مصادر دبلوماسية تكشف موعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان    يديعوت أحرونوت: إيران تسارع الخطى لمساعدة حزب الله لمواصلة هجماته على إسرائيل    رسميًا | منتخب امريكا مستضيف البطولة يغادر الكوبا بشكل رسمي من دور المجموعات.    ملف يلا كورة.. موقف ثنائي الأهلي من الأولمبياد.. رحيل لاعب الزمالك.. وأزمة بيراميدز    تطور مفاجئ في أسعار الذهب قبل ساعات من كلمة رئيس البنك المركزي الأمريكي    الثانوية العامة 2024... رفع تراكمات القمامة بمحيط لجان الثانوية العامة بالشرقية    مفاوضات مع جورج كلوني للانضمام إلى عالم مارفل    محافظة الجيزة: تحرير 10 محاضر لمحال غير ملتزمة بالمواعيد المقررة للغلق بالهرم    فودة يفتتح أول مطعم أسيوي بممشي السلام في شرم الشيخ    طرح شقق الأوقاف 2024.. المستندات المطلوبة وشروط الحجز    روسيا تدعو إلى النظر في إنهاء العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية    إصابة 30 راكبا جراء مطبات هوائية خلال رحلة من إسبانيا إلى أوروجواي    واشنطن تفرض عقوبات على منظمات غسيل أموال في المكسيك والصين    نتنياهو: المرحلة الرئيسية من الحرب ضد "حماس" ستنتهي قريبا    خالد داوود: أمريكا قررت دعم الإخوان بعد أحداث 11 سبتمبر    كوبا أمريكا.. أوروجواي 0-0 أمريكا.. بنما 0-0 بوليفيا    ردة فعل غير متوقعة من بيراميدز تجاه ثروت سويلم    أحمد حجازي يحسم مصيره مع اتحاد جدة.. ويكشف تفاصيل عرض نيوم السعودي    برلمانية: تنفيذ توصيات الحوار الوطني أولويات على أجندة الحكومة الجديدة    مصرع وإصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالأقصر| صور    تزامنًا مع أولى الجلسات.. اعترافات المتهم بذبح طفل شبرا الخيمة    خلال أيام.. البترول تعلن مفاجأة بشأن إلغاء تخفيف الأحمال نهائيا في فصل الصيف (تفاصيل)    رئيس حزب «الغد»: يجب على الحكومة الجديدة إعطاء الأولوية لملفي الصحة والتعليم    الفنان أحمد أمين: سعيد جدا إنى أكون رئيس مهرجان نبتة الأول للأطفال    أرملة عزت أبو عوف تحيى ذكري وفاته بكلمات مؤثرة    «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد    الأزهر يعلن صرف الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري اليوم    مخاطر الأجواء الحارة على مرضى الصحة النفسية.. انتكاسة العقل    3 مشروبات عليك تجنبها إذا كنت تعاني من مرض القلب.. أبرزها العصائر المعلبة    حيل ونصائح تساعد على التخلص من النمل في المنزل بفصل الصيف    متى تنتهي أزمة نقص الدواء في مصر؟..البرلمان يجيب    «الأرصاد»: ارتفاع جديد في درجات الحرارة ذروته الخميس وتصل ل45 درجة    قضايا الدولة تهنئ المستشار عبد الراضي بتعيينه رئيسًا لنيابة الإدارية    الزمالك يتقدم بشكوى رسمية لرابطة الأندية ضد ثروت سويلم    «نيبينزيا» يعطي تلميحا بإمكانية رفع العقوبات عن طالبان    جامعة الأزهر تعلن تسخير جميع الإمكانات لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده وإصابة آخر في انفجار قنبلة بالضفة الغربية    ناقد فني: شيرين تعاني من أزمة نفسية وخبر خطبتها "مفبرك"    فى ذكرى ميلاده ال«80».. وحيد حامد الذى «كشف المستور»    ماذا طلبت الإعلامية سهير جودة من نقيب المهن التمثيلية بشأن دار المسنين؟ (فيديو)    النيابة تستعلم عن الحالة الصحية ل 7 أشخاص أصيبوا في سقوط مصعد بالمهندسين    تهانينا للنجاح في امتحانات الدبلومات الفنية لعام 2024    أمين الفتوى يحسم الجدل عن الهدايا بعد فسخ الخطوبة: لا ترد إلا الذهب    موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة وأداء اليمين الدستورية.. أحمد موسي يكشف (فيديو)    نكبة 30 يونيو.. الحصاد المر والعلاج "الأمرَّ"    عبدالله جورج: الزمالك سيحصل على الرخصة الإفريقية    دولتان تتصدران مشتريات خام الأورال الروسي في يونيو    تعرف على توقعات برج الثور اليوم 2 يوليو 2024    برلماني: المكالمات المزعجة للترويج العقاري أصبحت فجة ونحتاج تنظيمها (فيديو)    وظائف خالية بهيئة الإسعاف المصرية.. «تفاصيل وطريقة التقديم»    العالم علمين| عمرو الفقي: المهرجانات محرك أساسي لتنشيط السياحة وترويج المدن الجديدة.. وتخصيص 60% من أرباح مهرجان العلمين لفلسطين    الوصول ل "زايد والهرم وأكتوبر" في دقائق.. 20 صورة ترصد محور 26 يوليو الجديد    ميدو: الكرة المصرية تستند على لوائح جار عليها الزمن    تنسيق الثانوية 2024.. تعرف على أقسام وطبيعة الدراسة بكلية التربية الموسيقية حلوان    استخراج الجثة السابعة لفتاة إثر انهيار منزل بأسيوط    انطلاق فعاليات المسح الميداني بقرى الدقهلية لاكتشاف حالات الإصابة بالبلهارسيا    أمين الفتوى عن الهدايا بعد فسخ الخطوبة: «لا ترد إلا الذهب»    غدا.. "بيت الزكاة والصدقات" يبدء صرف إعانة يوليو للمستحقين بالجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلاحة ماتت ولازم نسلم نفسنا
نشر في اليوم السابع يوم 01 - 07 - 2010

مشى يتسكع فى شارع طلعت حرب بوسط القاهرة.. يطالع الفاترينات.. توقفت سيارة فارهة بجانبه.. وجدها تحمل لوحات دبلوماسية.. نزل منها رجل يلبس نظارة سوداء ولباسا كاملا أنيقا.. فاحت فى المكان رائحة برفان فاخر رقيق.
رأى الرجل ينظر إليه.. خلع النظارة.. تطلع فيه بدهشة.. الله يخرب!!.. وقفت باقى الكلمات فى حلقه.. ازيك يا كمال..!! إيه الصدف السعيدة دى.. من سنين ماشفتكش.. يعنى اللى يشتغل فى السلك الدبلوماسى ينسى أصحابه.. ده كلام..!! أنت عارف كل يوم سفريات أنا حتى أهلى بشوفهم بالعافيه.
أسمع تعالى.. أنا معزوم على حفلة كوكتيل..أنا حقعد عشر دقايق وأمشى لأنى مستعجل تعالى معايا.. فرصه.. هتشوف جو عمرك ماشفته وبالمرة ندردش.. دفعه الفضول.. ماشى الكلام.. توقفا أمام عمارة من عمارات وسط البلد العريقة.. صعدوا.. دق الجرس.. فتح الباب.
أحس بأنه ومن خلال خطوة واحدة أنتقل من زمان إلى زمان.. ومن مكان إلى مكان.. أنفه تشم روائح بارفانات لم يشمها من قبل.. عينه ترى أناسا تلمع وجوههم أشكالهم متعددة كأن الكرة الأرضية تجمعت بتلك الشقة التى تبدو كالقصر.. أصوات هامسة وشياكة وبهاء فوق العادة.. الكئوس فى الأيادى تتداخل ألوان محتوياتها كأنها لوحات سريالية.. المكان ملىء بلوحات تخطف الأبصار معلقة على الحوائط وتحف كثيرة متناثرة هنا وهناك.. أحس كأنه على ابن الريس عبد الواحد عندما دخل قصر الباشا فى "رد قلبى".
جاء صاحب البيت مبتسما ومرحبا.. قدمه صديقه إليه ثم أردف قائلا.. وطبعا الباشا مش محتاج تعريف.. نظر إليه.. معقول.. هذا الرجل السياسى المشهور الذى طالما شاهده فى الفضائيات وهو ينظر من تحت نظارته يتحدث عن الصالح والطالح وعن هموم المواطن والوطن ومصالحه العليا..!!
جاء من يقدم لهما التحية.. ويسكى ولا شامبانيا ولا سعادتك تحب كوكتيل!! أعتذر بأنه لا يشرب.. فوجئ بمضيفهم يقول تبقى زى أنا كمان مابشربش.. مش معقول قالها ونظره يتجه للبار الكبير الذى يمتلأ بأشكال وأنواع وألوان من الزجاجات لاحصر لها.. رد قائلا: لا.. حاشا وكلا.. أنا حاجج خمس مرات.. البار ده علشان تحية ضيوف مصر من الأجانب وعمل الواجب معاهم..!!
الراجل ده بيقول كلام زى الفل..!! قالها لنفسه.. وسرح به الخيال.. أكيد هو برضه لما بيروح يزورهم فى بلادهم ما بيقصروش معاه.. وبيقوموا معاه بالواجب.. ملوخية بالأرانب ورز بالخلطة وطواجن محشى ورق العنب بالكوارع.. أم على بالزبيب والمكسرات.. القهوة المحوجة على الريحة وكباية الحلابسة بالشطة واللمون..!!
