من حق أى إنسان أن ينتمى إلى حزب أو جماعة أو جمعية مدنية، ومن حقه كذلك أن يمارس السياسة وينشغل بها، ومن حقه أن ينعزل عن الناس والمجتمع منشغلا بذاته منكفئا على همومه أو يكون مهتما بالشأن العام وهموم المجتمع ومضحيا فى سبيل ذلك بوقته وجهده، ومن حقه كذلك أن يبدى رأيه ويدافع وينافح عنه، وأن يدعو إلى ما يؤمن به من أفكار ومبادئ بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، وأن ينتقد الرأى الآخر ويعمل على إثبات خطئه بالحجة والمنطق والإقناع. تلك حقوق كفلها الدستور وكفلتها من قبل كل الشرائع السماوية والنظم السياسية الديمقراطية. ولا تكون هذه الممارسات أيا كان نوعها على حساب القيم والأخلاق والتقاليد والأعراف، فمن أراد أن يمارس السياسة أو الشأن العام فى هذا الطرف التاريخى يجب أن يكون صاحب أخلاق راقية ومنطق سليم، شعاره (رأيى صحيح يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب) وأن تكون عباراته التى يكتبها وألفاظه التى يتلفظ بها جديرة بهذه الثورة، ومواقفه التى يتبناها وتصوراته التى يطرحها لمستقبل هذا الوطن تنبع من إيمانه بضرورة الحفاظ على وحدة هذا الشعب، وليست منطلقة من مبدأ ميكافيلى (الغاية تبرر الوسيلة) هذا المبدأ الذى خرب عقول الكثير من المتصدرين المشهد العام بعد ثورة 25 يناير، حتى صار الحديث عن القيم والمبادئ والمثل والمرجعية الحاكمة للدولة والمستقبل الواحد والمشترك لأبناء هذا الشعب وضرورة العودة للعمل والإنتاج والبذل والعطاء نوعا من السفه ومبررا للاتهام بالسخف والتخلف واتهاما بالتخلى عن مبادئ وأهداف الثورة. إننا بحاجة لإعلان ميثاق شرف للأخلاق الحاكمة للمرحلة القادمة يكون إطارا ومرجعا للجميع أفرادا وجماعات، يحكم التصرفات، ويوجه الأفعال، ويضبط التوجهات والتحالفات لأنه لا ضمان لاستمرار نجاح هذه الثورة إلا بتمسك أفرادها بهذه الأخلاق. فالثورة لن تتحول إلى قوة جماعية عظيمة محكمة وفعالة فى الأمر الواقع إلا إذا ساعدتها جملة من الصفات الخلقية مثل توحيد الجهود والاتفاق على غاية مشتركة (فلنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه)، إدراك العواقب وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية، عودة الالتزام وسيادة القانون والإحساس بالمسئولية والتحكم فى العواطف والرغبات النفسية ونشر قيم العمل وزيادة الإنتاج، محاربة الشائعات ووأدها فى مهدها وعدم نشر الأكاذيب والأخبار المضللة وتفعيل ميثاق شرف للصحافة المقروءة والمرئية والمسموعة، نشر قيم الخير والإيجابية وبث روح الأمل والتفاؤل فى الغد والمستقبل، العدالة المنجزة بسرعة محاسبة الفاسدين وبلطجية الذعر والرعب لإشاعة الأمن والطمأنينة بين أفراد الشعب، الوقوف وراء الحكومة الحالية وتقبل تقصيرها فى بعض الجوانب فى المرحلة الحالية تفهما للظرف الحاضر للمرور من عنق الزجاجة. قد تكون الاقتراحات هذه نواة لميثاق أخلاق للثورة يمكن الاجتماع عليها من قبل الائتلافات المتعددة الموجودة على الساحة بجانب الأحزاب التى تأسست والتى فى طور التأسيس والتعامل معها كورقة عمل ننطلق من خلالها لنضع ميثاقا لثورتنا المجيدة البيضاء ليزداد البياض نصاعة وتنطلق مسيرة الثورة نحو النجاح وتحقيق الأهداف والغاية التى قامت من أجلها وهى مستقبل أفضل وغد مشرق.