المدارس الخاصة تجبر أولياء الأمور على الاشتراك في الباص.. والتعليم تعلق    19 شهيداً بينهم أطفال بقصف مدرسة تؤوي نازحين في غزة    بدر عبدالعاطي يلتقي وزير خارجية الجزائر    الخطيب: احتفالات الأهلي ستتوقف بعد الخروج من الملعب.. وأشكر الجماهير العظيمة    أحوال الطقس في مصر.. تعرف على أبرز التقلبات الجوية    تفاصيل مأساوية وراء وفاة نجل المطرب إسماعيل الليثي    حقيقة تأجيل الدراسة في أسوان بسبب الحالة المرضية    تفاصيل صادمة في سقوط نجل مطرب شهير من الطابق ال10.. ما القصة؟    متحدث الحكومة: الجزء المتبقى من الأدوية الناقصة بسيط جدًا.. والأزمة تنتهي خلال شهر    فحص 515 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    الاتحاد الأوروبي: القضية الفلسطينية عادت للطاولة بعد أحداث 7 أكتوبر    استرداد 159فدانا من أراضي الدولة بأبي قرقاص    حزب المؤتمر: منتدى شباب العالم منصة دولية رائدة لتمكين الشباب    موسم شتوي كامل العدد بفنادق الغردقة.. «ألمانيا والتشيك» في المقدمة    "علم الأجنة وتقنيات الحقن المجهري" .. مؤتمر علمي بنقابة المعلمين بالدقهلية    اكتمال عدد المشاركين بورشة المخرج علي بدرخان ب«الإسكندرية السينمائي»    فيلم 1/2 فيتو يثير الجدل بعد عرضه في مهرجان الغردقة لسينما الشباب بدورته الثانية    فصائل فلسطينية: استهداف منزلين بداخلهما عدد من الجنود الإسرائيليين ب4 قذائف    الأزهر للفتوى: الإلحاد أصبح شبه ظاهرة وهذه أسبابه    تعرف على أهداف منتدى شباب العالم وأهم محاوره    ستيفان دوجاريك: جوتيريش يحذر من أي تصعيد يهدد باتساع الصراع بدارفور    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    تدشين أول مجلس استشاري تكنولوجي للصناعة والصحة    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    أول ظهور لأحمد سعد مع زوجته علياء بسيوني بعد عودتهما    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    شروط التحويل بين الكليات بعد غلق باب تقليل الاغتراب    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    ندوات توعوية فى مجمعات الخدمات الحكومية بقرى حياة كريمة في الأقصر.. صور    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    صلاح يستهدف بورنموث ضمن ضحايا ال10 أهداف.. سبقه 5 أساطير    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدتى وأمى وأنا
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 07 - 2019

إنها المرأة التى تزوجت غريباً عن بلدها وارتحلت معه لقريته الصغيرة لتكون زوجته الثالثة فى زمن كان زواج الرجال المتعدد مقبولاً.. لتستوطن هناك.. وتنجب أبناءها الثمانية (إمبراطورية سين) فى بداية أربعينيات القرن الماضى..
كانت امرأة قوية لدرجة أن بيوت جدى كانت تسمى باسمه إلا بيتها كان يسمى بيت المصرية (فى زمن كانت التقاليد تمحو اثر كل تاء تأنيث)... إلا جدتى.
كانت امرأة حداثة... لها صور بكلبها اللولو وثوب السباحة ذو القطعة الواحدة فى جمصة (إذ كانت مصيفاً ملكياً آن ذاك) كانت تكتب تحت اسم مستعار فى جريدة بنت الشاطئ وقيل مصر الفتاة (لم أجد دليلاً فى مصر الفتاة بعد).

قرر ذلك الغريب الذى تزوجته ان يكمل مسيرة زوجاته فتزوج الرابعة ذات الثامنة عشر عاما... و لم يحسب حساب امرأة كبرياءها يعلو فوق زمن الرجال.... و اصرت على الطلاق. و كان لها.
وقرر أبو الأبناء الغريب أن يكسر كبرياءها فى أبنائها.. فحاول تحطيمها كثيراً بإهمالهم وتركهم..
لكنها شدت على أسرهم وأصرت على تعليمهم... وزرعت فى كل منهم كبرياءً صعباً...
إلى آن الأوان وكان الغريب على فراش الموت، فطلب أن يراها... لا نعلم أكان باحثاً عن صك غفران، أو كما قيل كان لا يزال يحبها..

