انتقدت مجلة فورين بوليسى التعديلات الدستورية التى تتم فى مصر مؤخرا، وقالت إن ما أجرى من تعديل لبعض مواد الدستور لا يقدم ما يكفى لتقليص السلطات الرئاسية التى مكنت النظام الاستبدادى السابق على مدار 30 عاما. واتهمت المجلة الأمريكية الجيش المصرى بمصادرة الثورة، مشيرة إلى أن هذه التعديلات التى تمت من أعلى لأسفل فى غضون 10 أيام، أجريت دون مشاركة شعبية واسعة. كما أن اللجنة لم تقترب إلى العديد من المميزات الأكثر إشكالية للنظام القديم. فلقد فشلت اللجنة فى مواجهة السؤال الجوهرى بشأن وجوب إبقاء مصر على النظام الرئاسى الذى مكن ماضيها الاستبدادى أم ينبغى أن يتخذ الدستور الجديد النمط الأوروبى للديمقراطية البرلمانية؟ ورغم استبعادها وصولهم للحكم، تتوقع المجلة أن يحصل مرشح الإخوان المسلمين على 20 أو 25% من الأصوات إذا ما أجريت إنتخابات رئاسية مبكرة. فيما ستأتى أحزاب المعارضة العلمانية خلف الإخوان فى الجولة الأولى من التصويت. وعند هذه النقطة، تضيف المجلة، فإن الجيش يميل إلى التدخل لمنع سيطرة الإسلاميين على البلاد. وحتى إذا ما نأى الجيش بنفسه بعيدا عن الأمر وسمح بجولة الإعادة، فإن مصير الإخوان المسلمين سيتوقف على الاستئناف الانتخابى للمرشح العلمانى. ورغم إعلان الإخوان عدم التقدم بمرشح للانتخابات الرئاسية القادمة، إلا أن المجلة الأمريكية تؤكد أنه بمجرد الإنتهاء من الإصلاحات، فإن الجماعة الإسلامية سيكون لها حق طرح مرشحها بحصولها على 30 ألف توقيع من 15 محافظة مصرية. وحتى لو التزمت بتصريحاتها فإنها ستعمل كصانع قادة من خلال دعم مرشح مستقل يتبنى دعم أهدافها. وترى أن النظام البرلمانى يمكنه الإستجابة للإسلاميين بطريقة بناءه أكثر. فحتى لو فاز الإخوان بربع التصويت، فإن ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان ستكون من نصيب منافسين أكثر علمانية. ومن ثم سيكونون فى موضع جيد لتكون إئتلاف حكومى دون مساعدة من الإخوان المسلمين. وزعمت المجلة أن تضمين بعض الإسلاميين فى الحكومة، سيدفعهم لإعتدال أهدافهم بسبب الحاجة إلى الدعم العلمانى. فبينما سيخلق النظام البرلمانى بعض التوترات السياسية فى إدارة المناصب الوزارية إلا أنها لا تقارن بالأزمات الحادة التى قد تتولد عن النظام الرئاسى. وتتابع إذا ما أجبر العلمانيون على المنافسة فى نظام رئاسى، فإنهم سيتوحدون وراء مرشح واحد لحرمان جماعة الإخوان المسلمين من تحقيق نصر حاسم. ولكن حتى لو نجحت هذه الاستراتيجية، فإنها ستحرم العلمانيين من فترة تشتد فيها الحاجة إلى التجارب الديمقراطية. فبعد القمع المنهجى الذى تعرض له العلمانيين على يد نظام مبارك، باتوا فى حاجة إلى مساحة واسعة لتشكيل أحزاب سياسية متنافسة. وتؤكد فورين بوليسى أن نظام التعددية الحزبية البرلمانية يعبر عن حقيقة أساسية بأن المصريين بدأوا للتو مناقشة خياراتهم السياسية وأن إستمرار المنافسة بين قادة مختلفين هى إستجابة صحية إلى الحرية. وهو النظام الأنسب كى لا تضطر القوى العلمانية لاختيار زعيم واحد فى ظل غياب القيادة عن الثورة المصرية. فالنظام البرلمانى يعمل على تعزيز قيادة التحالف وليس عبادة القيادة، بما يمكن أحزاب الائتلاف المختلفة للوصول إلى قطاعات مختلفة من المجتمع المصرى. وإذا ما افتقدت الحكومة الائتلافية الأولى للتأييد الشعبى، فسيتعين سحب الثقة منها لتحل أخرى مكانها وهذا بالتأكيد أفضل بكثير من إحتمال وجود رئيس لا يحظى بشعبية يناضل من أجل الحفاظ على سلطته. وتختم المجلة الأمريكية قائلة إن الدستور ليس دواء لكل داء، فإن وجود قيادة ديمقراطية حكيمة ومواطنة أهم كثيرا، واصفة اقتراح القيادة العسكرية بشأن إجراء استفتاء على التعديلات الدستورية بأنه تضليل للنقاش، فإذا ما كانت القيادة المصرية الحالية جادة حقا بشأن إقامة ديمقراطية نابضة بالحياة، فعليها التحرك سريعا نحو نظام التعددية الحزبى البرلمانى.