احتشد الآلاف من الأردنيين فى منطقة "الشونة" الجنوبية، المحاذية للحدود الأردنية الإسرائيلية، أمس الجمعة، وذلك لإحياء ذكرى "النكبة" الفلسطينية، التى تصادف 15 مايو من كل عام، وسط دعوات منددة ورافضة لكل من ينادى بالوطن البديل، وإسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وأوضحت شبكة CNN الإخبارية، أنّ الآلاف من مختلف محافظات المملكة؛ زحفوا باتجاه بلدة "الكرامة"، من خلال تسيير مئات الحافلات، والتى تجمهر ركابها فى مهرجان حمل شعار "مسيرة العودة.. ولا للوطن البديل"، فيما شهدت العاصمة، عمان، خروج مسيرتين للتضامن مع القضية الفلسطينية، إحداهما فى وسط البلد، والأخرى فى شارع الجامعة الأردنية. وأعلنت النقابات المهنية الأردنية، والحركة الإسلامية، وعدد من أحزاب المعارضة، عن تنظيم مهرجان الكرامة، للتذكير بحق العودة والتمسك به مع الترحيب بالمصالحة الفلسطينية ودعوتها إلى الالتزام باتفاقها. ووجه المحتشدون، الذين رفعوا لافتات "الشعب يريد تحرير فلسطين"، صرخاتهم إلى تل أبيب، خلال تواجدهم فى المهرجان الذى يطل على جبال مدينة القدس، بالقول: "63 عاماً من عمر النكبة، والعودة أصبحت أقرب". وأطلق المنظمون البالونات التى تحمل ألوان علم فلسطين فى السماء، ووجهوها نحو الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، كما رسم المئات من الأطفال المشاركين، خارطة فلسطين على وجوههم. ونقلت CNN عن ممثل الحركة الإسلامية فى المهرجان، القيادى، حمزة منصور، قوله إن توافد الآلاف إلى موقع المهرجان، وبما يمثل أطياف العشائر والشيوخ وحرائر الأردن والأردنيين، ما هو إلا دليل على "التمسك بحق عودة اللاجئين"، مضيفاً بالقول: "إنه خير رد على من يسعى إلى تمزيق العرب إلى عربين". وأضاف منصور: "وجودنا هنا فى الكنف المتقدم من أكناف بيت المقدس، حيث نعاين مآذن القدس، ومرتفعات نابلس، وعلى مقربة من نهر الأردن، هو تأكيد على أن الأردن سيبقى أرض الحشد، ومنطلق التحرير، ولن تفلح معاهدة وادى عربة، ولا الآلة العسكرية لإسرائيل، والدعم الغربى غير المحدود فى مصادرة حقنا فى التحرير والعودة، وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس". كما دعا منصور، من جهته، قادة حركتى حماس وفتح، إلى الالتزام باتفاق المصالحة، الذى تم التوقيع عليه فى القاهرة مؤخراً، مع الحفاظ على "حق المقاومة الكاملة"، مرحباً فى الوقت ذاته بالمصالحة. وتصادف خطابات المهرجان حول حق العودة، فى ذكرى النكبة، متزامنة مع الثورات التى يشهدها العالم العربى. وقدرت جهات منظمة للمهرجان أعداد المشاركين بما يزيد على 10 آلاف مشارك، يمثلون 150 جهة، وأحزاب سياسية، وفعاليات شعبية، وجمعيات، من تيارات سياسية إسلامية، ويسارية، وقومية. واتشح المشاركون بالكوفيات الفلسطينية السوداء، كما رفع البعض منهم نماذج ل"مفاتيح قديمة"، تعبيراً عن التأكيد على حق العودة إلى الديار التى هجروا منها. من جهته، قال ممثل النقابات المهنية الأردنية، الدكتور محمد عبابنة: "نحن نقف اليوم هنا لننحاز إلى جانب فلسطين التاريخية.. وهذا الكيان (إسرائيل) الذى قتل وشرد أهلنا ودمر بيوتنا وشتت شملنا، لن نعترف به، ولن نسلم له، مهما طال الزمن، ومهما حاول عملاؤه، ومعهم أمريكا، سنبقى نؤمن بأن فلسطين لنا، والقدس لنا، ويافا وعكا لنا، ولن نسلم الراية، ولن نعترف بإسرائيل". وتعانقت الأعلام الفلسطينية والأردنية، فيما وقع المشاركون على لوحة جدارية من القماش، تتضمن تعهدهم بالتمسك بحق العودة، مدونين أسماء بلداتهم التى هجروا منها عام 1948. وقالت هديل البلبيسى، مشاركة فى المهرجان: "جئت اليوم للمشاركة فى المهرجان، للتأكيد على تمسكى بحق العودة، رغم أننى لم أزر فلسطين يوماً، أو البلدة التى هجر منها أجدادى فى عنبتا". وأضافت البلبيسى: "حق العودة حق مقدس، وأى حديث عن وطن بديل للفلسطينيين فى الشتات، هو أمر غير قابل للتفاوض، ولا يمكن التنازل عنه". وتقدر نسبة الأردنيين من أصول فلسطينية فى الأردن، حسب النسب المعلنة، بنحو 48%، يحمل غالبيتهم الجنسية الأردنية. وأشارت CNN إلى أنّ تدابير أمنية إضافية؛ تم اتخاذها لتسهيل حركة عبور الحافلات إلى منطقة الكرامة فى الشونة، ولم يلاحظ تسجيل أية احتكاكات مع تواجد أمنى تنظيمى لحركة السير. ومن المقرر أن تنطلق المجموعة اليوم، السبت، بمشاركة ناشطين أتراك، فى حين لم تتعرض فعالياتها إلى أية مضايقات أو محاولات منع من قوات الأمن الأردنية، التى تواجدت فى الموقع بشكل أقل من المتوقع. يأتى الحراك الشعبى الداعم لحق عودة الفلسطينيين إلى مناطقهم التى جرى تهجيرهم منها، بعد أسابيع من التهدئة، التى أطلقتها قوى المعارضة، للمطالبة بالإصلاح السياسى فى البلاد، فيما من المتوقع أن تستأنف تلك القوى حراكها خلال الأسابيع المقبلة.