صدر العدد ال46 لمجلة الدوحة القطرية لشهر أغسطس 2011، التى يرأس تحريرها الدكتور على أحمد الكبيسى ويدير هيئة التحرير الكاتب المصرى عزت القمحاوى. ويتضمن العدد موضوعات من بينها: نصائح للتعامل مع إعلام الثورات العربية، وفى باب الكتب سؤال الرواية التى تنبأت بالثورة، نصوص إبداعية أم وثائق اجتماعية؟، والغناء العربى يودع البحة الأخيرة فى صفحة غياب، وكما يتناول العدد قضية "ضيوف على مضض!.. مائة عام من العزلة" أحوال اللاجئ العربى، والرحيل الاضطرارى، وفيه تكتب الصحفية نوال العلى، عن بؤس آلاف الفارين من ذبابات النظام السورى، وتمتطى الكاتبة آلة الزمن، مسترجعة تاريخ الفرار واللجوء منذ الحرب العالمية الأولى إلى أيامنا، ويكتب أيضًا حسين محمود عن شيخوخة المجتمع الأوروبى، المهدد بمخاطر انخفاض معدلات الخصوبة، وما لها من انعكاسات كارثية مستقبلية على الاقتصاد العام، وأداء السوق الداخلية والتنافسية بين الشركات الأوروبية، وهو ما يجعل الهجرة نحو أوروبا العامل الوحيد لنمو الساكنة النشيطة، رغم ما لهذا العامل من انعكاسات اجتماعية وسياسية متباينة، تجعل من المهاجرين قنبلة اجتماعية واقتصادية موقوتة، ويتناول الكاتب بالأرقام والتقارير، نموذج إيطاليا باعتبارها الملجأ الأول للفقراء وقوارب الموت، مستحضرًا التحليلات والانتقادات التى وجهها كل من الكاتب المسرحى الإيطالى داريو فو، وأمبرتو إيكو، والفيلسوف جانى فاتيمو، حول مسألة الهجرة غير الشرعية وانعكاساتها السلبية على المجال الاجتماعى فى إيطاليا. ويسرد الروائى عزت القمحاوى، قصة اللجوء إلى الآخرة عبر قوارب الموت، وإن كان قدر المصريين أن ينعموا باكتفاء جغرافى على مر العصور، ويسوق الكاتب أسبابًا تاريخية وسياسية تحكمت فى هجرة المصريين، منها ما هو مرتبط ب"كرونولوجيا" الترتيب التاريخى للتحولات السياسية الداخلية وعلاقتها بالمنطقة وانعكاساتها الاقتصادية على مصر، كسياسة الانفتاح التى سنها السادات أواسط السبعينات، وما ترتب عنها من تصاعد نزعة الاستهلاك بما يفوق قدرة الأنشطة التقليدية على تلبية هذه النزعة، والتى ترتب عنها اغتراب المصريين بعقود عمل نحو دول الخليج، ثم إلى ليبيا والعراق والأردن بتسهيلات سفر مغرية إلى حدود حرب الخليج الأولى مع إيران، ثم غزو الكويت لاحقا. فما كان على المصريين - يختم المقال- أمام "البطالة المقنعة" إلا الاغتراب شمالا، نحو أوربا مع "تصاعد الحلم الإيطالى فى القرى المصرية بجموح فاق أى جنون عرفه التاريخ". وفى قضية العدد أيضًا، تحكى عدنية شلبى من فلسطين: جانبًا من الحياة اليومية فى مخيم إربد، عبر رحلة بحث عن أقارب لا تعرف الساردة ملامحهم، تلتقى بهم أول مرة ومن ضمنهم شيخ العشيرة الذى رغم مرضه يبتسم واعدا بعودته إلى فلسطين ولو كان ذلك فى آخر يوم من حياته. وفى مشهد درامى تصف الساردة، بعد عودتها من مخيم إربد، صورة الاشتياق الذى يخالج العوائل