اعتبر ستيفين كوك الباحث الأمريكى المتخصص فى شئون الشرق الأوسط، أن إعلان الرئيس مبارك أنه لن يترشح لفترة رئاسية جديدة يعنى أن عهده قد وصل على نهاية مخزية، فرغم أن الجيش المصرى ربما يجد مخرجاً مشرفاً نسبياً له، إلا أن الإرث التاريخى لمبارك سيتم تلوينه بالتأكيد بكل العوامل التى أدت إلى سقوطه: الاغتراب السياسى والتفكك الاقتصادى والفساد والتراجع الحاد لنفوذ مصر الإقليمى، وبعد الفوضى التى شهدها الأسبوع الماضى، فإن مزاعمه بأنه جلب الاستقرار لمصر لن تبقى. ويضيف الباحث بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية فى مقاله الذى يتحدث فيه عن "الانفصال بين مصر وأمريكا"، إنه مع ذلك، فإن بذور زوال مبارك قد زرعت منذ فترة طويلة، على الرغم من أنه جاء إلى السلطة بوعود إصلاحية وتعهد بعدم السعى لفترة رئاسية أخرى، إلا أنه سرعان ما افتتن بالسلطة والرئاسة، ورأى نفسه كشخص لا غنى عنه لمستقبل مصر، وبنى دائرة ضيقة وصغيرة من المؤيدين له من بينهم كبار رجال الأعمال والشرطة والجيش واعتمد على القوة والتهديد بالعنف لإبقاء سيطرته على الشعب. ويرى الكاتب، أن الولاياتالمتحدة لم تكن مسئولة عن الظلم التى نجم عن حكم مبارك، لكنها تمكنت من الاستفادة منه، فقد كان مبارك دوما رجل واشنطن فى القاهرة، وفى المقابل قدمت له الولاياتالمتحدة الكثير من معونات اقتصادية وتكنولوجيا زراعية وبرامج للصحة العامة، ورغم أن المساعدات الأمريكية ساعدت فى تنحية مصر، إلا أنها قوضت الشرعية الوطنية للنظام، وبعد كل شىء، فكيف يمكن لمبارك أن يباهى بفخر المصريين وقدرتهم فى الوقت الذى تواجد فيه العديد من موظفى هيئة المعونة الأمريكية فى الكثير من الوزارات الحكومية. ويمضى كوك فى القول، إن مبارك واجه موقفين متناقضين أثناء حكمه، إما أن يكون رجل واشنطن، أو رجل الشعب، لكن ليس الأمرين معاً، فاختار الحل الأول وحاول ملء الفجوة الشرعية الناجمة بالتلاعب والقوة، ومن ثم فلم يكن مدهشاً أن العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر تدار مثل سلك حى من خلال المعارضة الشعبية لحكم مبارك. وانتهى الباحث إلى القول إن أى زعيم مصرى آخر لم يكرر خطأ مبارك مجدداً، وهو الذى لا يبشر بالخير بالنسبة لواشنطن وموقفها فى الشرق الأوسط، وفى الأيام القادمة، سينتقد المحللون وصناع السياسة فى الولاياتالمتحدة بصوت عالٍ السياسة الأمريكية على مدار العقود الماضية، ولن يركز هذا النقاش على معرفة من أضاع مصر، فقد أصبح مبارك مكروهاً فى الولاياتالمتحدة فيما عدا القلة المتبقية من أنصاره.