السيسي يدعو مجلس النواب للانعقاد بداية أكتوبر - نص القرار    الحزب الاجتماعي الصومالي: «التغييرات الدولية عملت على انتشار شعبية الأحزاب اليمينة وانحسار اليسارية»    محافظ جنوب سيناء يشكر "مدبولى": يقود باقتدار أهم مراحل بناء مصر الحديثة    «مستقبل غامض».. هل تؤثر أحداث لبنان على أسعار الذهب عالميا؟    "مدبولي" يشهد احتفالية تسليم جائزة التميز العالمية للمنصة الجغرافية لمحافظة جنوب سيناء    العراق يعلن الحداد 3 أيام على مقتل نصر الله    مصادر لنيويورك تايمز: توقعات بإعلان هاشم صفي الدين خليفة محتملاً لنصر الله    مفاجآة.. تغيير في الجهاز الفني للأهلي بعد هزيمة السوبر الإفريقي    وزير الرياضة يفتتح عدة مشروعات استثمارية في ههيا وأولاد صقر    فحوصات طبية لثلاثي الزمالك فور العودة من السعودية    السجن عامين لخادمة بتهمة سرقة شقة بالساحل    تجديد حبس «وحش الكون» 15 يوما وإيداع بناتها القصر دور رعاية بالإسكندرية    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    «وكيل صحة الشرقية» يطمئن على الحالات المصابة ب«النزلات المعوية»    بسبب أحداث لبنان وغزة.. أيمن زيدان يعتذر عن تكريم الإسكندرية السينمائي    في ذكرى رحيله.. معلومات تعرفها لأول مرة عن عبدالناصر    الحزن يسيطر على إسماعيل فرغلي أثناء تشييع جنازة زوجته    زوج شيماء سيف يهنئها بفوز الزمالك: "أنتِ وش السعد"    دفاع طليقة سعد الصغير يقدم فيديوهات تثبت جريمته بتهمة السب والقذف    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    «الإفتاء»: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا    رئيس «الرعاية الصحية» يلتقي الرئيس المؤسس لمجموعة أكيوميد ACCUMED العالمية    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    "قالوا عليا مجنون".. مالك وادي دجلة يعلق على مباراة السوبر الأفريقي    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    رئيس جامعة بنها: مصر محاطة ب كُرة من اللهب    الحوار الوطني يواصل تلقي المقترحات والتصورات بشأن قضية الدعم    رئيس الوزراء يزور منطقة وادي الدير بمدينة سانت كاترين    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع تكتيكي بالذخيرة الحية بالجيش الثالث الميداني    شبورة كثيفة ونشاط رياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    الإسكان تكشف الاستعدادات فصل الشتاء بالمدن الجديدة    وزير الدفاع الأمريكي: واشنطن لم تشارك في الهجمات الإسرائيلية على بيروت    «تربية رياضية كفر الشيخ» تحصل على الاعتماد من «الضمان والجودة»    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    زراعة الشرقية: التصدى لأى حالة تعد على الأرض الزراعية    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    ضبط 97 مخالفة تموينية و295 ألف لتر مواد بترولية مهربة بقنا    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    وكيل صحة البحيرة يزور مركز طب الأسرة بالنجاح| صور    صحة غزة: 52 شهيدا و118 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 48 ساعة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    الرئيس الإيراني يدين الهجمات الإسرائيلية على بيروت ويعتبرها "جريمة حرب" آثمة    «الداخلية» تحرر 508 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وتسحب 1341 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    "لا تقلل من قوته".. لاعب الزمالك الأسبق يحتفل بالتتويج بكأس السوبر الأفريقي    توافد العشرات على ضريح عبد الناصر فى ذكرى رحيله ال 54    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    أول رد فعل من حزب الله بعد استهداف مقر القيادة المركزية للحزب    "ظهور محتمل لمحمد عبدالمنعم".. مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا يصلح أن نرى الحق ونحيا الباطل
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 05 - 2010

جاءتنى الكثير من الاتصالات، على خلفية مقالى السابق: "عزازيل وسعى المحتار فى ليل الأسرار"، الذى نُشر يوم الخميس 13 مايو الجارى، حول الدفاع عن حرية التعبير الخاصة برواية عزازيل، تباينت ردود الفعل ما بين مؤيد ومعارض ومن وقفوا فى المنطقة الرمادية. وبالطبع، فإن من يدافع عن حرية التعبير لروائى وعالم، يجب أن يتقبل النقد من قبل الجميع، فهذا هو المعنى بحرية الرأى فى الأساس.
