ربما يتفق الكثيرون ممن شاركوا فى ثورة 25 يناير ومروا بميدان التحرير، وميادين مصر على دور صلاح جاهين فى تشكيل الذائقة الوجدانية لجيل الثورة بأكمله من شباب ورجال ونساء وشعراء وفقراء وعمال وفلاحين، لم يغب جاهين عن أحداث الثورة، بل كان أحد أهم المبشرين بها. صلاح جاهين (1930-1986) الذى تمر الذكرى الخامسة والعشرين على وفاته اليوم، يقول: قتلوه من التعذيب وقالوا انتحر فكرت لحظة وقلت آه يا غجر لو جنسكم سبناه يعيش فى الحياة اللى انتحر.. راح يبقى جنس البشر! ما أن تسمع أو تقرأ هذه الرباعية إلا وترى صورة الشهيد خالد سعيد؛ الذى كانت حادثة اغتياله سببًا كبيرًا فى اندلاع هذه الثورة المجيدة، ودعت صفحته "كلنا خالد سعيد" على الموقع الاجتماعى الشهير "الفيس بوك" للخروج إلى ميادين مصر، يقول "جاهين" عن هذا الخروج العظيم: الفجر طالع مين يحوشه من الطلوع ويا شعب يا ممنوع يا ويل من يمنعك الله معك.. الله معك.. الله معك. ولأن قمع الحريات حجر الزاوية فى تأسيس جدارية الثورة، كانت "جمعة الغضب" التى رأها "جاهين" من نافذة التاريخ فقال: الشعب قام يسأل على حقوقه والثورة زى النبض فى عروقه اللى النهارده يحققه ويرضاه هوّ اللى بكره، بهمته، يفوقه.. وحينما لبىَّ الشعب النداء، وقرر "مش هانمشى هو يمشى"، كان صوت "جاهين" عاليًا فى ميدان التحرير: احكم يا شعب.. احكم يا شعب وخد بنفسك مكانك الأمر صعب.. والنهى صعب إمسك بيدّك ميزانك احكم وقول يا بلادى كونى سعيدة عيشى فى أيام مجيدة واحكم يا شعب.. والشعب الذى قرر ونهى، وأمسك بميزان حكمه، فخلع رئيسًا ظل قابعًا على صدره ما يقرب من ثلاثين عامًا فى الحادى عشر من فبراير لعام 2011 قال "جاهين" عنه: ح نعيش ونشوف مصر سعيدة نعيش ونشوف دنيا جديدة وكفاحنا يكون بكرة قصيدة توصف أيام ثورة مجيدة. ويصور "جاهين" فرحة الشعب المصرى وخلعه ل"مبارك" ليلة الجمعة، فيقول عنها: كرباج سعادة وقلبى منه انجلد رمح كأنه حصان ولف البلد ورجع لى نص الليل وسألنى ليه خجلان تقول أنك سعيد يا ولد؟. وفى الصباح، خرج الشارع المصرى لينظف الميادين، ويجمل الشوارع، ليرسم بيديه مصر التى يحلم بها، فيصورها "جاهين": طال انتظارى للربيع يرجع والجو يدفا والزهور تطلع عاد الربيع عارم عرمرم شباب إيه اللى خلانى ابتديت أفزع؟.