقوا أيها العرب) واستمعوا جيداً لما تضمنته من أبيات منها: فشمروا وانهضوا للأمر وابتدروا.. مِن دهركم فرصة ضنت بها الحقب لا تبتغوا بالمُنى فوزاً لأنفسكم.. لا يُصدق الفوز ما لم يصدُق الطلب خلو التعصب عنكم واستووا عُصباً.. على الوئام ودفع الظلم تعتصبُ فهل من مُجيب؟! فإذا لم نجعل من الثورات العربية طاقة لخلق قوة عربية إقليمية قوية ومتماسكة، فتباً لها ثورات!!