نقلا عن العدد اليومى : اعتبرت محافظة القاهرة مواجهة تحدى العشوائيات أهم أعمالها الملحة، وذلك عبر التنمية الحضرية وتطوير العشوائيات بالمشاركة بعد تصنيف العشوائيات ومعرفة أسبابها وجذورها ووضع الحلول العاجلة لها، وبادرت المحافظة بإنشاء وحدة ذات طابع خاص لتطوير العشوائيات داخل المحافظة تتبع المحافظ مباشرة. والأهداف التى ترمى لها خطة التطوير هى نقل السكان من مناطق عشوائية متردية المستوى صحيا وبيئيا إلى مناطق مرتفعه المستوى تصلها جميع المرافق، قريبة من مكان معيشتهم السابق، بحيث لا يتعارض مع مصالحهم، والاستفادة من قطع الأراضى التى تمت إزالة العشوائيات منها فى مشروعات استثمارية توفر فرص عمل لسكان المنطقة وتنهض بالاقتصاد، وخلق محاور مرورية جديدة، وإقامة مجمع مدارس ومناطق خضراء وخدمات، وتشهد محافظة القاهرة مجموعة من تجارب تطوير العشوائيات تشمل تعاونا وشراكة ما بين مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية المعنية والمحافظة وقطاع الأعمال، فالتنمية الحضرية وتطوير العشوائيات حق لكل المواطنين جميعا. منشأة ناصر أحد المناطق العشوائية التى تم بناؤها بالجهود الذاتية للأفراد فى غيبة من القانون وترتكز استراتيجية محافظة القاهرة لتطوير العشوائيات والاهتمام بالمواطنين وتحسين مستوى الخدمات على أربعة محاور: أولها: التعامل مع مناطق الخطورة الأولى من خلال إزالة فورية وإعادة تسكين فى نفس المنطقة إن أمكن، وذلك من خلال التقارير والتوصيات العلمية التى تقوم بها اللجنة العلمية. وثانيا: تطوير الخدمات فى الأماكن غير المخططة التى تنقصها خدمات، وذلك من خلال منهجية التنمية بالمشاركة وإدماج السكان الشركاء المعنيين لضمان استدامة التطوير. أما المحور الثالث فهو العمل على خلق فرص عمل من خلال تطوير الحرف بتلك المناطق وتفعيل دور التدريب المهنى بما يساعد على رفع المستوى الاقتصادى لسكان تلك المناطق، ورابعا: تشجيع الاستثمار فى المناطق النائية التى تمثل بؤرا لنزوح مواطنيها إلى القاهرة بحثاً عن فرص العمل ومصدر رزق وخدمات، وعمل مجتمعات متكاملة فى تلك المناطق تشمل المسكن وفرص العمل وخدمات متكاملة، وذلك لتشجيع السكان على الاستقرار فى مواطنهم الأصلية دون النزوح إلى القاهرة. تبلغ مساحة منشأة ناصر حوالى 195 فدانا وفى إطار تنفيذ محاور تلك الاستراتيجية شكلت المحافظة لجانا علمية ضمت متخصصين وخبراء من أساتذة الهندسة والجيولوجيا من مختلف الجامعات المصرية لدراسة مناطق الخطورة وتحديد مواطنها حسب درجاتها وفحص الحواف الصخرية للمناطق الشمالية والجنوبية لهضبة المقطم ومنطقة إسطبل عنتر وعزبة خير الله فى نطاق أحياء منشأة ناصر ومصر القديمة ودار السلام وغرب مدينة نصر، كذلك تحديد أسلوب التهذيب والمعالجة الحديثة، على أن يتم تنفيذ فورى لما جاء بتوصيات وتقارير تلك اللجنة. وتضم محافظة القاهرة 112 منطقة عشوائية تم تصنيفها، إلى نوعين مناطق غير آمنة وعددها يصل ل63 منطقة درجة أولى مهددة للحياة «24» درجة ثانية «28» درجة ثالثة «11»، والباقى مناطق أخرى غير مخططة وآمنة وعددها 49 منطقة. ومن خلال أعمال لجان الحصر لقاطنى المناطق العشوائية