◄◄الخوف لا يحتل مساحات كبيرة فى حياة رجال الأجهزة الأمنية ولكن بعضهم يسقط فى فخ نفسه البشرية فيخاف من الأماكن المرتفعة ومن البحر والفوضى نعلم تماماً أن الخوف هو اللفظ المحذوف بالضرورة من قاموس العاملين بالجهاز الأمنى، فهل يعقل أن يتمكن الخوف من قلب عسكرى أو ضابط شرطة؟ هل يعقل أن يخشى رجل الجهاز الأمنى تلك المخاطر التى تعتبر عادة يومية لا يمر يوم عليه دون أن يواجهها؟ وفى نفس الوقت هل يمكن أن يوجد إنسان على وجه الأرض لا يخاف؟ فرجل الشرطة فى النهاية بشر مهما بلغت درجة شجاعته سيظل فى تكوينه بعض من الضعف والخوف الإنسانى تجاه أمور معينة، غير أن ما يميز رجل أمن عن آخر هو قدرته على قهر خوفه أو على الأقل كبح جماحه وإخفائه.. هذا الجزء الخاص جداً من حياة رجال الأمن حاولنا استكشافه لدى عدد من رجال أجهزتنا الأمنية، وكان منهم على سبيل المثال اللواء أسامة أبوالهيثم، مدير سجن القناطر للنساء سابقا، والذى أكد أن الخوف لم يحتل مساحة كبيرة فى حياته طوال فترة خدمته بوزارة الداخلية وأثناء تأدية عمله، وهذا ما يتطلبه العمل الشرطى، ولكنه قال إنه بعد انتهاء فترة خدمته اكتشف أنه مصاب بفوبيا الأماكن العليا. أما اللواء محمود قطرى فأضاف أن الخوف يتباين من شخصية لأخرى، وتتحكم فى ذلك الظروف الاجتماعية التى يعيش فيها، والتى ساهمت فى تكوينه. ورجال الشرطة عامة تحيط بهم هالة صنعتها الظروف إلا أنه فى الحقيقة يعيش الخوف بداخلهم ويتحكم فى بعضهم، وبالنسبة له بصفة خاصة فإن أكثر ما كان يثير قلقه ويدفعه للخوف هو الخطأ الذى يدفعه للمحاسبة إدارياً، حيث إن أكثر أنواع العقاب شدة هو العقاب داخل المؤسسة الشرطية. بينما قال اللواء نبيل الكيلانى إنه فى بداية فترة خدمته كان رئيساً لدورية شرطة وتلقى بلاغاً بوجود أحد الأشخاص فى حالة هياج ويثير الذعر بالمنطقة، وعندما توجه إلى محل الواقعة وجد أحد الأشخاص فى حالة هياج كامل يعتلى سطح منزل ويقوم بتكسير السور وقذف المارة الذين تجمهروا لمشاهدته، مما دفعه للصعود إلى المنزل، وتمكن بعد عناء من السيطرة عليه بعدما قذفه الشخص الهائج بحجارة أصابته وأسفرت عن تلوث ملابسه البيضاء ببعض الدماء، مما تسبب له فى استمرار الخوف من الأشخاص المضطربين نفسياً حتى الآن ويحاول قدر الإمكان عدم الاقتراب منهم. وأكد اللواء أحمد الشيخ، مساعد مدير أمن الأقصر سابقا، أن «البورص» هو أكثر شىء يخاف منه، حيث أوضح أنه إذا شاهد هذا الحيوان داخل الشقة يتركها ويخرج حتى يترك البورص الشقة، أو يقوم باستدعاء أحد الأشخاص ليساعده فى التخلص من هذا الكائن الذى يسبب له رعبا كبيرا.. وأضاف الشيخ أنه لا يهاب أى شىء آخر فى حياته نظراً لما مر به طيلة فترة تواجده بأكاديمية الشرطة، والتى واجه فيها أشياء يصعب على أى إنسان آخر تحملها. وقال اللواء فؤاد علام، نائب مدير مباحث أمن الدولة السابق، أنه يخاف من اغتيال الشخصيات العامة، حيث كان حزيناً لمقتل الزعيم الراحل محمد أنور السادات سنة 1981 فكان متخوفاً أن يضطرب الأمن العام وتدخل البلاد فى فوضى عامرة بعد وفاة رئيسها، إلا أن الأمر تمت السيطرة عليه ومر بسلام. كما أنه يخاف من التراجع وأبدى استياءه لما وصلت إليه البلاد حالياً من تراجع وانهيار الجهاز الإدارى، وحالة الاحتقان التى تعيشها مصر حالياً، فيما أبدى عدم تخوفه من الظواهر الطبيعة، خاصة الماء، بالرغم من تعرضه للغرق فى إحدى المرات أثناء الاستحمام بالبحر المتوسط فى مدينة الإسكندرية.