ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على صدر صفحتها الرئيسية أن الانتفاضات الشعبية التى عصفت بالعالم العربى فى الآونة الأخيرة باتت تمثل تحديا حقيقيا ومتناميا لتركيا، تلك الدولة ذات الاقتصاد الرائج، وأصبحت تهدد تأثيرها السياسى الوليد فى المنطقة بعد أن كاد يتبوأ مكانة بارزة كوسيط قوى، وتؤثر على سياستها المعروفة بعدم السماح للمشكلات بالتفاقم على طول حدودها. ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إن تركيا ظهرت خلال الأعوام القليلة الماضية كأكثر قوى الشرق الأوسط ديناميكية، غير أن أسابيع من مباحثات الدبلوماسية الأمريكية فى ليبيا على ما يبدو انهارت يوم الاثنين الماضى بمطالبة رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوجان الزعيم الليبى، معمر القذافى بالتنحى عن مقاليد السلطة. ورأت "نيويورك تايمز" أن سوريا أغلب الظن ستواجه نفس المصير، لاسيما بعدما شن الرئيس السورى، بشار الأسد حملة قمع قاسية بعد تعهده الشخصى للزعماء الأتراك بأنه سيعمل على إحلال الإصلاحات فى البلاد. أما فى العراق، فتخشى تركيا من انعدام قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار البلاد فى الوقت التى تستأنف فيه الولاياتالمتحدة انسحابها العسكرى، فضلا عن أن لبنان، التى تستطيع تركيا التواصل مع كل من حزب الله وخصومه هناك، لا تزال بلا حكومة بعد أربعة أشهر من الجمود. وأضافت الصحيفة أن تركيا كانت العامل المحفز فى أعادة ترتيب الأوضاع فى الشرق الأوسط برعايتها لسياسة خارجية مستقلة فى كثير من الأحيان عن الولاياتالمتحدة فى منطقة لا يوازى فيها أى بلد مكانة تركيا البارزة. ولكن هذا كان قبل الربيع العربى الذى هبت رياحه لتنظيف الشرق الأوسط. ورأت أن هذه الاضطرابات فى الدول المجاورة لها تقوض أعوام من الاستثمار الدبلوماسى والاقتصادى، الأمر الذى يجبر تركيا على القيام بدور أكثر حزما فيما يتعلق برؤيتها لكيفية مواجهة التكامل الاقتصادى لعدم الاستقرار.