بعيدا عن السخرية التى أضحكتنا جميعا، والتى ملأت صفحات الشبكات الاجتماعية ( فيس بوك – تويتر- يوتيوب) والقنوات الفضائية والصحافة الورقية، حول اعتزام جماعة الإخوان المسلمين إنشاء فرق رياضية وفنية ونقابات عمالية خاصة بها، وتكوين صفحات ساخرة سواء عن طريق شباب الإخوان أنفسهم أو المناوئين لهم، دعونا ندخل فى الجد للناقش الموضوع بطريقة جادة تكشف الجد من الهزل، وتعطى كل ذى حق حقه. الموضوع لم يكن ليستحق كل هذه السخرية، والفزع لولا أنه مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، التى كانت الفزاعة الجاهزة دوما فى عهد النظام السابق، والتى استمرت كذلك فى العهد الجديد خصوصا بعد أن ظهرت الجماعة كأقوى تنظيم سياسى ودينى فى البلاد فى ظل تفتت وتهافت القوى الأخرى. دعونا نذكر بأن جمعيات كبرى تشبه الإخوان المسلمين تماما مثل جمعية الشبان المسلمين وجمعية الشبان المسيحيين لديها بالفعل فى الوقت الحالى فرقا رياضية مختلفة، ولديها فرق كرة قدم شاركت فى دورى الدرجة الثانية وكادت أن تصل فى بعض المرات إلى دورى الدرجة الأولى. وللأجيال الجديدة وللذين لم يطالعوا تاريخ الإخوان، نذكر أيضا أن الجماعة أنشأت عام 1944 إدارة للفرق الرياضية، وبلغ التعاون بين شعب الإخوان والهيئات الرياضية الحكومية حد اختيار منطقة وسط الدلتا للمعارف لنادى الإخوان فى طنطا ليكون مقرا لنشاط المدرب العام للمنطقة، كما اختار اتحاد الملاكمة نادى الإخوان فى طنطا ليكون مقرا لمنطقة الغربية للملاكمة. خذ عندك هذه المعلومات المثيرة أيضا والتى استقيتها من مصادر إخوانية كان للإخوان 99 فرقة كرة قدم منها 36 فى القاهرة وحدها 32 فرقة لكرة السلة و28 فرقة لتنس الطاولة و19 فرقة لرفع الأثقال و16 فرقة للملاكمة و9 فرق للمصارعة و8 فرق للسباحة تم تسجيل فريق منتخب القاهرة للإخوان فى الاتحاد المصرى لكرة القدم. كان للإخوان 16 فرقة للملاكمة، وكان الأخ عبد العزيز أحمد: بطل الإسكندرية فى الملاكمة، وهو الذى فاز على أنطونيو بولو بطل اليونان. كما كان أحد الإخوان وهو عرفة السيد من إخوان بورسعيد بطل مصر فى الملاكمة. كان للإخوان 8 فرق للسباحة يشرف عليها السباح العالمى عضو الإخوان حسن عبد الرحيم. اشترك الإخوان فى مسابقات الدراجات داخل القطر وخارجه، وفاز الإخوانى محمد مصطفى اللورى ببطولة فلسطين والشرق الأوسط. كان أحد الإخوان ويدعى محمود عبد الكريم بطل العالم فى الأسكواش، واحتفظ ببطولة لعبة الإسكواش راكيت العالمية أربع سنوات متتابعة مما لم ينجح فيه غيره فخلف بذلك زميله المصرى عبد الفتاح عمرو على عرش البطولة العالمية. أما المجال الفنى فحدث ولا حرج، فقد حرص الإخوان على ولوج هذا الميدان مبكرا، وخصص مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا شقيقه عبد الرحمن البنا للإشراف على النشاط المسرحي، وتعاون الإخوان واحتضنوا عددا من الفنانين الكبار أمثال عبد المنعم إبراهيم وعبد المنعم مدبولى وإبراهيم الشامى ومحمد السبع، وكان للإخوان فرقا مسرحية فى القاهرة وبعض الأقاليم، وفى التسعينات نشط الإخوان فنيا من خلال بعض الفرق المسرحية التى أنشئوها والتى قدمت أعمالا مسرحية على مسرح المتحدين الذى تمتلكه نقابة المهندسين وكانت تؤجره من قبل لفرقة الفنانين المتحدين، كما أنشا الإخوان فى كل حى تقريبا فرقة فنية لإحياء الأفراح ، قدمت الغناء والاسكتشات والفوازير مع الالتزام بضوابط الشرع، ولكن الكثير من هذه الفرق توارى نتيجة الضربات المنية والملاحقة وانشغال أعضائها بأمور أخرى، ولم يحترف منها إلا القليل الذى لايزال صامدا حتى الآن. وأتذكر أن الجماعة سعت فى أواخر التسعينات لشراء سينما الشرق الكائنة فى منطقة السيدة زينب، لكن الصفقة لم تتم، واستأجرت فرق الإخوان مسرح فيصل ندا لتقديم بعض الأعمال أيضا، شهدت الآونة الأخيرة تسابقا إخوانيا لتأسيس شركات إنتاج فنى وإن كان أغلبها يعمل فى مجال الأفلام التسجيلية والقصيرة. أخيرا فيما يخص إنشاء نقابات عمالية إخوانية، فالواضح أن من نشروا الخبر لا يفهمون الدعوة إلى إنشاء نقابات مستقلة، وهى دعوة تتبناها القوى الليبرالية واليسارية منذ عهد مبارك، وقد نجح بعضهم فى تأسيس أول نقابة مستقلة وهى نقابة العاملين فى الضرائب العقارية التى يرأسها النقابى الناصرى كمال أبو عيطة، ونقابة المعلمين المستقلة أيضا، وهناك توجه رسمى للسماح بالتعددية النقابة يتبناه وزير القوى العاملة الحالى الدكتور أحمد البرعى والذى يريد رفع اسم مصر من القائمة السوداء فى منظمة العمل الدولية بسبب رفضها التعددية النقابية، ما يعد انتهاكا لاتفاقية الحريات النقابية العالمية التى وقعت عليها مصر وأصبحت جزءا من قانونها الداخلى، وبالتالى فان دعوة القيادات العمالية الإخوانية لإنشاء نقابات عمالية مستقلة ليس بدعا من القول، وقد أكد القيادى العمالى الإخوانى أن الإخوان لا يسعون لتأسيس نقابات خاصة بهم، لكنهم يشجعون العمال على تأسيس نقابات مستقلة بعيدة عن هيمنة الإتحاد الرسمى الذى كان تابعا للنظام على مدى الأعوام الستين الماضية، والذى لم يشهد أى انتخابات حرة. مرة أخرى وأخيرة، أعتقد أن سبب الفزع والسخرية معا هو ارتباط هذه المسائل بالإخوان لا غير.