أنتبه على كلمات الرجل.. الأمر لا يخلو من منفعة.. وهم فى الحالة دى من الونونة والمزاج العالى بيوقعوا على عقود صفقات كبيرة.. ضحك قائلا:عارفين الفكرة دى جاتلى منين.. مش هتصدقوا.. أخدتها من أستيفان روستى فى فيلم عزيزة الهبلة..!!
برافو عليك يا باشا.. فعلا فكرة عبقرية.. وربنا يخليكوا لنا ولمصر.. ماشاء الله جهودكم جبارة والناس كلها حاسة بيها..!! قال الباشا وقد ازدادت عيناه ضيقا.. المشكله أن الناس عايزة كل شىء على الجاهز.. أديك شايف إحنا بنتعب أد إيه.. لكن الضيوف دول أول ما ينزلوا ويتعاملوا مع المواطن العادى بيحصل لهم مشاكل كتيرة.. مفيش ثقافة التعامل مع الأجانب.. وإلا كان زمنا أحسن من أسبانيا فى السياحة.. وقبل أن يعقب بكلمة أمسك صديقه الدبلوماسى بيده وقال طيب يا سعادة الباشا نستأذن أحسن عازم ضيوف فى الفيلا فى الشيخ زايد ولازم أروح.
أنت لسه ساكن فى الهرم.. ماتيجى أوصلك فى سكتى.. لأ.. أنا حاخد المترو هوصل قبلك.. عندك حق.. دنا وأنا جاى كنت مع وفد من الأمم المتحدة رايحين إمبابة ماعرفناش نوصل.. الأهالى قاطعين السكة.. بيقولوا متضامنين مع الأهالى اللى قاطعين سكة تانية فى وراق العرب.. موضة جديدة حكاية قطع السكك..!! ولسه.. أنا سامع أن الأهالى قاطعين سكة المحور كمان.. قال إيه.. صدر قرار أن طريق المحور وأى طريق جديد يكون تابعا لمحافظة الوادى الجديد.. طيب أنا مش فاهم إيه اللى مزعل الناس؟؟..مش عارف!!.. وطريق فيصل والهرم مقطوعين على طول منه فيه.. ربنا معاك.. تواعدا على لقاء.. يعرفان أنه لن يتم..!!
مشى يكلم نفسه مثل عماد حمدى فى "ثرثره فوق النيل" بعد أن قفزت لذهنه كلمات الباشا صاحب الحفلة.. أحس بالخجل.. إحنا ناس سلبيين.. ومابنساعدش بلدنا.. بتستلف من اللى يسوى واللى مايسواش علشان تصرف على التنابلة من أمثالنا.. حالها عدمان.. باعوا عفشها ونحاسها وشغالين فى تفكيك البلاط ومواسير السباكة..!!
طيب اللى زينا يساعد أزاى؟؟.. صاح مثل نيوتن وجدتها.. الحل فى الأجانب والسياحه.. ولكن الناس إمكانياتها بسيطة.. طيب لو الباشا يتوسط عند الحكومة أنها تدعم المواطن دعم بسيط يبقى مشكور وعمل اللى عليه فى المشروع القومى ده.. يعنى لو يصرفوا على بطاقة التموين أيقونه صغيرة من الويسكى وزجاجة كونياك وشوية مزة.. كيلو سودانى مقشر وملو قرطاس زبيب.. يبقى ميت فل وعشره وكتيب سلاح المواطن لخدمة الضيف وتقديم المزة والكيف.. تبقى قشطة يا باشا.. وياريت جركنين ميه نضاف وكمان أزازتين جاز علشان لو النور انقطع.. كده يبقى مالناش حجة والسياحة هتبقى مية مية ومش ملاحقين..!!
وهو غارق فى تأملاته.. إذا بهرج ومرج وأناس تجرى.. سأل بائع الجرائد العجوز الذى كان يلم فرشته على عجل.. هو فيه إيه يا حاج..!! الناس دى بتجرى ليه؟؟.. رد بدون أن يلتفت إليه.. سفارة بوركينا فاسو بتوزع استمارات للهجرة.. فاسو..!! وفاسو إيه دى كمان؟؟.. نظر الرجل إليه بعيون تكاد أن تلتهمه.. أنت باين عليك رايق.. أنا مش فاضيلك...أنا قصدى أسأل.. بلد كويسة يعنى؟؟.. مش عارف.. قالها وهو يجرى..!!
بدون أن يشعر وجد نفسه يجرى معه.. انحشر وسط الزحام وأصبح الشارع يبدو كأنه سباق للماراثون.. وهو يجرى سمع صوت أغنيه ينطلق من محل لعصير القصب..عظيمه يا مصر.. يا أرض النعم.. يا مهد الحضارة يا بحر الكرم.. نيلك ده سكر.. جوك معطر.. بدرك منور.. بين الأمم.. عظيمة يا مصر يا أرض النعم..!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.