مبنى فخم مقام على مساحة 80 متراً مربعاً، يتكون من فناء خارجى أرضيته من الرخام المستورد، وبه حجرة وقاعة استقبال تضم ثلاثة أنتريهات جلد أمريكية الصنع، بجوارها وضع صالون أثرى مذهب يعود إلى عصر محمد على باشا، وفرشت أرضيتها بسجاد أحمر إيرانى، وجدرانها غطت بالرخام الطارد للذباب، بالإضافة إلى عدة قطع أثاث مستوردة من باريس، وتليفون دولى، وكاميرات مراقبة، علاوة على حمام كسيت جدرانه بالبورسلين الأسود. ذلك ليس قصرا من بنات أحلامنا، أو منتجعا لأحد أصحاب الحظوة أو الفخامة والسمو، وليس تصوراً لمنزل يحلم أحد الأثرياء ببنائه أو الإقامة فيه؛ إنما هو قبر الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، والذى أعدته له أسرته، وتكلف حوالى 15 مليون جنيه، بحسب ما أكده الإعلامى أحمد المسلمانى ببرنامجه "الطبعة الأولى" بفضائية دريم، نقلا عن الكاتب الكبير أحمد رجب بصحيفة الأخبار.. نقلا عن موقع مصراوى. ولكن السؤال الذى يفرض نفسه الآن: هل مقبرة مبارك الفخمة المترفة ستنجيه من عذاب أليم وضمة القبر وظلمته ووحشته؟ يقول النبى صلى الله عليه وسلم: "القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار". ويقول العلماء: النار عذابها شديد، ولفحها أليم، وفيها من الأهوال وألوان العذاب ما يجعل الإنسان يبذل فى سبيل الخلاص منها حياته ونفائس ماله وأقربائه والناس أجمعين. يقول الله عز وجل: "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم ومالهم من ناصرين" (سورة آل عمران9) "إن الذين كفروا لو أن لهم ما فى الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم" (سورة المائدة 36)، "يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التى تؤويه ومن فى الأرض جميعا ثم ينجيه" (سورة المعارج 11-14) وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ فى النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب لحظات قليلة فى العذاب تنسى أكثر الكفار نعيما فى الدنيا كل أوقات السعادة والهناء، فما بالك بمن يخلد فيها أبداً ويذوق ألوان العذاب". وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما فى الأرض من شىء كنت تفتدى به؟ فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من هذا، وأنت فى صلب آدم أن لا تشرك بى شيئاً، فأبيت إلا أن تشرك بى".. وطبعا المقصود فى الآية ليس الذين كفروا فقط بل الذين سرقوا، والذين نهبوا والذين ارتشوا والذين قتلوا والذين خانوا أوطانهم. إن مسئولينا الأشاوس مازالوا يتعاملون بمنطق الكفار الذين كانوا يضعون الطعام والشراب للميت، ويدفنونه فى مقابر وثيرة ويلفونه بالحرير ويلبسونه الحلى والذهب اعتقادا منهم بأن ميتهم سيحيا فى العالم الآخر نفس حياته فى الدنيا، ويمارس نفس أعماله، وهكذا أعتقد الرئيس السابق وأعوانه أنهم سيحكمون المصريين فى الآخرة كما حكموهم فى الدنيا، وأن الموت لن يفرق بينهم وبين السلطة، متناسين أن العمل الصالح هو ما يسعد الإنسان فى قبره، ولكن هل تغنى هذه المقابر عنهم من الله شيئا؟