يا ريحُ لا تُزْعِجِى الرملَ الذى رَقدَا أو تُطْفِئِى دِفْءَ شوقٍ هَبَّ مُتَّقِدا
أو توقظى نحلةً نامتْ مُدَثَّرةً فى وَرْدةٍ أو تهُشِّى طيفَ من وَرَدَ
يا ريحُ لا تقْطُفى جُمَّيْزَةً بِفتاةٍ : حقْلُها كم أحَبَّ القاطفَ الولَدَ
القصيدة فى عتْمةِ الليلِ الطويلِ يقدِّسون الشمسَ فى وطنى / يقولون : النبىُّ غداً سيخرجُ من ضياءِ الشمسِ يقتلُ ما تبقَّى من ظلامْ . الشمسُ فى وطنى نبىٌّ لم تجىءْ آياتُهُ حتى نصدِّقَ مايقولُ القائلونَ ولن تَجِى . الشمسُ ما كانت سوى حَجَرٍ يُجَرِّحُ فى وجوهِ الكادحينَ .. وزارعى الثمرِ الذى حصدتْهُ أيدى الريحِ كرهاً حين لم تترُكْ لهمْ شيئا بهِ وعيونُهمْ مِحْراثُ حقْلٍ إذْ يشُقُّونَ الحياةَ ليبحثوا عن عودِ قمْحٍ فى رُبَى الأوْطانِ مَنْسِىٍّ هناك لِيخبزوا بدَقِيقِهِ البالى رغيفاً لو مَجازاً يُؤْنِسون بطونَ صِبْيَتِهمْ فلا يجدونَ ثُمَّ الصمتُ يكفيهم رغيفاً حينما اخْتلستْ لصوصُ الرِّيحِ كلَّ شعيرِهمْ . الشمسُ ليست غيرَ كِبْريتٍ وكرهاً زيتُها قومٌ صعاليكٌ مساكينٌ أضاءوا الأرضَ من دمهِمْ هناكْ. وهى التى لَبِسَتْ قميصَ الدَّمِّ إذْ حاكَتْهُ من دمِهِمْ فكانوا زينةً لقميصِها ... وضياءَ أرضٍ .. أهلُها ما أنْصَفوا قوماً مساكيناً ولا اكْتنزتْ جيوبُ قلوبِهمْ يوماً نقوداً من حِيَادْ. أجدادُهمْ من قبل كم كانوا مصابيحاً أضاءوا ثُم راحوا يحملون الأرضَ فى صمْتٍ على أكْتافِهمْ من تحتِنا / يرْوُونَ من دمِهِمْ نخيلاً كى يصيروا تمْرةً للقاطفينْ . وعيالُهُمْ يبْنونَ مِلْءَ قُلُوبِهِمْ دوراً لِمَنْ يَأْوِِى / وأعشاشاً وصفْصافاً لطيْرٍ هَدَّهُ السَفَرُ الطويلْ . وعيونُهُمْ فى الفجرِ دِفْءُ العُشِّ إذْ مَسَّتْ أصابِعُهُ ارْتِجافَ الطّيرِِ من بَرْدٍ فزَقْزَقَ فى دِعَةْ . الشمسُ لم تُشْرقْ هنا يوماً ولكنْ وحْدَهُمْ كانوا مصابيحاً وزيتاً فى النهارِ وفى الدُّجى . الشمسُ ما كانتْ نبِيّا فى وبلادى والصعاليكُ المساكينُ الرسالةُ والنَّبِى