◄◄ عماد جاد: «الموساد» ليس عبقرياًً.. وفشل الأطراف الأخرى فى مواجهة الجاسوسية هو السبب الرئيسى ◄◄ سيف اليزل: الفكرة موجودة فى عقلية صانعى القرار الإسرائيليين منذ الإعلان عن دولتهم «قالت إنها تحاول اختراق مصر بعملائها، وتعهدت أنها ستفتت السودان وتجعله دويلات بمساعدة الحركات الانفصالية بالجنوب السودانى، والآن الجنوب يتجه نحو الانفصال، وعقدت العزم على إعداد شبكة تجسس ضخمة فى لبنان، وبسط سيطرتها الكاملة على قطاع الاتصالات فى هذه البلد، وبالفعل تم الإعلان مؤخراً بالقبض على أكبر شبكة تجسس إسرائيلية فى بيروت، وتوعدت بقتل العلماء النوويين فى طهران، ومراقبة البرنامج النووى الإيرانى، وتم الإعلان فى طهران خلال شهر واحد عن مقتل 3 علماء هم من خيرة العلماء الإيرانيين، وتمكنت بالفعل من مراقبة البرنامج النووى، وأرسلت إليه أخطر أنواع الفيروسات الإلكترونية أخرته لعدة سنوات للوراء».. تلك هى المؤامرة الإسرائيلية على مصر ودول الشرق الأوسط منذ قديم الأزل، ولم يصدقها الكثيرون منا، إلى أن تحولت إلى حقيقة واضحة بدأت خيوطها تنكشف يوما تلو الآخر، خاصة فى الفترة الأخيرة. المؤامرة الإسرائيلية على مصر والمنطقة التى لم نصدقها، رغم أننا رأيناها تتحقق واحدة تلو الأخرى، حملتها تصريحات عاموس يادلين، رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية «أمان» سابقا، خلال مراسم تسليم مهامه لخلفه الجنرال أفيف كوخافى، والتى كشف فيها- ربما عن قصد- ملامح المخططات الإسرائيلية لتفتيت الدول العربية من الداخل حينما قال: «لقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ومنقسمة إلى أكثر من شطر فى سبيل تعميق حالة زعزعة الاستقرار داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، لكى يعجز أى نظام يأتى بعد الرئيس مبارك عن معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى مصر». وقدم يادلين، الذى كان أحد المرشحين لرئاسة الموساد خلفاً للجنرال مائير داجان صورة تفصيلية لعمل المخابرات العسكرية الإسرائيلية فى فترة رئاسته داخل أراضى عدد من الدول العربية مثل مصر والسودان وسوريا ولبنان، بدور إسرائيلى واسع فى مساعدة الحركات الانفصالية بالجنوب السودانى، قائلاً: «لقد أنجزنا خلال السنوات الأربع والنصف الماضية كل المهام التى أوكلت إلينا واستكملنا العديد من التى بدأ بها الذين سبقونا، أنجزنا عملاً عظيماً للغاية فى السودان، نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية فى جنوبه، ودربنا العديد منها، وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجيستية لمساعدتهم، ونشرنا هناك فى الجنوب ودارفور شبكات رائعة قادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية، ونشرف حالياً على تنظيم الحركة الشعبية هناك، وشكلنا لها جهازاً أمنياً استخبارياً». وعلى صعيد العمل الاستخبارى الإسرائيلى فى الأراضى اللبنانية، قال يادلين: «لقد أعدنا صياغة عدد كبير من شبكات التجسس لصالحنا فى لبنان، وشكلنا العشرات مؤخراً وصرفنا من الخدمة العشرات أيضاً، وكان الأهم هو بسط كامل سيطرتنا على قطاع الاتصالات فى هذا البلد، المورد المعلوماتى الذى أفادنا إلى الحد الذى لم نكن