حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    سعر الريال السعودي اليوم في البنك الأهلي عقب ارتفاعه الأخير مقابل الجنيه المصري    ميدو يكشف كواليس مثيرة بشأن رفض نجم بيراميدز الانتقال إلى الزمالك    غارة إسرائيلية جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت    خرجت عن السيطرة، وسائل إعلام أمريكية تكشف المستور بين الولايات المتحدة وإسرائيل    مصادر بالمركزي: انتظام خدمة إنستاباي بعد إصلاح عطل بسيط في السيستم    بالأدلة، وكيل القندوسي يدافع عن تصريحات اللاعب ضد الأهلي    مدير سيراميكا عن – مفاوضات الزمالك مع أحمد رمضان.. وتفضيل عرض بيراميدز على الأبيض ل أوجولا    "شكوى ستؤدي لإيقاف القيد".. مصدر يكشف ليلا كورة خطوة جديدة من أشيمبونج ضد الزمالك    وفاة جورج قرداحي في القصف الإسرائيلي على لبنان.. ما حقيقة الأمر؟    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    قصف إسرائيلي على غزة يسفر عن استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة آخرين    آخر تطورات الوضع في لبنان.. استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية وتجمعات جنود الاحتلال    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    عطل يصيب خدمات تحويل الأموال ل"إنستاباي وفودافون واتصالات" عبر الموبايل    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    ميدو: تصريحات القندوسي غير منضبطة وتحرك الأهلي «هايل»    ميدو: عدم الاستعانة ب سام مرسي في المنتخب أمر غير منطقي    اندلاع حريق داخل مصنع بالمرج    فيسبوك ينفي شائعة "من زار بروفايلك" ويعلن عن تحديثات جديدة    حبس تشكيل عصابي متخصص في سرقة أسلاك الكهرباء واللوحات المعدنيه بالأأقصر    إجراء تحليل مخدرات لسائق أتوبيس تسبب في إصابة 8 أشخاص بالسلام    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    جثة على رصيف 10 بمحطة مصر.. والشرطة تحدد هويته    عمرو أديب: مشروع رأس الحكمة يوفر 750 الف فرصة عمل    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    «شكِّل حلمك».. أعمال فنية تدعو للسلام    دينا ريحان تمثل مصر في معرض "روسيا وأعضاء بريكس في بعد ثقافي" - (صور)    دعاء قبل صلاة الفجر لقضاء الحوائج.. ردده الآن    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    لبنان.. غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية بعد إنذار لإخلاء مبان في برج البراجنة    عبداللطيف: طه إسماعيل قام بالصلح بيني وبين محمد يوسف بعد إصابتي في سوبر 94    لمدة 5 أيام.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2024 وحقيقة تبكيرها (تفاصيل)    عز يرتفع من جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 5 أكتوبر 2024    المصرية للاتصالات: جاهزون لإطلاق خدمات شرائح المحمول eSim    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    هيغضب ويغير الموضوع.. 5 علامات تدل أن زوجك يكذب عليكي (تعرفي عليها)    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    الجيش الأمريكي: نفذنا 15 غارة جوية على أهداف مرتبطة بجماعة الحوثي اليمنية    إعلام إسرائيلي عن مسؤولين أمريكيين: يبدو أن الهجوم الإسرائيلي على إيران بات "وشيكا"    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    تناولت مادة غير معلومة.. طلب التحريات حول إصابة سيدة باشتباه تسمم بالصف    «هدوء ما قبل العاصفة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم حتى الخميس (تفاصيل)    المرصد السوري: انفجاران منفصلان يهزان مدينة تدمر بريف حمص الشرقي    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    تفاصيل الحلقة الأولى من "أسوياء" مع مصطفى حسني على ON    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان: ماذا بعد أبغض الحرام؟
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 01 - 2011

يقولون إن الانفصال (الطلاق) بين الرجل وزوجته هو أبغض الحلال عند الله، لكن الانفصال فى الدولة الواحدة بين الشمال والجنوب، يتحول إلى أبغض الحرام، فالانفصال المحتم بين جنوب السودان وشماله هو (حرام) فى الأساس، بل هو أبغض درجات الحرام، إن كان للحلال والحرام درجات، فماذا بعد انفصال الجنوب فى السودان؟
يتأهب الجنرال "سالفاكير ميارديت" ليكون رئيسا للجنوب المنفصل، وهو الشخص الذى يحكم قبضته على "الحركة الشعبية الجنوبية" التى تحتكر بدورها وتهيمن تماما على جهاز الحكم الذاتى للإقليم، والتى سوف تحكم "الدولة المستقلة" للوهلة الأولى قد يتخيل للبعض أن "الحركة الشعبية الجنوبية" تسيطر تماما على الإقليم، لكن واقع الأمر يؤكد أن الجنوب لم يزل يعيش حربا أهلية على السلطة بلغ عدد ضحاياها 2500 قتيل، فالحركة الشعبية هى الميليشيا العسكرية لقبيلة "الدينكا" تحت اسم "الجيش الشعبى" الذى استفز بقية القبائل المتصارعة مع قبيلة "الدينكا" وكما يقول أمين قمورية فإن القبائل تنشئ ميليشياتها المسلحة مثل قبيلة النوير وقبيلة الشلك التى تمثل مجتمعة الغالبية الساحقة من سكان الإقليم حيث تكمل النوير ثانى أكبر كتلة سكانية فى الجنوب وتقع فى أراضيها معظم حقول النفط المنتجة، وعلى رأس النوير زعيم متمرد بطبعه هو راياك ماشار، وهو يريد أن يكون الرجل الأول فى الجنوب بناء على نبوءة كاهن، وقد يتحالف لهذه الغاية مع المنشق الآخر على الحركة الشعبية الدكتور "لام اكول" زعيم قبيلة "الشلك" وربما يعيد "مشار واكول" سيناريو تحالف فى العام 1991 ضد مؤسس الحركة الشعبية "جون قرنق"، وهناك من نادى بتسمية الإقليم الجنوبى المنفصل باسم "أرض كوش" وهى بالطبع تسمية توراتية يهودية لها دلالات لا تخفى على أحد حيث "مملكة كوش" تنسب إلى "كوش بن حام بن نوح" واتخذت هذا الاسم إبان تتويج "كاشتا" أول ملوك الأسرة الخامسة والعشرين النوبية الذى غزا وضم مصر، لكن "مملكة كوش" تأثرت ثقافيا، اقتصاديا، سياسيا وعسكريا بالإمبراطورية المصرية الفرعونية الواقعة فى الشمال.
