نسبها ونشأتها هى صَفِيَّة بِنت حيَى بنِ أَخطب بنِ سَعيةَ، أُم المُؤْمِنِيْنَ مِن سِبطِ اللاَّوِى بن نبى الله إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم –عليهم السلام– ثم من ذرية نبى الله هارون –عليه السلام-. وحيى بن أخطب، كان يومئذ سيد اليهود، وهو من بنى النضير. تروى صفية بنت حيى فتقول: لم يكن أحد من أبى وعمى أحب إليهما منى، لم ألقهما فى ولد لهما قط أهش إلا أخذانى دونه، فلما قدم رسول صلى الله عليه وسلم قباء - قرية بنى عمرو بن عوف - غدا إليه أبى وعمى أبو ياسر بن أخطب مغلسين، فو الله ما جاآنا إلا مع مغيب الشمس. فجاآنا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فو الله ما نظر إلى واحد منهما، فسمعت عمى أبا ياسر يقول لأبى: أهو هو؟ قال: نعم والله! قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال نعم والله! قال: فماذا فى نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت. وقد تزوجها قبل إسلامها، سَلاَمُ بنُ أَبِى الحقيقِ، ثم خلف عليها: كِنَانَة بن أَبِى الحقيقِ, وكانا من شعراء اليهود. زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بنى النضير من المدينة، فذهب عامتهم إلى خيبر، وفيهم حيى بن أخطب، وبنو أبى الحقيق، وكانوا ذوى أموال وشرف فى قومهم، وكانت صفية إذ ذاك طفلة دون البلوغ. ثم لما تأهلت للتزويج تزوجها سلام بن أبى حقيق، ثم خلف عليها كنانة بن أبى حقيق، فلما زفت إليه وأدخلت إليه بنى بها، ومضت على ذلك ليالى، رأت فى منامها كأن قمر السماء قد سقط فى حجرها، فقصت رؤياها على ابن عمها فلطم وجهها وقال: أتتمنين ملك يثرب أن يصير بعلك؟ فما كان إلا مجىء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصاره إياهم، فكانت صفية فى جملة السبى وقد قتل زوجها وكانت عروساً. عن أنس بن مالك قال: جمع السبى - يعنى: بخيبر - فجاء دحية فقال: يا رسول الله أعطنى جارية من السبى، قال: ((اذهب فخذ جارية)) فأخذ صفية بنت حيى، فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبى الله أعطيت دحية، قال يعقوب: صفية بنت حيى سيدة قريظة والنضير ما تصلح إلا لك. قال: ((ادعوا بها)) فلما نظر إليها النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((خذ جارية من السبى غيرها))، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوجها. فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس، ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها. أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يُبنى عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولحم، وما كان فيها إلا أن أمر بلالاً بالأنطاع فبسطت، فألقى عليها التمر والأقط والسمن، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهى إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهى مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطأ لها خلفه، ومد الحجاب. يروى أنس يقول: ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم يحوى لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب. وأخرج بن سعد عن الواقدى بأسانيد له فى قصة خيبر قال: لم يخرج الرسول صلى الله عليه و سلم من خيبر حتى طهرت صفية من حيضها فحملها وراءه فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها فأبت عليه فوجد فى نفسه فلما كان بالصهباء وهى على بريد من خيبر نزل بها هناك فمشطتها أم سليم وعطرتها قالت أم سنان الأسلمية وكانت من أضوأ ما يكون من النساء فدخل على أهله فلما أصبح سألتها عما قال لها فقالت قال لى ما حملك على الإمتناع من النزول أولا فقلت خشيت عليك من قرب اليهود فزادها ذلك عنده صفية فى بيت النبوة عن عطاء بن يسار قال لما قدمت صفية من خيبر أنزلت فى بيت لحارثة بن النعمان فسمع نساء الأنصار فجئن ينظرن إلى جمالها وجاءت عائشة متنقبة فلما خرجت خرج النبى صلى الله عليه وسلم على أثرها فقال كيف رأيت يا عائشة قالت رأيت يهودية فقال لا تقولى ذلك فإنها أسلمت وحسن إسلامها عن كنانة مولى صفية أن صفية رضى الله عنها قالت : دخل على النبى صلى الله عليه وسلم وقد بلغنى عن عائشة وحفصة كلام فذكرت له ذلك، فقال ألا قلت وكيف تكونان خيرا منى وزوجى محمد وأبى هارون وعمى موسى وكان بلغها أنهما قالتا نحن أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم منها نحن أزواجه وبنات عمه عن صفية بنت حيى : أن النبى صلى الله عليه و سلم- حج بنسائه، فبرك بصفية جملها؛ فبكتو جاء رسول الله – صلى الله عليه و سلم – لما أخبروه, فجعل يمسح دموعها بيده ، و هى تبكى , و هو ينهاها. فنزل رسول الله – صلى الله عليه و سلم - بالناس؛ فلما كان عند الرَّوَاحِ، قال لزينب بنت جحش: (أَفْقِرِى أُخْتَكِ جَمَلاً) – و كانت من أكثرهن ظهرا -. فقالت: أَنَا أُفْقِرُ يَهُوْدِيَّتَكَ! فغضب صلى الله عليه و سلم- فلم يكلمها حتى رجع الى المدينة، وَمُحَرَّمَ، وَصَفَرَ؛ فلم يأتها , و لم يقسم لها، و يئست منه. فلما كان ربيع الأول دخل عليها؛ فَلَمَّا رَأَتْهُ، قالت : يا رسول الله , ما أصنع؟ قال : و كانت لها جارية تَخْبَؤُهَا من رسول الله فقالت : هى لك. قَالَ: فَمَشَى النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سَرِيْرِهَا، وَكَانَ قَدْ رُفِعَ، فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ، وَرَضِى عَنْ أَهْلِهِ. عن زيد بن أسلم قال اجتمع نساء النبى صلى الله عليه وسلم فى مرضه الذى توفى فيه واجتمع إليه نساؤه فقالت صفية بنت حيى إنى والله يا نبى الله لوددت أن الذى بك بى فغمزن أزواجه ببصرهن فقال مضمضن فقلن من أى شيء فقال من تغامزكن بها والله إنها لصادقة من مواقفها فى الإسلام كانت صفية عاقلة حليمة فاضلة روت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و يروى أن جارية لها أتت عمر فقالت إن صفية تحب السبت وتصل اليهود فبعث إليها فسألها عن ذلك فقالت أما السبت فإنى لم أحبه منذ أبدلنى الله به الجمعة وأما اليهود فإن لى فيهم رحما فأنا أصلها ثم قالت للجارية ما حملك على هذا قالت الشيطان قالت اذهبى فأنت حرة عن كنانة مولى صفية قال قدمت بصفية بغلة لترد عن عثمان فلفينا الأشتر فضرب وجه البغلة فقالت ردونى لا يفضحنى، قال ثم وضعت خشبا بين منزلها ومنزل عثمان فكانت تنقل إليه الطعام والماء. وفاتها من حديث أمية بنت أبى قيس الغفارية قالت أنا إحدى النسوة اللاتى زففن صفية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول ما بلغت سبعة عشر يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفيت صفية سنة اثنتين وخمسين فى خلافة معاوية و قبرها بالبقيع