أنا زوجة فى منتصف الثلاثينات، تزوجت عن قصة حب كبيرة، كان زوجى هو الطرف البادئ فيها، ظل يسعى لى طويلا، كان يضع نفسه أمامى فى كل مكان، ويتعمد أن أجده فى كل موقف، ويلفت انتباهى له بكل طريقة ممكنة، حتى أحببته، وارتبطنا بشكل غير رسمى لسنوات حتى أصبح قادرا على الزواج. فى خلال تلك السنوات كنت أعرف أنه (بتاع بنات)، يحب الظهور ولفت الانتباه، وكنت أعتقد أن ذلك سيكون وضعا مؤقتا، لأنه لا زال أعزب، أو ربما بسبب صغر سنه وطيش تفكيره بعض الشىء، لم أكن أهتم كثيرا لاعتقادى أنى سأكون قادرة على تغييره بعدما نصبح معا بعد الزواج، لكنى كنت مخطئة بشدة، فقد استمر زوجى _العزيز_ كما هو، بل وازداد فجورا بعد الزواج، فلم يترك فرصة لخيانتى إلا وانتهزها، بداية من (الشات) والدردشة على الفيس بوك وغيره، مرورا بمكالمات تليفون نص الليل، وحتى الخروجات والسهرات، ونهاية بالسفريات التى كانت تمتد لأسبوع أحيانا، والتى لك أن تتخيلى ما كان يحدث فيها... كنت أعرف ببعض هذه المهازل وأتغاضى عنها أحيانا، وأخاصمه أحيانا، وأتشاجر معه وأفارقه أحيانا أخرى، حتى أن الأمر قد وصل إلى أنى تركت له البيت 6 أشهر كاملة فى مرة من المرات بعد علمى بكذبه على وادعاؤه السفر للعمل، فى حين أنه كان يقضى أسبوعا مع إحداهن حينها، وفى كل مرة كان يعود ويبكى ويندم، ويقسم بكل غالٍ ونفيس أنه لن يعود، ثم يعود، حتى مللت من كذبه وخيانته وقذارته التى أصبحت لا تطاق. ربما ستسألينى ولماذا تحملتى كل هذا؟، سأقول لك لأنى حملت منذ بداية زواجنا، وأصبح لدينا طفل يربطنا ببعض إلى الأبد بعد أقل من سنة واحدة من الزواج، حاولت التحمل والتنازل عن حقى من أجل الحفاظ على استقرار بيتى، ومن أجل طفلى، ومن أجل حبى له أيضا، فأنا لا أستطيع أن أنكر أنى أحببته، وكنت على استعداد لأن أغفر له وأسامحه حتى لا نبتعد عن بعضنا.. كم كنت ساذجة عندما فكرت بهذه الطريقة!!، سأقولها أنا قبل أن تقوليها أنت، فأى قرب هذا الذى كنت أحافظ عليه وأخشى زواله مع رجل هكذا؟... لا تتخيلى حجم الألم والغضب اللذين يعتريانى الآن، خاصة وبعد أن سمعت بأذنى كيف يتحدث إلى إحداهن -والتى هى له كما لغيره- بطريقة لم يحدثنى أنا بها يوما، وأنا التى كنت أحافظ عليه وعلى بيته حتى وفى أحلك أيامنا معا، وقتما كنت على يقين بأنه يخوننى فى نفس اللحظة. حاولت إرضاءه، والتقرب إليه، والتفاهم معه، فظن أنى ضعيفة ولا حيلة لى معه، ولكنى قررت ألا أكون بهذه السلبية بعد الآن، وسأجعله يشعر بتلك النار التى أشعلها فى قلبى منذ سنوات... قررت أن أسقيه من نفس الكأس وأخونه أنا أيضا، وسأتركه يعرف حتى أراه بعينى يحترق كما احترقت أنا طويلا، قد تقولين عنى أنى جننت، ولن أجادلك فقد جعلنى أفقد عقلى بكل معنى الكلمة، فلم أعد قادرة ولا راغبة فى الإبقاء على أى شىء، لا عليه، ولا على بيته، ولا حتى على ابننا الذى أصبحت عاجزة عن رعايته وإعطائه حقه.. لا أعرف لماذا أرسل لك؟، أو ما الذى أنتظر سماعه منك بالضبط، لكنى فقط شعرت أنى أريد أن يسمعنى أحد، وأرجو أن يتسع صدرك لرسالتى. وإليك أقول: لا أستطيع أن ألومك أبدا على أى مما تشعرين به، فلا شك أنك عانيتى فوق احتمالك، وإلا ما كنتى قررتى أن تفكرى بمثل هذه الطريقة، لكن اسمحى لى أن أراجعك فى قرارك هذا... تخيلى معى لو أنك تعرضت لحادث سرقة، وقام أحدهم بخطف حقيبتك، هل سيكون من المنطقى أن تفعلى مثله؟، وتصبحى سارقة أنت الأخرى وتخطفى منه حقيبته؟... هو سارق، لكنك أنت لست كذلك، فكما لن تسمحى لسارق أن يجعلك أنت الأخرى سارقة، لا تسمحى لزوجك أن يجعل منك خائنة مثله، لأنك عندما تعاملينه بالمثل ستهينى نفسك أنت، وتحقرى من قدرك أنت، وستنزلين بها إلى مستواه الذى أنت نفسك غير راضية عنه، فستكونين بذلك تنتقمين من نفسك للمرة الثانية لا لها. صحيح أن مثل هذا الأمر سيؤلم زوجك أشد الألم، وسيحرقه بالنار التى طالما اكتويتى بها، لكنه سيؤلمك ويحرقك أنت أكثر، وسيظل وصمة عار على جبينك بقية عمرك، وسيحط من قدرك أمام نفسك وأمام أهلك الذين من الممكن أن تلجأى لهم فى يوم من الأيام لمواجهة زوجك ومشاكله، بل والأكثر من ذلك أن خيانتك له ستكون ذريعة له فى المستقبل لأن يخونك أكثر، ويتمادى أكثر، وربما سيمسك عليكِ هذه (الزلة) طوال العمر بعد ذلك لو قررتى الاستمرار معه. ثم هل تعتقدى أن فكرة مثل هذه لا ترضى الله بأى حال من الأحوال، أن يبارك لك فيها ويجعل فيها الحل والشفاء والدواء؟ ..مستحيل.. أرجوكى أن تنسى هذه الفكرة تماما، وأن تظلى كما أنت (بنت ناس) تحافظين على نفسك وعلى كرامتك مهما فعل الآخرون، ولتكونى إيجابية ولكن بشكل صحيح، وهو أن تتخذى موقفا حاسما من هذه الزيجة التى دمرت دنياك، والتى ستدفعك إلى تدمير آخرتك أيضا، فإما أن تكملى فيها وأنت تغضين الطرف عن كل ما يحدث _ وهو شىء صعب جدا طبعا_ أو تنهيها وتبدئين حياتك من جديد، حياة تستردين فيها نفسك وأعصابك وطاقتك، ليس من أجل نفسك فقط، بل ومن أجل ابنك أيضا الذى تقولين إنك أصبحت عاجزة عن رعايته تحت وطأة هذه الظروف. أجد فى نفسى صعوبة شديدة عندما أنصح أحد بالانفصال، لكنه قد يكون الحل الصحيح والوحيد فى بعض الأحيان، وإلا ما كان شرعه الله كمخرج حينما تغلق بقية الأبواب.