صديقى القارىء.. الصداقة تحتم على أن أخلص لك النصح.. من المؤكد أنك تتوق لمن يخشى عليك بدون أن يريد أى شىء منك.. أعرف أنك فى أعز الشوق لهؤلاء.. وهاهى الفرصة أتتك فليكن إنصاتك لى كما هو، إنصاتك لمن أريدك أن تسمح لى بالحديث عنهم. أحادثك صديقى عن أولئك الذين يسئيون إليك ويحسنون لآخرين.. أولئك الذين أدموا مشاعرك فى الوقت الذى يربتون فيه على كتف آخرين.. أولئك الذين أتيتهم مهرولا ناصحا مؤازرا، ولم تجد منهم غيرالصدود والجفاء.. أولئك الذين يحادثونك على مضض ويضحكون للآخرين ويمازحونهم. كل ذنبك صديقى أنك أخطأت العنوان.. خدعتك بوصلتك فى اختيار هؤلاء.. لنقل أولئك أفضل لأنها الضميرالبعيد، وهم أبعد ما يكونون عنك.. تسدى إليهم النصيحة ويعملون بها ويبدو أنهم يترفعون عن الاعتراف بذلك.. وليتهم اكتفوا بذلك فقط، بل لم يزدادوا معك تكبرا وغرورا وصلفا، الذنب ذنبك يا صديقى. نعم نحن مأمورون بوصل من قطعنا، وذلك الأمر من رحمة الرحمن لذوى القربى، من تربطك بهم أواصر الرحم والدم.. نعم موافقون أننا نوصلهم إن أظهروا لنا الجفاء.. نقترب منهم بالسؤال ولا ننتظر الجواب، لأنه أمر رب العباد. ولكن أولئك ما سر تمسكنا بهم بعد كل هذا العناء؟! لما تقدم فروض الولاء والطاعة وتجعل من كرامتك مداساً لهم وهم الذين لم يعرفوك ولا يريدون أن يعرفوك؟! وحدك تملك الإجابة. ولكن ماذا عن الآخرين الذين لهم كل هذا الاهتمام.. ولك وحدك أو ربما يشاركك البعض.. من هم ولماذا هذه المعاملة الفوق العادة الغير مالوفة؟! أعرف أنك بفطرتك تعرف أنها "لعبة الضغط على الأزرار" إنها لعبة الكبارفقط.. ولا تكون أيضا إلا للكبار من وجهة نظرهم الصائبة حقا فى مرمى مصالحهم المادية والمعنوية. نعم لعبة يعرفها البعض! ولكن دعنا صديقى نشرح اللعبة فقط من قبيل المعرفة لا من قبيل التعلم.. هناك زر مخصص للابتسام، وهناك زر لإظهار التواضع، زر آخر للمؤازرة والدعم، أزرار كثيرة وكثيرة ولا عجب أصدقائى. ولكن هل ضاقت الدنيا بمن يتعاملون مع الجميع سواء.. لافرق عندهم بين عربى وأعجمى، بين فلان وعلان، بين من يعملون هنا ومن يعملون هناك الله وحده العالم بأسرار العباد بخفاياهم وبواطن سرائرهم.. فقط ادع ربك صديقى، لم يعد هناك داع لأن تجهد نفسه فى حل المعادلات ومحاولة فك الطلاسم.. ربما حاولت كثيرا وباءت محاولاتك بالفشل الذريع.. ثق فقط أن الخير موجود. صديقى هرول بكرامتك بعيدا.. لمن تضحى هذه التضحية الغالية بكنزك الثمين؟! اندم صديقى كما تشاء.. اندم فقط أنك لم تختر الأشخاص المناسبين لعطائك.. ولا تندم أبدا على الخير الذى قدمته.. هنيئا لك براحة ضميرك وهنيئا لهم بالآخرين.