نتوقعه، كما أعدنا تأهيل عناصر أمنية داخل لبنان من رجال ميليشيات كانت على علاقة مع دولتنا منذ السبعينيات إلى أن نجحت وبإدارتنا فى العديد من عمليات الاغتيال والتفجير ضد أعدائنا فى لبنان، وأيضاً سجلت أعمالاً رائعة فى إبعاد الاستخبارات والجيش السورى عن لبنان وفى حصار حزب الله». واعتبر يادلين أن عملية اغتيال القائد العسكرى اللبنانى عماد مغنية واحدة من أخطر العمليات التى قامت بها إسرائيل فى السنوات الأخيرة. وفيما يتعلق بقطاع غزة، قال يادلين: «أما حركة حماس فإن الضربات يجب أن تتلاحق عليها فى الداخل والخارج، فحماس خطر شديد علينا، لذلك من المفترض الانتهاء من إفشالها وتبديدها فى المدة المحددة بالبرنامج المقرر فى عمل جهازنا بكل دقة». تلك هى تفاصيل المؤامرة الإسرائيلية التى لم نصدقها أو ربما حاولنا ألا نصدقها رغم واقعيتها التى تتناسب مع الهدف الاسرائيلى بتفتيت الدول العربية، حتى تكون لهم القوة والسيطرة على الإقليم. وللأسف فتفاصيل المؤامرة موجودة منذ فترة مثلما قال اللواء سامح سيف اليزل، رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والإستراتيجية، موضحاً أن الموضوع برمته موجود بالفعل فى عقلية صانعى القرار الإسرائيليين منذ الإعلان عن قيام دولتهم فى عام 1948، معترضاً على لفظ «المؤامرة» بشكل عام، لكنه لم ينف وجود تفاصيل لهذه المؤامرة، خاصة على مصر بقوله: «إن تل أبيب تحاول حتى بعد توقيع اتفاقية السلام فى كامب ديفيد مع القاهرة زرع جواسيس لها لجلب أكبر قدر ممكن من المعلومات العسكرية أو السلمية، ومنها قضية الجاسوس الذى تم الكشف عنه مؤخراً، فهذه القضية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فى تاريخ التجسس الإسرائيلى على مصر»، كما أضاف سيف اليزل: «أصبحت عملية التجسس الإسرائيلى روتينية، وستستمر، ولا يمكن لها أن تتوقف سواء بسحب سفير أو غيره». وعما جاء فى تصريحات يادلين فيما يتعلق بالدور الإسرائيلى فى مساعدة الحركات الانفصالية بالجنوب السودانى، قال سيف اليزل إن تلك التحركات سواء فى الجنوب السودانى أو فى دول حوض النيل، خاصة دول المنبع قديمة ومعروفة أيضاً، مؤكداً أنه: «لولا الدعم العسكرى الإسرائيلى للجنوب سواء بتدريب قوات فى إسرائيل أو إرسال خبراء عسكريين ما كان صمد الجنوبيون فى حربهم ضد الشمال خلال الحرب الأهلية الأخيرة بينهم». وبالنسبة للبنان وعمليات الاختراق المستمرة له من جانب الموساد، أوضح سيف اليزل أن إسرائيل تولى اهتماما شديدا بهذا البلد بالذات، بجانب مصر وسوريا، لأنها دول حدودية وتربطها حدود مشتركة معها، وبالتالى تل أبيب تريد معرفة كل صغيرة وكبيرة فى لبنان وأدق التفاصيل. الدكتور عماد جاد، مدير وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قدم تبرير وتفسير آخر لبعض نجاحات الموساد فى العديد من الدول التى تراها إسرائيل من أشد أعدائها حتى لو كانت ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية، وهذا التفسير يرجع لأن الطرف الأخر يسهل اختراقه وليس على القدر الكافى لحماية نفسه، مشدداً على أن الموساد ليس بالجهاز العبقرى، ولا إسرائيل بالدولة التى لا تقهر، ولكن فشل الأطراف الأخرى فى مواجهة تلك العمليات هو السبب.