محافظ كفرالشيخ ومدير جمعية المحاربين القدماء يكرمان أسر الشهداء    هبوط سعر الريال السعودي بالبنوك في ختام تعاملات اليوم 30 سبتمبر    محافظ المنوفية يتابع آخر مستجدات منظومة التصالح على مخالفات البناء    برلمانية: هل سيتم مراعاة الدعم النقدي بما يتماشى مع زيادة أسعار السلع سنويًا والتضخم؟    نبيه بري: إسرائيل المسئولة عن الإطاحة بكل الجهود الرامية لوقف العدوان    الزمالك يرفض عرضًا صربيًا لرحيل سيف جعفر لهذا السبب    فان دايك: صلاح لديه الالتزام الذي يحتاجه ليفربول    التعليم تكشف حقيقة تعديل منهج العلوم المتكاملة    ننشر التحقيقات مع تشكيل عصابي من 10 أشخاص لسرقة السيارات وتقطيعها بالقاهرة    النيابة تستمع لأقوال مؤمن زكريا في واقعة السحر المزيفة    تعرف على تفاصيل حفل افتتاح الدورة السابعة من مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    100 يوم صحة.. تقديم 95 مليون خدمة طبية مجانية خلال شهرين    قافلة طبية مجانية بمركز سمالوط في محافظة المنيا    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة، لغداء شهي ومفيد    كم بلغت حصيلة ضحايا غارات إسرائيل على جنوب وشرق لبنان؟    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    سي إن إن: إسرائيل نفذت عمليات برية داخل لبنان    عاجل:- بنيامين نتنياهو يحرض الشعب الإيراني ويهاجم قيادته: "إسرائيل تقف إلى جانبكم"    مجلس النواب يبدأ دور الانعقاد الخامس والأخير و 5 ملفات ضمن الاجندة التشريعية    احتفالاً بذكرى انتصارات أكتوبر.. فتح جميع المتاحف والمسارح مجانًا للجمهور    "تريزيجيه في مواجهة رونالدو".. موعد مباراة النصر والريان والقناة الناقلة    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    خلال اجتماعه اليوم .. وزير التعليم العالي يوجه بتنفيذ الجامعات خطط الأنشطة الطلابية وزيادة المشاركة بمبادرة بداية    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    الأنبا سيداروس يترأس اللقاء الشهري لكهنة إيبارشية عزبة النخل    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غدا الثلاثاء 1 - 10 -2024    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    طالب يتهم لاعب كرة شهير وزوجته بالاعتداء عليه بالضرب بالتجمع    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    فصل نهائي لموظفين بشركات الكهرباء بسبب محاضر السرقات المكررة -تفاصيل    استمرار فعاليات المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان» بسوهاج    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    تفاصيل فعاليات مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية.. تنطلق غدا    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    الحكومة الإسرائيلية: إعادة سكان الشمال لمنازلهم تتطلب إبعاد حزب الله عن حدودنا    فلسطين.. العنوان الأبرز فى جوائز هيكل للصحافة    «أوقاف مطروح» تكرم 200 طفل من حفظة القرآن الكريم في مدينة النجيلة (صور)    محافظ الشرقية يُناشد المزارعين باستثمار المخلفات الزراعية.. اعرف التفاصيل    الإدارية العليا: وجوب قطع المرافق في البناء المخالف والتحفظ على الأدوات    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    تهدد حياتك.. احذر أعراض خطيرة تكشف انسداد القلب    بعد رسالة هيئة الدواء.. خدمة للمرضى لمعرفة "بدائل الأدوية"    تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عز» أدار الانتخابات بعقلية تاجر الحديد بلا نزاهة أو ابتكار
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 12 - 2010

◄◄ أمين التنظيم حوّل العلاقة الحزبية إلى نموذج لعلاقة الباشا الكبير بموظفيه الصغار قائمة على الطاعة
ركّز الخاسرون وبعض الناجحين فى الانتخابات التشريعية الأخيرة سهام غضبهم على أمين تنظيم الحزب الوطنى الديمقراطى، وحمّلوه مسؤولية إسقاط المعارضة وكثير من العناصر المحترمة فى الحزب الوطنى، ونشر البلطجة والعنف وشراء الأصوات، واعتبروه فشلَ فى إدارة انتخابات فيها حد أدنى من النزاهة نتيجة دخوله السياسة من عالم المال، ونتيجة قيادته لحزب فى السلطة، وبالتالى لم يعرف معنى- وربما ثمن- ممارسة العمل السياسى وهو خارج السلطة، وهو الأمر الذى يطرح سؤالين، الأول يتعلق بمشكلات حزب السلطة أو الدولة فى بلادنا، والثانى بعلاقة المال والسياسة فى مصر.
