فيما ينشغل معظم اللبنانيين برصد أخبار الثورة المصرية، يتابع الرئيس المكلف نجيب ميقاتى مساعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية، متسلحا بأسلوبه الهادئ ومخزونه من الصبر فى محاولته تدوير زوايا التناقضات الحادة بين طروحات الأكثرية الجديدة وفريق 14 آذار. وبينما واصل ميقاتى لقاءاته مع رموز 14 آذار، وكان آخرها أمس مع الوزير بطرس حرب، بدا أن الأكثرية السابقة قد رمت الكرة فى ملعب الرئيس المكلف، بعدما تقاطعت مواقفها على ربط المشاركة فى الحكومة بطبيعة الإجابة التى سيقدمها ميقاتى عن "أسئلتها" حول كيفية تناول البيان الوزارى نقطتى المحكمة الدولية وسلاح المقاومة. فى حين قال قائد القوات اللبنانية سمير جعجع إن "الأكثرية الجديدة تعنى بالنسبة إلينا عهد الوصاية"، مؤكدا أن "القوات" و"الكتائب" لن يشاركا إذا امتنع تيار المستقبل، توقفت أوساط ميقاتى أمام كلامه عن "عودة الوصاية" فرأت فيه غمزاً من موقع ميقاتى ووسطيته وحياده ومسعاه لإشراك كل الأطراف السياسية فى الحكومة، إلا أنها أكدت أن أى موقف لن يثنى الرئيس المكلف عن مواصلة الحوار مع "قوى 14 آذار" للتوصل إلى قواسم مشتركة تسهم فى تشكيل الحكومة، لكنها لفتت الانتباه إلى أنه لن ينتظر طويلا. فى هذه الأثناء، قال الوزير حرب ل "السفير" بعد لقائه ميقاتى، إن البحث تناول إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية، لافتا الانتباه إلى أنه لمس رغبة صادقة لدى الرئيس المكلف فى هذا الاتجاه، "لكن شعورى أن صعوبات كبرى تعترضه لأنه يواجه شروطاً قاسية وضغوطاً شديدة من الفريق الذى رشحه، لا من قوى 14 آذار التى قررت إعطاء فرصة لمساعى الرئيس المكلف، إنما ليس على حساب مبادئها". وأوضح أن فريق 14 آذار مستعد للمشاركة فى الحكومة، على قاعدة "الانطلاق من البيان الوزارى السابق الذى لحظ إجماعا حول المحكمة الدولية مع تسجيل تحفظنا عن البند المتعلق بالسلاح"، معتبر أن العودة إلى هذا البيان قد تشكل إطارا ملائما لحكومة الوحدة الوطنية. من جهتها، شددت كتلة "المستقبل" النيابية بعد اجتماعها، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، على تمسكها ب"المذكرة الأسئلة التى تقدمت بها إلى الرئيس المكلف والمتعلقة بجملة من الثوابت التى تم التوافق على الالتزام بها، خصوصا أن الرئيس ميقاتى كان فى الانتخابات النيابية الأخيرة من ضمن تحالف انتخابى مع تيار المستقبل، وفق برنامج معلن أدى إلى فوزه بثقة الناخبين، ما يُلزمه مبدئيا بما انتخب على أساسه". واعتبرت أن البنود التى تضمنتها المذكرة "جاءت تلخيصا دقيقا لجوهر ما أجمع عليه اللبنانيون على طاولة الحوار"، مشيرة إلى أنها "تنتظر موقفا واضحا من الرئيس المكلف كى تبنى موقفها مع حلفائها على أساسه وترسم حدود التعاطى مع ما هو آت".