التوكل على الله يعنى تفويض الأمر كله لله والاعتماد عليه فى الشدة والرخاء وفى طلب العون وفى طلب أى شىء يحتاجه الإنسان، فالتوكل هو شعور الإنسان بهيمنة الله سبحانه وتعالى على كل شىء، قال تعالى: "إليه يرجع الأمر كله، فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون" سورة هود آية 123 . وعلى الإنسان ألا يلجأ إلى أحد غير الله سبحانه وتعالى، وليكن توكله واعتماده على الله وحده . قال تعالى: (وتوكل على الحى الذى لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرًا) سورة الفرقان آية 58 . وإذا أراد الإنسان أن يقوم بتنفيذ أمر ما يرى فيه الصلاح والخير فليتوكل على الله ولا يتردد وهو عندئذ سوف ينال محبة الله . قال تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) سورة آل عمران آية 159 . والذى يتوكل على الله إنما يتحلى بالإيمان بقدرة الله وتدبيره للأمور ويكون من المؤمنين حقًا . قال تعالى: (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) سورة المائدة آية 23 . والتوكل على الله يجعل الإنسان يأخذ بالأسباب ويدرس الأمور، فلا يتكاسل ويتواكل ولكن يعمل بجد وهمة ونشاط ويصبر حتى يحقق ما يصبو إليه. قال تعالى: (نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) سورة العنكبوت آية 58، 59 . ولقد كان على عهد النبى صلى الله عليه وسلم رجل أعرابى له بعير أهمل ولم يقيدها أمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: توكلت على الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أعقلها وتوكل) رواه الترمذ . وعندما يأخذ الإنسان بالأسباب ويعمل بجد ويتوكل على الله حق توكله يرزقه الله تعالى من حيث لا يحتسب، فسبحانه وتعالى هو الرزاق ذو القوة المتين يرزق من يشاء بغير حساب، وهو سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا، والمطلوب من الإنسان أن يأخذ بالأسباب فيطرق جميع ما لديه من الأبواب ويترك الأمر كله لله، وبعد ذلك قد يأتيه الرزق من أحد الأبواب التى طرقها وقد يأتى من أبواب أخرى قدرها له العليم القدير، قال صلى الله عليه وسلم: (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا) رواه الترمذى وابن ماجه . وهناك من يتكاسل عن العمل ويتواكل ظنًا منه أن القعود عن طلب الرزق توكلا، ففى عهد الإمام أحمد بن حنبل تكاسل رجل عن العمل وقعد عن أسباب الرزق ولما سأله الإمام عن سبب كسله وخموله قال: "نظرت فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوكلت على الله الذى يرزق الطير"، فقال له الإمام: إنك لم تفقه الحديث فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن للطير غدوًا ورواحًا فى طلب الرزق ولو قعدت الطير ولم تطلب الرزق ما كان يأتيها وعندما يتوكل الإنسان على الله يفيض الحق سبحانه وتعالى برحمته عليه ويرشده إلى أقوم الطرق وأفضلها، ويمنحه القدرة على الصبر وتحمل الصعاب والشدائد . قال تعالى: (وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون) سورة إبراهيم آية 12 . ومن الفوائد العظيمة للتوكل على الله أنه يجعل الإنسان يتمتع براحة نفسية وطمأنينة قلبية فيؤمن بقضاء الله وقدره حتى إذا أصابه خير علم أن الله هو الذى ساقه إليه فحمده وشكره وإذا أصابه ضر أيقن أن الله هو الذى أصابه ليختبره أو لمصلحة تعود عليه لا يعلمها . قال تعالى: (قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) سورة التوبة آية 51. والتوكل على الله يملأ قلب الإنسان بالتسامح والسلام . قال تعالى: (وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) سورة الأنفال آية 61. والتوكل على الله يجعل الإنسان واثقًا فى رعاية الله وحمايته. قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرا) سورة الطلاق آية 3 . والتوكل على الله يقى الإنسان من شر إغراءات الشيطان فلا يستطيع الشيطان أن يغويه أو يسيطر عليه . قال تعالى: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون . إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) سورة النحل آية 99، 100. والتوكل على الله يجعل الإنسان يظفر بتأييد الله له وحمايته من كل سوء، فسيدنا إبراهيم عليه السلام عندما قام قومه بإلقائه فى النار قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل" فجعل الله النار بردًا وسلامًا على إبراهيم فلم يمسسه سوء ونجا من القوم الظالمين، وعندما قام الكفار بتهديد النبى محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه قالوا: "حسبنا الله ونعم الوكيل "فأفاض الله عليهم برحمته وفضله ولم يمسسهم سوء". قال تعالى: ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) سورة آل عمران آية 174