فيما يتعلق بالنقطة الأولى، فنحن أمام مشكلة تتجاوز أمين تنظيم الوطنى، وهى مشكلة حزب قرر الرئيس السادات أن يرى النور فى عام 1978، فهرول إليه كل أعضاء حزب مصر العربى الاشتراكى (حزب السلطة الآخر الذى اختفى من الوجود بجرة قلم من الرئيس الراحل)، وأصبح الحزب الوطنى هو حزب الحكومة الجديد، فضم رجال الإدارة والسياسة وأنصار الرئيس وأحباءه وربما منافقيه، فى مشهد يدل على أنك أكيد فى مصر.
وأدى اعتماد الحزب الوطنى على مؤسسات الدولة إلى انتقال الثقافة السياسية السائدة داخل أى مصلحة حكومية إلى بنيته الداخلية، وأصبحت الغالبية العظمى من أعضائه يتحركون بناء على أوامر إدارية، وصارت علاقاتهم بقادتهم الحزبيين مثل علاقة الموظفين برؤسائهم فى المصالح الحكومية أو الشركات الخاصة، والمطلوب منهم الانتظار على أبوابهم من أجل الحصول على استثناء أو خدمة فى ظل نظام غابت عنه أى معايير موضوعية للحراك المهنى والسياسى.
وصار الحزب مكتظاً بالمتكالبين على إيجاد مواقع لهم فى قوائمه الانتخابية وسلمه القيادى، ليس بسبب عبقرية قيادته، ولا بسبب خطة السياسى المقنع، إنما ببساطة لكونه «حزب الدولة» القادر على تقديم خدمات لأعضائه فى ظل غياب أى فرص حقيقية لتداول السلطة مع أى أحزاب أخرى، فضم تشكيلة متنوعة من كل ألوان الطيف السياسى وغير السياسى، وأعدادا هائلة من الأعضاء الراغبين فى الاستفادة من مؤسسات الدولة لحل بعض المشكلات الموجودة داخل دوائرهم الانتخابية أو مناطق نفوذهم، وبعضهم كانوا من المخلصين الذين استسهلوا فكرة الحل أو الإصلاح من خلال حزب الحكومة القادر على ضمان مقعدهم فى مجلس الشعب، أو مساعدة أبنائهم وأهل دائرتهم.
ولعل تحدى بناء حزب سياسى ولد فى أحضان السلطة ليس بالتحدى السهل، وكان يمكن أن يحاول الحزب الوطنى بقليل من الجهد والخيال على يد القيادة الجديدة أن يخرج من هذه الولادة المشوهة، وهو ما لم يحدث.
فمن المعروف أن حزب الحكومة أو السلطة قادر على جذب مئات الآلاف من العضوية الوهمية لمصلحة أو لحصانة أو حتى رغبة فى خدمة عامة، وترك عضويته المليونية تعيش وسط حالة من الفوضى والعشوائية والتخبط، رغم أنه يضم عقولا لامعة، استسلم كثير منها للأمر الواقع، ونست أو تناست أفكارها الإصلاحية أمام الرغبة الجامحة فى البقاء فى السلطة.
والحقيقة أن هذا الإرث يعرفه جيداً القادة الجدد فى الحزب الوطنى، ومع ذلك لم يحاولوا تغييره، وارتاحوا لفكرة حزب السلطة وعمّقوها، مع محاولة نقل طريقة إدارته من نمط إدارة المصالح الحكومية إلى الشركات الخاصة، وهو ما حاولوا فرضه أيضاً على الدولة المصرية حتى أصبحنا أمام مشكلة أخرى اسمها علاقة المال بالسياسة.
والمؤكد أن الصعود المفاجئ لأحمد عز فى عالم المال واحتكاره تجارة الحديد فى مصر، جعل انتقاله إلى السياسة لا تحكمه أى قواعد، وبصورة جعلت تعامله مع الاثنين كأنهما أمر واحد، فالجميع يعرف أخطاء «البيزنس» وخباياه فى بلد لا يخضع لمعايير الكفاءة والنزاهة والابتكار، إنما فى كثير من الأحيان لما هو عكس ذلك، وإذا افترضنا أن حالة عز لم يشب عملها التجارى أى شائبة، فإن العمل السياسى تظل له قواعد و«كود» يختلف عن مجال المال والأعمال، وهو ما لم يحاول أن يعرفه أو يتعلمه، لأنه ببساطة انطلق من نقطة رجل الأعمال الكبير ذى الثراء الفاحش والقوة المطلقة جعلته يتصور أنه يعرف فى كل شىء، وجعلت التواضع- ولو الشكلى- الموجود عند السياسيين غائباً عنه.
وحين تحدث الرجل منذ عدة أشهر فى مجلس الشعب المصرى عن القضية الفلسطينية، تعامل مع دور مصر بمنطق التجارة، وتحدث فى أشياء معنوية وثقافية بمنطق المكسب والخسارة، قائلاً: هل لو قامت الحرب ستدعم قطر التى وصلت إيراداتها السنوية إلى 100 مليار دولار مصر، وهل ستفعل السعودية ذلك والجزائر؟ وقال عز إن الحديث عن استضافة العرب لا خلاف عليها، لكن لو أراد العرب الحرب فعلى كل منهم أن يقدم جزءاً من عنده، ومصر ستكون رقم واحد ولكنها ليست الوحيدة.
