أعلنت منظمة الصحة العالمية اليوم، الأربعاء، بالتزامن مع احتفالات اليوم العالمى للصحة أن الأوضاع الحضرية تؤثر بشكل مباشر على صحة الناس الذين يعيشون فيها، مسلطة الضوء على التخطيط الحضرى بوصفه وسيلة أساسية لبناء الصحة فى القرن الحادى والعشرين. وتناشد منظمة الصحة العالمية السلطات المحلية والسكان المعنيين ودعاة العيش بطرق صحية وغيرهم، على وجه التحديد، إلى النظر بتمعّن فى التفاوتات الصحية القائمة فى المدن واتخاذ ما يلزم من إجراءات، لافته إلى أن العالم يشهد توسّعاً عمرانياً سريعاً مع تغيّرات كبيرة تطرأ على مستويات معيشتنا وأنماط حياتنا وسلوكياتنا الاجتماعية وأحوالنا الصحية، وقبل ثلاثين سنة كان أربعة أعشار الناس يعيشون فى المدن، غير أنّ تلك النسبة ستصل إلى سبعة أعشار بحلول عام 2050. وقالت الدكتوره مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، فى هذا الصدد "إنّ أحوال سكان المدن أفضل من أحوال سكان الأرياف بشكل عام، ذلك أنّهم يستفيدون بشكل أكبر من الخدمات الاجتماعية والصحية، كما أنّ متوسط عمرهم المأمول أطول ممّا يُسجّل فى الأرياف، ولكنّ المدن يمكنها أن تكون أيضاً ساحة تتمركز فيها الأخطار المحدقة بالصحة، مثل نقص مرافق الإصحاح ووسائل جمع القمامة، والتلوّث، وحوادث المرور، وفاشيات الأمراض المعدية، فضلاً عن أنماط الحياة غير الصحية". وتواجه الكثير من المدن خطراً ثلاثياً يتمثّل فى الأمراض المعدية التى تستشرى فى ظروف الازدحام والأمراض المزمنة غير السارية، بما فى ذلك السكرى وأنواع السرطان وأمراض القلب التى تتزايد جرّاء أنماط الحياة غير الصحية من قبيل تعاطى التبغ والنُظم الغذائية غير الصحية والخمول البدنى وتعاطى التبغ على نحو ضار، وحوادث المرور والإصابات وحالات العنف والجرائم التى كثيراً ما تزيد من فداحة العبء المفروض على صحة سكان الحضر. وعلى الرغم من تلك المشكلات فإنّ المدن تتيح أيضاً فرصاً متعدّدة . وقال الدكتور علاء العلوان، المدير العام المساعد المسؤول عن دائرة الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية، "إنّ الطائفة الواسعة من القضايا الصحية القائمة فى المدن ومحدّدات تلك القضايا تقتضى سياسات وإجراءات منسقة تشمل اختصاصات متعدّدة منها البيئة والنقل والتعليم والحدائق والترفيه والتخطيط الحضرى. إنّنا، فعلاً، فى أحد المنعطفات التاريخية الحاسمة التى يمكننا إحداث الفارق فيها". أضاف العلوان :" لا بدّ أيضاً من سياسات وإجراءات منسقة للتصدى لأسباب القضايا الصحية الرئيسية القائمة فى المدن حالياً، فالملاحظ مثلاً أنّ تلوّث الهواء خارج المبانى فى المناطق الحضرية يودى بحياة 1.2 مليون نسمة فى جميع أنحاء العالم، كما تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ 1.5 مليار من سكان المدن يتعرّضون لتلوّث الهواء بمستويات تفوق الحدود القصوى الموصى بتجنّبها". والجدير بالذكر أيضاً أنّ الإصابات التى تلحق بالأطفال جرّاء حوادث المرور من الأمور التى تثير الكثير من القلق فى المناطق الحضرية، والمعروف أنّ الإصابات الناجمة عن تلك الحوادث من أهمّ أسباب وفاة الشباب من الفئة العمرية 15-24 سنة على الصعيد العالمى، وثانى أهمّ أسباب الوفاة بين الفئتين العمريتين 10-14 سنة. من جانبها أطلقت أكثر من 1200 مدينة فى جميع أنحاء العالم، فى إطار يوم الصحة العالمى 2010، تظاهرات تركّز على الصحة، وستواصل منظمة الصحة العالمية إبراز موضوع الصحة الحضرية طيلة هذا العام، وسيبلغ ذلك الترويج ذروته فى منتدى عالمى حول التوسّع العمرانى والصحة من المزمع عقده فى كوبى باليابان فى تشرين الثانى/ نوفمبر هذا العام، حيث ستسعى القيادات المحلية والوطنية إلى إطلاق نداء من أجل اتخاذ إجراءات بغية التصدى لقضية الصحة فى المدن. كما ستصدر كل من منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية فى وقت لاحق من هذا العام، تقريراً شاملاً عن التفاوتات الصحية القائمة بين سكان الحضر وكيفية مواجهتها.