متاعبنا وآلامنا وصدمات الحياة كثيرة، والألم الذى يعود علينا منها لا يكون بسبب ما تعرضنا له من عوامل خارجية أو معاناة جسدية قد لا تطاق وصعب احتمالها، ولكن بسبب نظرتنا وتقيمنا لها، وهذا ما يمنحنا القوة الداخلية للتفكر والتدبر فيما أصابنا على التعامل بحكمة والتعايش معها بل قد نجدها بمرور الوقت تختفى ولا آثر لها. يقول مصطفى محمود: "لم يقذف بنا إلى الدنيا لنعانى بلا معين كما يقول سارتر.. أن كل ذرة فى الكون تشير بإصبعها إلى رحمة الرحيم.. حتى الألم لم يخلقه الله لنا عبثاً وإنما هو مؤشر وبوصلة تشير إلى مكان الداء وتلفت النظر إليه". كذلك الأحداث اليومية والتى قد تصادفنا ومدى تأثرنا بها ورد فعلنا لها يتوقف ذلك على كيفية فمنا لهذه الأحداث لا إلى الحدث نفسه والتوقف عندها بجهل أو برؤية واضحة يكون مصيرنا، وإذا وفقنا فى فهم آلامنا وأدركنا الغاية والحكمة منها بمرور الوقت فسوف نمنح لأنفسنا خصوصية فريدة من نوعها على التكيف وعلى إيجاد نقطة تحول، تكون بداية لأشياء أكثر فائدة، ولرؤية أكثر وضوحاً من ذى قبل ولمعان متعددة للحياة ومعنى تواجدنا فيها. يقول روناين: "أصعب ألم هو الألم الذى لا نستطيع التحدث عنه". رائع جداً أن يتحول الانزعاج الناشئ عن آلامنا إلى رضا وتقبله بروح جميلة يعزز صبرنا، واليقين الذى بداخلنا يمنحنا ثقة كبيرة ومتجددة كون كل منا يعانى بطريقة أو بأخرى فنرى نتائج مذهلة من ثباتنا ونرى معانى أسمى لحياتنا بحيث لا نكون ريشة فى مهب الصدمات والصراعات، فلا نترك ما نمر به يتلاعب بضعفنا ويستغل صدمتنا أو نكون عرضة لإدخال ما يشاء فى نفوسنا من عوامل اليأس فيهزنا من الداخل بعنف قد نفقد معه قدرتنا على الصمود والثبات مرة أخرى، نحن نزداد قوة بتماسكنا وإيماننا تجاه العواصف والابتلاءات فندفع بإيماننا وسلوكنا ورد فعلنا تجاه ما نمر به من تقلبات الحياة أى شىء يحاول أن يمس من ثبات نفوسنا، يقول طاغور: "الدرس الذى على الإنسان تعلمه ليس أن الألم موجود فى هذا العالم لكن أنه يتعلق بنا أن نستخلص فائدة منه وأنه بإمكاننا تحويله إلى فرح". فكرة القناعة بالشفاء وتناغمها بداخلنا ضرورية وانسجامنا معها والتكيف والتعايش بعقولنا وعواطفنا وأجسامنا مع ما يحدثه الألم فينا من أوجاع وجهادنا العظيم له، كفيل بأن نغير سلوكنا وأفكارنا للتغلب عليه وعندما تصل أحاسيسنا إلى غاية قوتها بقين فى الشفاء فهى قادرة على المضى نحو الأفضل لأننا لم نسمح للألم من استخدامنا بل كان حتما علينا أن نخضعه ونسيطر عليه لتسير حياتنا وفق ما نسعى إليه، يقول بوب براكتر: "الأفكار تصبح أشياء، أن تصوَّرتها فى عقلك، فأنت فى طريقك لحملها بيدك". من مهامك فى الحياة الصبر على الابتلاءات والتفكر والتدبر فيها، ومواجهة الصعاب والآلام التى تصادفك بشجاعة وأن تنظر إليها على أنها تحد موجه إليك وفى عقر حياتك، وفى مكنون ذاتك، شئت أم أبيت لابد أن تكون شجاعا فى تقبل تلك المواجهة، ثم فكر وتدبر ما الميزة التى تخرج بها من هذه المحنة، ثق أنك سوف تجد أنساناً عظيماً بداخلك فكل عقبة فى الحياة يعقبها مسرات يتوقف ذلك على نظرتك ورؤيتك للأشياء والمحن.