وأضاف قائلاً: «إن المواطن الفلسطينى يجب أن يكون أول من يبكى على نفسه ونحن سنكون ثانى من يبكى عليه».
وهنا ربط دخول مصر فى أى حرب ضد إسرائيل بمن يدفع، والحقيقة أن الحروب لا تدخل فيها الدول لاعتبارات مالية، فهل لو تعرضت مصر لهجوم هل ستنتظر من يدفع لها حتى تدافع عن نفسها؟، بالتأكيد لا، وهل هناك عاقل يمكن أن يربط دور مصر فى دعم القضية الفلسطينية بالمال، أم بالدافع عن مصالح مصر والحيوية والإستراتيجية التى لا تقدر بمال، وأخيرا فإنه لا يوجد عاقل فى مصر- وبصرف النظر عن موضوع المال- يطالب الحكومة المصرية بمحاربة إسرائيل عسكريا لمصلحة حماس أو حزب الله، أو على حساب مصالحها الوطنية (التى هى أيضا لا تقدر بمال) إنما المطلوب هو دعم الشعب الفلسطينى بكل الوسائل السياسية والقانونية والإعلامية، لا أن نعايره بحاله ونقول له ابكِ على نفسك.
وقد امتد هذا الفهم التجارى إلى ماجرى فى الانتخابات الأخيرة، حين بدأ أمين التنظيم فى الحزب الوطنى باختراع نظام لم يعرفه أى نظام حزبى آخر فى الدنيا، فسمح ل800 مرشح من أعضائه بمواجهة بعضهم البعض، فيما عرف بالدوائر المفتوحة فى مشهد يدمر أبسط معانى الانتماء الحزبى البديهية، والمعروفة فى كل مكان فى العالم، وهو مقتبس من حياة المال والأعمال فى البلدان غير الديمقراطية التى تقوم على المنافسة المفتوحة التى لا يحكمها أى رابط، كما كرّس لنمط جديد من العلاقات الحزبية غير المسبوق أيضاً حين وضعها فى قالب شبيه بعلاقة «الباشا الكبير» صاحب الشركة، والموظف البسيط، حين فرض على مرشحى الحزب الوطنى التوقيع على عقود إذعان يستسلم فيها كل من قدّم أوراق ترشيحه لمجمع الحزب الانتخابى إلى أمين تنظيم الحزب أو أمين المحافظة، ويعلن فى توكيل رسمى فى الشهر العقارى أنه لن يترشح كمستقل فى مواجهة مرشحى الحزب الرسميين.
وهنا لم يهتم أمين التنظيم ببناء خبرة أخرى غير التى عرفها فى المال والتجارة، فلم يجتهد من أجل أن يربى أعضاءه وكوادره على أبجديات العمل السياسى والتنظيمى التى تقول إنه يجب احترام قرارات الحزب الذى آمنوا بفكره واختياراته حتى لو لم يخترهم كمرشحين فى الانتخابات، وما طبيعة هذا الحزب الذى يخشى أن ينقلب عليه أعضاؤه ويبيعوه فى ثانية لمجرد أنه لم يرشحهم فى انتخابات، وإذا كان يرتاب إلى هذه الدرجة فى أعضائه فماذا سيفعل مع الأحزاب الأخرى ومع عموم الناس؟.
إن ما فعله مع باقى الأحزاب ومع عموم الناس شاهدناه فى الانتخابات الأخيرة التى شهدت استئصالا ثأريا لرموز المعارضة كالتى رأيناها فى معارك كبار رجال الأعمال فى أوروبا بداية القرن العشرين، وغاب عنها الحد الأدنى من الفهم والحس السياسى لطبيعة المرحلة التى تمر بها مصر التى لابد أن تعتبر أن المعارضة جزءا أصيلا من شرعية النظام، وأن أعضاء ومرشحى ونواب الحزب الوطنى يجب أن تكون هناك معايير سياسية لاختيارهم، تعتمد على مهارتهم السياسية، وعلى فهمهم للأمور العامة والمحلية، وعلى الإيمان بفكرة أو رؤية أو تصور سياسى ما، وهذا يستدعى إعادة النظر فى كثير مما بناه أمين تنظيم الحزب الوطنى ومشروع الفكر الجديد، لأنه أفضل لمصر أن يتحول الحزب الوطنى إلى حزب طبيعى يحصل كما حصل فى انتخابات 2005 على 32%، ويصلح نفسه من داخله بتحول مشروع جمال مبارك وأحمد عز من مشروع توريث إلى مشروع سياسى يقبل بالتنافس بشكل حقيقى مع مشاريع سياسية أخرى من داخل الحزب وخارجه، ومن داخل الدولة وخارجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.