علمت الصحراء البدو الصبر، كما علمتهم الجبال القسوة وعلمهم الظلام الشجاعة، بينما علمهم الفقر حسن التصرف. والبدوى الذى يسكن فى جبال المغارة أو فى الصحراء القاحلة الجافة، أدرك ضرورة البحث عن بدائل للحياة وللمكان الذى لم يمنحهم أى شىء، ولم تجلب الطبيعة لهم سوى الجفاف. ومع ذلك جاء عدد من المستثمرين لوسط سيناء استغلوا ومازالوا يستغلون ثروات المنطقة من رمال والصخور، وما فيهما من خيرات ورخام، وحقق هؤلاء ثروات طائلة، بينما ازداد البدو فقراً وقهراً. فى مطلع التسعينيات بدأ الدكتور حسن راتب إنشاء أول مصانعه للأسمنت بوسط سيناء، استعان بالدولة من ناحية وبشيوخ البدو من ناحية أخرى، ليحقق ما أراد. لكن الآن تغيرت الأوضاع وخرج من البدو جيل جديد. ليس كالآباء والأجداد .. جيل تربى على التمرد ورفض الواقع والبحث عن تغيير أفضل منه خرج بعض مهربى المخدرات ومهربى الأجانب وقطاع الطرق، ما دام الهدف تغيير الواقع والبحث عن جلب المال. أسامة شاب بدوى يرى أن البدو ظلموا، بعد أن حموا سيناء طوال السنوات، وعندما ظهر الخير حصلت عليه قلة "تزداد ثرواتهم ونحن فقرنا يزيد" يقول أسامة : "أنا لا أشبه جدى ولا أبى ليس لى استعداد أن أقضى عمرى فى انتظار شيكارة دقيق كل شهر وبجوارى ثرواتنا تصدر للخارج ولا عائد علينا صدقنى.. أنا لا علاقة لى بمهربى الأجانب والمخدرات مع أننى مقتنع بما يقومون به من أجل توفير لقمة العيش... ناس تريد الوصول للحدود ليتم توصيلها بمقابل مادى حلال .. إذا مات هى مسئوليته، لأنه يعرف ذلك مقدماً. الشيخ محمد أبوعنقة من قبيلة الترابيين يرى أن ما يثار حول البدو كلاماً فارغاً، فالبدوى له عادات وتقاليد وأصول، لا يضر من هو بعيد عنه ولا يتعارك إلا مع من يتعارك معه أو سلب حقه، أو عندما يحاول الحصول على حق الإنسان مظلوم وهذا هو البدوى. يقول أسامة إن للبدوى حقاً فى وسط سيناء وله حق فى مياه النيل ومياه الشرب ومن حقه حياة كريمة، وإذا نال البدوى حقوقه ستنتهى كل الظواهر المرفوضة، ستنتهى ظاهرة خطف السيارات وظاهرة تهريب الأجانب والمخدرات. مشيراً إلى أهمية عدم تحميل البدو، المسئولية عن كل ما يحدث من مخالفات وجرائم، فهناك آخرون ليسوا من البدو يفعلون الأفاعيل وتنسب للبدو. تقدم عيد عطية سلامة عضو المجلس المحلى للمحافظة عن وسط سيناء بمقترحات لمنع الصدام بين المستثمرين و شباب البدو، مطالباً أن يقوم رجال الاستثمار بتنمية المجتمعات المحيطة من شتى النواحى على أن يتم تشغيل جميع شباب البدو بلا استثناء للقضاء على البطالة ثم بعد ذلك ستتغير الأمور، لأن حياة البادية صعبة، ليس بها سوى الصحراء فقط لا مياه منتظمة ولا زراعة، مجرد دقيق يوزع كل شهر وحتى الكمية "ما بتكفى". حسين شاب بدوى حاصل على دبلوم تجارة من منذ عام 1995 لا يعمل، عمل لمدة سنة فى خطة المحافظة ب 200 جنيه فى الشهر وهذا العام لم يعمل، يسأل حسين عن حجم الأموال التى حققها المستثمرون من استغلال موارد وسط سيناء وكم عاد على البدو؟ويجيب: لا شىء. ويقول إن البدوى عنيد ولابد من تغيير حياته للأفضل، ومع ذلك قلة هم الذين يرتكبون الأخطاء، لكنها قلة تسىء إلى تقاليد وعرف البدو. من جانبه قال النائب عبد الحليم سلمى عضو مجلس الشورى الذى عقد مؤتمراً لقبائل العريش فى مقره، للأسف فسر البعض مؤتمرنا على أنه ضد البدو وهذا أمر خطير، ونحن لسنا ضد البدو لكننا ضد الخارجين على القانون من البدو أو من "العرايشة"، نحن ضد من يخرج عن العرف والاحترام ومع ذلك المؤتمر أتى بثماره بدليل تكثيف الحملات الأمنية، وضبط كميات ضخمة من الأسلحة والسيارات غير المرخصة وبعض الخارجين على القانون.