لم يختلف الاهتمام العربى بفوز باراك أوباما بالرئاسة الأمريكية عن مثيله الأمريكى، فالفوز التاريخى سطر صفحة جديدة فى تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم, أما الاهتمام العربى فمبعثه التفاؤل الذى ساد المنطقة نظراً لتصريحات أوباما التى تدعو إلى التغيير الشامل فى السياسة الأمريكية والدعوة للسلام، بعد أن دمرت سياسة الرئيس السابق جورج بوش عملية السلام فى الشرق الأوسط، سواء فى العراق أو فلسطين ولبنان وسوريا والسودان وغيرها. هذا الاهتمام العربى بالانتخابات الأمريكية يؤكد مقولة الرئيس الراحل أنور السادات أن 99% من مفاتيح حل قضايا الشرق الأوسط، خاصة فلسطين، فى يد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأرجع المحللون هذا التفاؤل فى الأوساط العربية إلى أن أوباما لن يكون خاضعاً للقوى الصهيونية العالمية، مثلما كان بوش، لأنه لم يحصل على أى تمويل فى حملته الانتخابية من الصهيونية العالمية مثلما كان بوش، واكتفى بالتبرعات التى جمعها من صغار المؤيدين له والشباب والطلاب. ورغم هذا التفاؤل، إلا أن هناك جانباً من الإحباط والتشاؤم يسود العرب نظراً لأن العيب الحقيقى فى القضية يكمن فى الموقف العربى، لأن الحكام العرب عاجزون عن توفير موقف عربى موحد إزاء التحديات المعادية. السفير عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولى ومساعد وزير الخارجية سابقاً يرى أنه من الناحية العامة فإن فوز أوباما سوف يؤثر إيجابياً على القضايا العربية، لأن هناك علاقة وثيقة بين إسرائيل والملفات العربية ولن تكون علاقة أوباما بإسرائيل مثلما كانت أيام بوش لأنها ستكون أكثر اعتدالا،ً فأوباما ليس أحمق مثل بوش وسيكون أكثر تفهماً باعتباره أستاذ قانون وعلوم سياسية ولديه لونه ومعاناته السابقة، وهو ما يجعله أكثر قبولاً لفكرة العدل والظلم. وطالب الأشعل الجامعة العربية بأن تقوم بدورها بشكل أكثر فاعلية وتقوم بإعداد الدراسات اللازمة، وألا يكتفى عمرو موسى أمينها العام بالقول إن المبادرة العربية قد ماتت ومثل هذه الشعارات، فللأسف الأمانة العامة للجامعة تكتفى بأن تلهث وراء إسرائيل. وأضاف أن العالم العربى يحتاج إلى توحيد صفوفه وكلمته، فمثلاً فيما يتعلق بالعراق أوباما تحدث عن الانسحاب ولكن ماذا بعد الانسحاب؟ لذلك لابد من تفاهم عربى أمريكى إيرانى على مستقبل العراق باعتبار أن إيران هى الطرف الآخر فى المعادلة، ويجب أن يكون هناك أسس للتنسيق تقوم على الحرص على العراق العربى الموحد، وأن يكون دولة فاعلة فى المنطقة العربية لا ينتقص من سادتها, مشيراً إلى أنه سوف تطرح فكرة تقسيم العراق وهذا خطر كبير، لذلك يجب أن يحاول العرب أن يقنعوه بخطورة ذلك لأنه سيؤدى إلى صراع عربى إيرانى ومزيد من بؤر التوتر فى المنطقة ويضر المصلحة الأمريكية، وهو ما يتطلب اتصالا سياسيا مباشرا بين الدول العربية وأمريكا. وأشار الأشعل إلى أن إسرائيل هى الطرف المباشر فى الصراع العربى الإسرائيلى، والعرب قبلوا إسرائيل، ولكن يتوقف ذلك على احترامها للمبادئ العربية، وهو ما يجب أن تحرص الولاياتالمتحدة عليه, كذلك الأمر بالنسبة للبنان فأوباما وعد بالتفاهم مع إيران وسوريا، ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب العرب .. متمنياً أن يعلم أوباما قواعد اللعبة. السفير السيد أمين شلبى المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية يرى من جهته، أن الوضع متجمد تماماً بالنسبة للقضية الفلسطينية بعد مؤتمر أنابوليس، فهناك حالة من الفشل الذريع للإدارة الأمريكية السابقة برئاسة بوش, والسؤال: هو أين تقع مسألة الصراع العربى الإسرائيلى فى أولويات الإدارة الجديدة؟ موضحاً أن الأولويات الأولى ستكون هى الأزمة المالية التى عصفت بالاقتصاد الأمريكى والاقتصاد العالمى، ولكن هذا لا يعنى أن الإدارة الأمريكية ستتجاهل الأولويات الأخرى مثل العراق وأفغانستان والقضية الفلسطينية، لكن المهم هو الموقف العربى الموحد الذى يجب أن يفرض على الإدارة الجديدة أن تجعل من قضايا الشرق الأوسط هى أولى الأولويات وألا تهملها مثلما فعلت إدارة بوش, فذلك يدخل ضمن مصالح الأمن القومى. أما السفير أحمد الغمراوى مساعد وزير الخارجية سابقاً فيرى أن أوباما كان واضحاً فى سياسته التى يريدها، وهى التفاوض وفتح أبواب الحوار مع إيران وسوريا وسحب القوات العراقية خلال 6 أشهر, وكذلك بالنسبة لفلسطين، فإنه رغم علاقته القوية بإسرائيل إلا أنه أعلن أنه سيحاول إنهاء المفاوضات من أجل السلام لحل القضية الفلسطينية، فبالنسبة للقضايا العربية خطوطه واضحة، ولكن المهم هو أن تتيح له الظروف تنفيذ وعوده وأن ينتهى من مشاكله الداخلية باعتبارها ستكون المهام الأولى له، فمن الواضح أن أوباما سيتخذ الخط الدبلوماسى أكثر من العسكرى الذى اختاره جورج بوش وكان ينفذه بمبرر وغير مبرر. وقال الغمراوى إننا لا نريد منه أن يحكم لصالح العرب وإنما نريد الحياد لنا ولإسرائيل، لأن بوش كان منحرفاً تماماً لصالح إسرائيل وهو ما عصف بالقضية الفلسطينية, مشيراً إلى أن الأمر مبشر لأن حملة أوباما الانتخابية لم تمول من الصهيونية العالمية وإنما من المتبرعين وصغار المؤيدين، لذلك لن تكون هناك سيطرة صهيونية عليه ولن تمثل قوى ضاغطة على السياسة الأمريكية. الكاتب السياسى الفلسطينى عبد القادر ياسين بدا أكثر تشاؤما، حيث يرى أن فوز أوباما لن يضيف شيئاً، لأن العيب الرئيسى فى القضية يكمن فى الموقف العربى وفى قلبه الموقف الفلسطينى, فالحكام العرب عاجزون عن تحقيق موقف قوى موحد إزاء التحديات المعادية. وأشار إلى أن أمريكا هى دولة مؤسسات، وأن التغيير فى السياسة الذى وعد به أوباما لن يحدث بنسبة 180 درجة مثلما تصور البعض، ولن يكون مثلما حدث فى فترة عبد الناصر أو السادات, فأمريكا ليست عشيرة. وأكد ياسين أن عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية يضلل الشعوب العربية، إذ توقع أن تكون أمريكا وسيطاً نزيهاً بين إسرائيل والعرب، بينما هى دائماً الأم لإسرائيل منذ 60 عاماً.