إن الشعور بالظلم الطاغى والدائم، ليس عيباً "فقط" فى المحيط حولنا، ولكن توجد أيضاً عوامل مساعدة بداخلنا قد تشعرنا بهذا الظلم، لا وجود لذاك الإنسان الخالى من الخطيئة فى مجمل الكون "لا أتكلم عن الخطيئة الدينية بالأساس، ولكن مُجمل الخطأ"، ولا يوجد ما يعرف "بالطُهر" العرقى، إلا لدى قادة العنصرية من أمثال هتلر وستالين، ولا يوجد "دوماً" طرف واحد يتحمل اللوم عن "مجمل" المشاكل، من نوعٍ واحد، فالمظلوم يصبح ظالماً فى وقتٍ ما، عندما يطول القهر بردود فعل قد تبدوا ظالمة، فتشير الأصابع إلى المظلوم، ويتهم بالقهر أيضاً! وها هم "اليهود" "كقومية وليس ديانة" على مستوى العالم! لقد ظلموا فى الماضى! فأين هم اليوم من هذا الظلم؟ إنه مثال من التاريخ، وليس مثالاً من مصر، ولكنه مثال على ما يمكن أن يحدث يوماً إذا ما أخذ المظلوم حقه، بناءً على عوامل غير طبيعية، مبالغ فيها، مثلما الحال بالنسبة ليهود إسرائيل اليوم!
كم من مقالات تشير إلى "مُجمل" المسلمين بل والإسلام وتعاليمه بأصابع الاتهام فيما يتعلق بالفتنة، إنه ظلم أيضاً، وتجييش للمسلم الذى لا يعنيه الأمر فى الأصل ليصبح كاره لمن هم ليسوا مسلمين، ويتهمونه ليل نهار، رغم أنه لا يفعل ما يتطلب هذا الاتهام! إن طول المشكلة هو ما أدى لذلك! إنه من نفس النوع الذى يتهم الأقباط والديانة المسيحية، بالمسئولية عن كل شىء! إنه رد فعل، دون وجود قادة موجهين له، وإنما مُنقادين به! إن كلاً الديانتين، ليستا متهمتين بأى شئ! وإنما المشكلة فى عدم الرؤية الدقيقة لمكونات الفتنة، لأن المشكلة جثمت بظلها على أغلب ما تيعلق بالمواطن، فلم نعد نرى غير الدين، رغم أنه العنوان فقط، ليس أكثر!
هناك إشكالية كبيرة فى مصر، هى أننا فى أغلبنا، نرى أنفسنا من منطلق الأديان. فمنا من يرى "إعتداء المسيحى على المسلم"، ومنا من يرى "إعتداء المسلم على المسيحي" (ليس الفعل الإرهابى فقط اعتداء، ولكن يرى البعض فى استيلاء على أرض ما، إعتداء وتحريض أيضاً)، ومنا من يرى أن "المسلم دوماً مظلوم"، ومنا من يرى "المسيحى دوماً مظلوم"! إنها الرؤية العكسية والمضادة لتطبيق المواطنة! ولقد كنت يوماً أنتمى إلى إحدى تلك الرؤى، حتى رأيت أن المسألة برمتها، ليس فى مسيحى ومسلم، وأن النظر بتلك الطريقة، إنما هو دعما للفتنة! وأنى يجب وأن أنظر إلى المسألة برمتها على أساس أنى مصري، وكل من يحملون جنسية بلادى مصريين، وأن مسألة النظر من خلال بؤرة الدين، ما هى إلا مسألة "يُراد" لنا أن نُقيم الأشياء من خلالها! إن هناك من لديه مصلحة فى إبعادنا عن التقييم وفقاً "للمواطنة" وأن نبقى بداخل حيز "الدين"!
إن استمرار التقييم وفقا لتلك النظرة، إنما يؤكد استمرار المشكلة إلى الأبد! ولا يمكن لجانب من الجانبين حلها وحده، بمعزل عن الآخر، كما لا يمكن لجانب بوقوفه "الدائم" إلى جانب الطرف الآخر، أن يحلها بنُصرة الضعيف، وليس نُصرة "الحق"! يجب أن نقيم الموضوع كله وفقا لرؤيتنا "للحق" والمظلوم أياً كان من "المصريين"! إن كان المظلوم فى الغالب مسيحي، فلنسمه "مصرى مظلوم"، وليس "مسيحى مظلوم"! فهناك كثيرين فى الوطن لا يرون أنه مظلوم من الأساس! سيقول البعض: أنه قصور فى الرؤية! جميل! وليكن! أنتم أحد أسباب هذا القصور، لأنكم دوماً مع طرف ضد طرف، وليس مع "الحق" فى مطلقه، ضد "الظلم" فى مطلقه!
عندما دافعت عن حرية التعبير، ممثلة فى رواية "عزازيل" دافعت عنها وتهجمت على السلطة المواجهة لها، فى المطلق، وتبعا للدفاع عن المبدأ ليس الشخص. هناك فرق جبار، فالشخص، يمكنه الدافع عن نفسه! أما المبدأ، فندافع عنه جميعاً! لم يكن المقال بالنسبة لى هجوماً على "السلطة الدينية" المسيحية من منطلق كونى مسلم! وهو ما أكدته فى نهاية مقالى الماضي! فلا أحد يملك الحق كله! كما أن الدفاع عن طرف واحد طيلة الوقت ونسيان "تحريض" الطرف الآخر، ما هو إلا عنصرية وتكريس للتمييز وليس عدلاً! فالبعض يظن، "وكنت واحداً منهم بالمناسبة" أن تحميل طرف واحد فقط وزر كل شئ، لهو عدل للضحية، ولكن التجارب التاريخية، تثبت العكس!