لكن جدتى... تلك المصرية..... أم الأبناء الثمانية... رفضت أن تزوره، كما قيل لى: هى اعتبرته قد مات يوم فضل عليها امرأة أخرى.
أمى:
تركت منزل والدها فى السادسة عشرة لتعيش فى بيت المصرية مع زوجها وابن عمها.. ذلك الرجل الذى زرعت فيه أمه حب بلدها... وأهلها.... ولغتهم.... وعاداتهم.... فكان نصفه المصرى يطغى على كل شيء فى حياته: فى زاوية الأرابيسك فى مجلس رجاله.. فى سفره كل عام مرة أو اثنين ( لبلد الأخوال) لصلة رحمه معهم.....
هذا الرجل الذى حاول أباه أن يرد ألمه من المصرية فيه و فى اخوته.
دخلت حياةً مع رجلاً كان خليطاً بين الطيبة والجنون... على قدر حنيته وحبه لها... إلا أن غضبه كان تسونامياً الوصف.....

لم تنجب لمدة 5 أعوام، فى بلدة إن لم تحمل المرأة فيها بعد شهر يردوها لأهلها أو يتزوج عليها.... لكن هذا الرجل أحبها لدرجة لم يرتض غيرها امرأة... إلى أن أنجبت الأول والثانى والثالث حتى طفلتها التاسعة....
لقد علمت ذات السادسة عشرة منذ أول لحظة أنها أمام طفل كبير... ورث كبرياء يعلو السماء.... فلم يكن رجلاً ينفع معه لا عند ولا جفاء ولا حتى رد المثل بالمثل كبرياء.
أصبح احتواؤها له أماً وأختاً وصديقاً وأباً.. هى مستشاره الأول والأخير... سلمها مفاتيح ثقته كاملة....
أصبحت القرية الصغيرة دائما تتغنى بصبر أمى واحتوائها... وحبه لها.

أما أنا:
من تنتمى لجيل سمى بالتسعينات (رغم أن كل مواليده فى السبعينيات والثمانينات).
أنا من جيل عاش زمن الانتقال:
من عالمٍ يدور بالازرار إلى عالم يدور باللمس....
من عالم الأسرة المجتمعة حول تلفاز واحد، إلى عالم الشاشات المتناثرة فى أرجاء المنزل.
من عالم رسائل الحب الورقية، إلى عالم ال text و ال Whatsapp, و ال messenger.
من عالمٍ كانت المرأة تدور فى فلك بيتها.... لعالم تخرج به للنور بكل قوة و عنفوان.....
وبين فترة انتقالية عالمية وبين كبرياء عالٍ من جدة حاضرة حتى فى كتاباتى.... وبين أمٍ عرفت بفطرة المرأة أن قوتها تكمن فى ضعف الانثى..... أجدنى تائهة بينى و بين هذه و تلك.....
أجد كبرياءً لا مهرب منه حتى حين أتمنى الهروب....
وأجد ضعفاً يرهق قلبى..... فنحن فى زمن شعاره ليس القوة فقط.... بل القوة والجبروت.



يحيرنى السؤال
أين نحن الثلاثة على حق؟
حين أفكر فى جدتى: أكان من الممكن أن تتغير حياتها لو تنازلت قليلاً؟
وحين أفكر فى أمى: أكان من الممكن أن لا أولد أنا وأشقائى لو كانت قوية أكثر وأقل ذكاءً؟
أجدنى أنا وكل نساء جيلى فينا الخليط بين جدتى وأمى.... ففينا عنفوان وكبرياء وطلب للحرية (سليمة الفطرة) وفينا احتياج ونداء وطلب للسند.... فينا قوة الجبال، وضعف طفل رضيع..... فينا كبرياء السيدة المصرية التى ارتحلت لعالم جديد فى الأربيعنيات.... وفينا ضعف امرأة صغيرة فهمت عالمها على حقيقته وهى فى السادسة عشرة....
فنساء عالم ما بعد الانتقال جميلات.... ذوات كبرياء.... ذوات حاجة.... ذوات قدرة.... وذوات ضعف.... إنهن البيانو الذى قال عنه يوسف السباعى ليس بيده موسيقاه.... بل المايسترو العازف عليه هو المسئول عن أما أجمل ألحانه أو أشذ أصواته.

على الله تفهموا.



هند ابو سليم
الحنين الى الماضى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.