لم أستطع أن أمنع دهشتى الكبيرة حين سمعت صوته بعد غياب طويل..غياب دام كثيراً، َسبقه قسوة وجفاء وأنانية مفرطة بعد نهر حب وعشق عظيم يجرى بين قلبينا فى الدقائق الأولى من محادثتى معه وودت أن أنهيها. لم أدر سبب ذلك الشعور الذى انتابنى. ولكن بعد دقائق معدودة وجدتنى أسترسل معه فى الحديث. لم أدر وقتها وحتى الآن أكان صوته الطبيعى وذكره لمواقف طريفة محاولة منه أن يبدو طبيعيا. أشعر ولو للحظة أنه يريد أن يقول "كم افتقد صوتك؟" لا زلت لا أرى. ولكنه وطوال ساعتين كان يحاول أن يذكر وبدون مناسبة أنه يعيش حياة عاطفية طبيعية للغاية وأنه إن كان غير مرتبط حتى الآن. فذلك لأسباب عديدة ليس من ضمنها أن قلبه لا زال يملك ولو القليل من المشاعر تجاهى. أعرف أنه لم يكن يستطيع أبدا أن يُصرّح لى بذلك. ولكن بلغة العاشقين كل شئ مفهوم. فقط ..لا أدرى ألا زال هو ضمن أصحاب تلك اللغة أم لا؟ استمر يضحك كثيرا وظل يداعبنى بخفة دمه المعهودة طوال محادثتى معه. لم يُنهى الحوار سريعا كما تعوّدت منه آخر فترة. هل كانت محادثته اعتذارا أم رسالة فحواها أن سامحينى حبيبتى فلا زلتِ أنت عشقى وحياتى؟، لا أدرى. حينما ازداد ذكره لمغازالاته لم أستطع ردع نفسى. أبديت اهتمامى أنا الأخرى بأشخاص آخرين، شكلا. وشخصية. ولا زلت لا أدرى ألحظات الصمت وتغيير نبرة صوته بعد كلامى هو فقط لأى سببٍ خارج؟ أم محاولة منه ضبط نفسه كى لا يعترف ضيق صوته بمشاعر الغيرة التى انتابته والضيق الذى سيطر عليه؟، لست أدرى. لماذا وبكل قسوة تعمدت أن أُوجّه له رسالة قاسية المضمون بأنه كان مجرد سبب وضعه الله فى طريقى لأتكأ عليه متجاوزة العديد من الأزمات فى حياتى؟ صمت بعدها ولم يعلّق. عدم تعليقه، مقدرة غير موجودة لإجابتى أم جرح كبير جرحته له؟لست أدرى. لماذا شعرت بعد ساعتين من حوارى معه شعور السجين الذى ظل لسنوات عدة حبيس زنزانته حتى جاء موعد خروجه عن ذلك السجن، ليقف حائرا على بوابة الزنزانة ينظر إلى رفقائه وعينيه لا تقويان على الاستسلام لدموع الفراق ولا تقوى شفتيه على الابتسام لفرحة الخروج إلى عالمه الجديد. حائر هو بين مشاعر حزن الفراق وسعادة الأمل وكأنه لا يقوى على طى صفحة الأحزان بكل ما فيها من أحزان. هكذا شَعُرت.. إن كان يحادثنى ليقول لى إنه تجاوزنى تماما فقد رددت له الصاع صاعين. فلم أقل له إنى أنا الأخرى تجازوته أيضا، بل قلت له بطريقته غير المباشرة التى تعلمتها على يد قلبه إن قلبى الذى لم يعد يمتلكه هو ملك لآخر.. يستحقه. لماذا لا أشعر بحلاوة انتصارى. لماذا لا أقوى على طى تلك الصفحة بما فيها من دموع وعذاب. هل سأظل حائرة بين قلبه الذى لا يستحق عشقى للحب. وحياتى القادمة؟ حتى الآن..لست أدرى؟