كما أن هذه الممالك الكوشية تنافست بقوة مع تلك التى فى مصر، وبعد الانفصال سوف تتقلص مساحة السودان وسوف تتضاءل الإمكانات الاقتصادية، وسوف أنقل هنا ما قاله أمين قمورية بالحرف الواحد فى الكفاح العربى: ستتراجع سيطرة العرب على مقدراتهم المائية والزراعية، وسيواجه السودان متاعب ستنعكس سلباً على الوطن العربى ككل، وقد تدخله فى دوامة من الصراعات التى تمس مصر وغيرها من دول الجوار العربية، والانفصال وإن بدا حلاً ديمقراطياً لمعضلة خلقتها الدول الاستعمارية على قاعدة تقرير المصير لشعب جنوب السودان، إلا أنها خطوة لم تحسبها القيادة السودانية جيداً، وكان من الأفضل لو شاركت كل القوى والأحزاب السودانية فى اتخاذ هذا القرار المصيرى، وتمثل مشكلة تقسيم عائدات النفط وما تستتبعه من ترسيم بعض الحدود، خصوصا تلك التى تزخر بحقول النفط، صداعًا فى رأس الحكومة السودانية، والمعروف أن نحو 70 أو 80% من نفط السودان، يأتى من حقول جنوبية، خصوصا من حقل مدينة أبيى، وهى منطقة تعتبر محور النزاع بين الشمال والجنوب من دون إيجاد حل لها، وتتوزّع الصادرات النفطية إلى 60% من الجنوب و40% من الشمال.
وإذا كان الجنوب يملك غالبية حقول النفط، فإن الشمال يمتاز بأمرين، هما امتلاكه للمِصفاة الوحيدة لتكرير النفط بالسودان، والميزة الثانية، أن خطوط تصدير النفط السودانى تتِم عن طريق ميناء بورسودان، ومشكلة الجنوب، إنها منطقة مقفلة وليست لها أبواب على البحر، ومِن ثم، فإن الطريق الوحيد أمامها لتصدير النفط، إنشاء خط جديد خاص به، ولا يمكنه ذلك على أرض الواقع، إلا عن طريق كينيا، وهى فكرة ستكلفه الكثير وسترفع تكلفة الإنتاج، وتاليا، فليس أمامها غير التفاهم مع الشمال فى تقسيم العائدات، كما أنه يفتقد الكوادر الفنية الخبيرة فى إدارة ملف البترول، ويعتقد بعض الخبراء الشماليين أنه سيتم تقسيم عائدات الصادرات النفطية مناصفة، أى 50% لكل من الشمال والجنوب.
بينما يرى خبراء ومسئولون جنوبيون أن النفط حق مُكتسب للجنوب، وليس للشمال فيه نصيب، وصحيح أن العائدات النفطية تشكل نسبة عالية من الدخل القومى السودانى العام تعادل ال60%، إلا أن ثمة مبالغة فى تقدير الثروة النفطية السودانية إذ لا شىء يؤكد ما يتردد عن أن هذا البلد يعوم على بحيرة نفط، وحاليا لا يتجاوز إنتاج النفط النصف مليون برميل يوميا وهو متدنى الجودة، وليس من المنتظر أن يزيد الإنتاج بعد الانفصال، ما لم يتم السعى لاكتشاف حقول جديدة، وعدا عن مشكلة أبيى التى لم تسوَّ الأمور فى شأنها بعد، والتى قد تكون سببا لخلاف جديد بين الشمال والجنوب، إلا أن النفط على الأرجح قد يكون سببا للتقارب بين الدولتين أقله فى الفترة الأولى، وإذا كان هناك من يهلل لهذا الانفصال البغيض بدعوى "تقرير المصير" فإنه سوف يرى صراعا مريرا بين الجنوب والجنوب وبين الشمال والشمال وبين الجنوب والشمال، فسوف يبقى الصراع قائما ما دامت الأطماع الأمريكية الإسرائيلية باقية.
كاتب وروائى مصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.