إن المخططات الإسرائيلية المنظمة لاحتلال الأراضى الفلسطينية وتهويد القدس الشريف والأماكن المقدسة داخل فلسطين تعود إلى بدايات القرن الماضى، حيث كان اليهود وبطرق ملتوية يعملون سراً وعلانية على شراء الأراضى الفلسطينية بالتنسيق والتآمر. ولا تنسى أن أساس وجودهم فى فلسطين كان بناءً على وعد منحهم إياه من لم يكن يمتلك الأرض من الأساس، وإنما كان يغتصبها أيضاً! وفى الوقت الذى عمل الصهاينة على شراء الأراضى بالترغيب والترهيب، كان هناك امتناع ورفض من جانب غالبية أبناء الشعب الفلسطينى، حيث كانت تصدر تحذيرات من رجال الدين والشرفاء بعدم السماح لليهود أن يتملكوا شبر أرض فى تلك الأراضى المقدسة، حتى إنهم أجبروا السلطان عبد الحميد بإصدار أوامره بعدم بيع الأراضى الفلسطينية لليهود، ولم يمض إلا وقت قليل حتى كانت الشركات العقارية الصهيونية تستولى على أفضل الأراضى الزراعية الخصبة وهكذا استولى اليهود على أرض فلسطين، كما كانت العصابات الصهيونية وعبر منظماتها الإرهابية السرية تقوم بأعمال القتل وارتكاب المجازر البشعة بهدف تهجير سكان الريف والمدن الفلسطينية بقوة السلاح للاستيلاء على أراضيهم بالقوة، وذلك شبيه إلى حد كبير بما يحدث الآن فى الوقت الراهن! لقد حدث الأمر برمته فى ظل ظروف قاسية كانت تعيشها الأمة العربية، حيث كانت الدول العربية تقع تحت الاستعمار الأوروبى المتحالف والمناصر للحركة الصهيونية، بل والذى سمح ودعم قيام دولة إسرائيل من الأساس، ومع هذا كانت هناك أصوات للشرفاء من أبناء هذه الأمة التى ترتفع كاشفة لخفايا المؤامرات التى تحاك حيال الأمة العربية فى ظلام دامس غارق فى الخيانة واللامبالاة تجاه مصائر الشعوب العربية، إن ما يجرى اليوم من محاولات صهيونية للاستيلاء على القدس وأعمال التهويد للمدينة المقدسة وما حولها بانتهاج سياسة هدم البيوت وجرف الأراضى الفلسطينية وطرد ساكنيها من الفلسطينيين وبكل الطرق غير القانونية القائمة على الاستبداد والقهر يكشف فى الواقع عن حجم تلك المخططات والمؤامرات الصهيونية التى بدأت منذ الماضى التليد. ومن هنا ينبغى على جامعة الدول العربية - إن كانت عربية حقاً ويهمها وحدة الأمة العربية وحماية أمنها القومى والدفاع عن مستقبلها والحفاظ على مقدساتها من الضياع أن تبادر إلى ممارسة دورها فى الدفاع عن الحق العربى فى فلسطين ومناصرة أبناء فلسطين الذين تركوا وحدهم فى مواجهة الموت والمجازر والطائرات والدبابات والجرافات الغاشمة. على الجامعة العربية أن تدرك أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وأن استعمال القوة لرد الحق لأصحابه يحتاج إلى إرادة حرة تنبع من ضمير الأمة وعلى الحكام العرب الذين يتولون شأن الأمة أن يبادروا إلى تجسيد مطالب الأمة العربية التى عانت كثيراً جراء الخنوع والاستسلام الذى لم تجن منه الأمة العربية إلا مزيدا من التمزق والضياع.