هناك، وتشخصنه على امتداد الوادى والسهول والجبل الذى تتخلله بيوت فى هيئة عقد سهرة ساطع، لكن الشيخ مات قبل أن يرى فلسطين، وفى مدخل المخيم لازالت كومة أقفاص العصافير "تقفز بلا هدف فى حيز ضيق هو كل ما تبقى لها كى تعود وتتذكر أنها قادرة على الطيران". ويسترجع على السودانى من العراق، قصة منفاه الاضطرارى ويوميات رحلة الفرار الشاقة نحو عمان، بأسلوب حميمى يستغنى عن الدخول فى متاهات العراق السياسية، مكتفيا باختزالها سريعا "هم اليوم، يسمسرون عند عتبات الغزاة" ثم يبدأ شريط الذكريات والتفاصيل الصغيرة، بدأ من حقيبة المنفى الفارغة، وانتهاء بدفتر الحميمية المملوء بالحياة والشعر رفقة الأصدقاء تحت سماء ثانية. فى نصوص هذا العدد نقرأ للشعراء: وديع سعادة من لبنان، فريدة العاطفى من المغرب، منهل السراج من سورية، سعيد نوح من مصر، محمد عبد الوكيل من اليمن، وميسون هادى من العراق. فى مقالات الدوحة يكتب د. مرزوق بشير "أدب النفط وأدب اللانفط"، ويتساءل خوان غويتيسولو "لماذا العالم العربي؟"، إبراهيم نويرى يكتب "فى حب العربية"، أما الطاهر بن جلون فتساءل فى مستهل مقاله "الكتابة والغرور" عن فائدة الجوائز الأدبية ووظيفتها. وفى موضوع الجوائز كذلك، تخصص الدوحة ملفا كاملا عن جوائز الأدب بعد ثورات العرب، يكتب فى الملف عبد الحق ميفرانى، فيصل دراج، أمجد ناصر فاطمة شرف الدين، محمد المخزنجى، فخرى صالح، د. مريم النعيمي، عبده وازن، سيد محمود، صدوق نور الدين، سناء عون، وسامى كمال الدين. كما يتضمن الملف حوارا أجراه عبد الودود العمران مع رئيس لجنة نوبل للآداب كيال إبسمارك، وفى الترجمة نقرأ "حادثة جسر البومة" قصة – أمبروس بيرس، و"الأميرة المضيئة" من أساطير اليابان، و"مصرع شاعر جوال" لفاكوندو كابرال. ومن جوبا أشرف الصباغ يكتب "جوبا.. أحلام ومخاوف" حول مستقبل جنوب السودان، ونقرأ أيضا فى ملف كامل، "هارى بوتر الأسطورة تكتمل" دعوة للتأمل فى الرقم "سبعة" الذى انتهت به سلسلة الكتب ودلالاته الميثولوجية فى كل الثقافات والأديان، هل هى مصادفة؟ أم كان النجاح صدفة؟، يكتب فى الملف إبراهيم العريس، عبد الرحمان محسن. وفى صفحة أماكنهم، يكتب على النويشى عن الفنان التشكيلى القطرى على حسن، الذى "يستطيع فى مرسمه أن يفعل كل شىء فى هذا العالم: أستطيع أن أكون ملكا ورئيس جمهورية"، وفى موضوع عن الفوتوغرافيا يكتب جمال جبران عن سؤال الجسد والمرأة اليمنية فى أعمال بشرى المتوكل. ومتابعة لقضية دومينيك ستروس المنافس الرئاسى المحتمل لفرنسا، يكتب المغربى محمد برادة من باريس قراءة ثقافية لفضائح جنسية. وفى متابعات متفرقة، مصادرة الروايات تثير غضب المثقفين فى السودان، وفى العراق، تقاعست الوزارة وتقدمت بائعة لدعم المسرح والكتاب فى الجزائر يريدون إسقاط رئيس الاتحاد. وفى المغرب عبد الله العروى يدعو الروائيين العرب إلى الاشتغال من داخل الأشكال التراثية.