لقد ظلم اليهود "كقومية وليس كدين"، يوماً ما، ولكن ما الذى يفعلونه حيال من يحتلونه اليوم فى إسرائيل؟ اعتبر الكثيرين فى أوروبا، أن اليهود قد ظلموا، ويجب تعويضهم بالوقوف بجانبهم فى "المطلق"! فماذا كانت النتيجة؟ ظلم الآخر! اليوم لدينا الظلم الواقع على المسيحيين فى مصر، ولو أننا تناولنا جانب مظلم لديهم، أتهمنا البعض، بأننا متعصبين، بينما الواقع أن من يتهمنا هو المتعصب، لجانب ضد الآخر! إن الوقوف، يجب ألا يكون مع طرف ضد طرف، أو مع الضحية ضد الجلاد، ولكن مع الحق فى مطلقه ضد الظُلم فى مطلقه! فان رأينا ما يستحق النقد فى الكنيسة تعرضنا له! وإذا وجدنا ما يستحق النقد فى المسجد، تعرضنا له! أما أن نقف طيلة الوقت مع الكنيسة ضد المسجد؟ فهذا ليس عدلاَ ولكنه ظلماً بين! ولا يمكن إدانة السلوك "الإسلامى" بمعزل عن إدانة السلوك "المسيحي"، لأن لدينا إنعزال مسيحى أيضاً أدى إلى التطرف، حتى أن الغرب تناول ذلك مؤخراً على خلفية رواية "عزازيل" مؤكداً فى مجلة الأكونومست، بأن التطرف ليس مسلماً، حيال "ألف ليلة وليلة" فقط، ولكنه كذلك أيضاً من الزاوية المسيحية، على خلفية "عزازيل"!!
وليس الدفاع عن حرية التعبير ممثلة فى عمل "إبداعي" ما، تعنى أن المدافع عن حرية هذا العمل، يؤمن "بمجمل" ما كتبه هذا المبدع. فعندما كتبت مدافعاً عن حرية تعبير سيد القمنى هنا، لم يكن هذا يعنى أننى أتفق مع مُجمل آراء الرجل! إن كلُ منا يملك عقلاً، يميز بين مختلف المعلومات والتحليلات، و"يستحيل" أن تتفق مع شخص، أياً كان، حول كل شئ! لا يوجد مثل هذا القول أو الاعتقاد، إلا لدى من تربى وفقا لمفاهيم ديكتاتورية أو من يعمل على تحديد موافقته على عمل ما، وفقا لتحديد هوية الشخص، وما إذا كان يحبه أم لا! وتلك كلها أمور مغرضة لا يمكن العمل بها وفقا لمنطق الفكر! فان كتب إسرائيلياً اليوم كتاب أو رواية "إبداعية" لا يمكننا أن نرفض العمل مسبقاً، لأن الرجل إسرائيلي، وبلاده تحتل جزءاً من الآراضى العربية!
إننا وبينما نغوص فى الجانب "الإسلامي" فى قضية الفتنة، نتخطى حقيقة، أن الجميع "مخطئين" بنسبة ما، كمصريين، غابوا عن الوطن والإنتماء له، ودنسوه بأحقاد قالوا أنها دينية، بينما الدين ليس إلا عنواناً بها! كلما تكلمت مع طرف ما حول أزمة تحمل تلك الطبائع، ظهرت كلمتى "مسلم" و"مسيحى"، وبالطبع بعنت كلا الطرفين للطرف الآخر بأسوأ النعوت!
ستستمر الفتنة إلى أبد الآبدين، طالما أننا نتناولها بشكل يمثل فيه الدين "العنوان" الرئيس، ولن ننتهى منها أبداً طالما مضينا على طريق إدانة جانب فى الوطن ووقفنا مع الجانب الآخر! لقد حل اليهود الإضطهاد الموجه ضدهم، بأن خرجوا خارج "عزلتهم" وإندمجوا مع غيرهم فى أوروبا، وها هم، نراهم، ولكن الكثير منهم فى إسرائيل قد فجروا! فلنحل مشكلتنا فى الوطن بشكل طبيعى من خلال مناصرة الحق، دون مملاءة طرف ضد الآخر، لأن هذا سيزرع الكره، حتى بين من ليس له يد به! لا يصلح أن نرى الحق، ونحيا الباطل!
مصر ليست مسجداً أو كنيسة!
مصر وطن لنا جميعاً كمصريين!
أستاذ علوم سياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.