المهددة للحياة من الدرجة الأولى ذات الأولوية تم تسكين فعلى لحوالى 16.000 وحدة سكنية وفرتها المحافظة خلال المراحل السابقة، ومطلوب حالياً توفير «26.510 وحدة سكنية» لنقل وتسكين باقى سكان تلك المناطق بنطاق حى منشأة ناصر ومصر القديمة «منطقة إسطبل عنتر وعزبة خير» بتمويل وتكلفة إجمالية تتعدى ال3 مليارات جنيه، وتسعى محافظة القاهرة بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية ووزارة التخطيط ووزارة الإسكان والمرافق ووزارة التنمية الحضارية وتطوير العشوائيات لتوفير تمويل الوحدات السكنية المطلوبة لاستكمال مراحل خطة التسكين. وتبذل المحافظة قصارى جهدها لتوفير حوالى 10.000 وحدة سكنية من خلال تنفيذ مشروعين لبناء وحدات سكنية جديدة أولها مشروع معاً لتطوير العشوائيات بمدينة السلام الذى تقيمه مؤسسة معاً لتطوير العشوائيات على مساحة 63 فدانا مخصصة من محافظة القاهرة لإقامة أول مدينة متكاملة الخدمات لنقل سكان العشوائيات. أغلب سكان منطقة منشأة ناصر يعملون فى تجميع القمامة وجار الانتهاء من مرحلته الأولى بإقامة 1000 وحدة سكنية من إجمالى 5300 وحدة، وهذا المشروع يمثل تحديا كبيرا فى مشاركة المجتمع المدنى للأجهزة التنفيذية فى تنفيذ مخططاتها التنموية للارتقاء بالعاصمة، وخاصة فى مجال إنقاذ مواطنين مقيمين بمناطق وبيئة خطرة على حياة المواطن، ويعد نموذجا يحتذى به فى إنشاء أى مجتمعات عمرانية جديدة فى القاهرة أو المحافظات الأخرى، حيث يضم بجانب المساكن كل الخدمات اللازمة من مسجد وكنيسة ومدارس ابتدائى وإعدادى وتعليم فنى ومسرح وسينما ونواد ومحلات ومصانع لتشغيل المنقولين إليها من المناطق العشوائية. وتنفذ أجهزة محافظة القاهرة أيضاً مشروع مدينة سكنية ضخمة بمنطقة الأسمرات بحى المقطم لإقامة حوالى 5000 وحدة سكنية جديدة يتم تخصيصها بالكامل لنقل وتسكين أهالى وسكان المناطق ذات الخطورة الداهمة بناء على توصيات اللجنة العلمية، أما بالنسبه للمناطق غير المخططة وآمنة ويصل عددها ل49 منطقة، فيتم التعامل معها بأسلوب علمى حديث من خلال إعادة تخطيط تفصيلى للمنطقة ورفع مستوى كل الخدمات وتطوير شبكات المرافق والمهارات البشرية لسكانها، ولا يقتصر التطوير على التخطيط العمرانى، بل تنمية تشمل التنمية البشرية ومشاركة المواطنين بصورة إيجابية لتحديد المشاكل والإمكانيات ووضع أولويات الحلول، وذلك للتأكد من تحقيق التطوير المنشود وإدماج مواطنى المناطق العشوائية فى نسيج المجتمع، وفى محاولة للإنجاز على أرض الواقع نجحت المحافظة فى توقيع عدد من البروتوكولات أهمها بروتوكول لتطوير 17 منطقة عشوائية ذات الأولوية داخل أحياء القاهرة موزعة على عدة مناطق وهى «المرج وعين شمس والخليفة وحدائق القبة والزاوية الحمراء ومنشأة ناصر وطرة ودار السلام والمعادى والمعادى وشبرا والسلام أول» وجار الانتهاء من أعمال التطوير بتلك المناطق، وفقاً للبروتوكول بتكلفة تقدر بحوالى 200 مليون جنيه. كما يتم حالياً الانتهاء من أعمال التطوير التنفيذية بعدد من المواقع والمناطق العشوائية غير المخططة بحلوان، طبقاً لبروتوكول التعاون مع صندوق تطوير العشوائيات وإدارة الأشغال العسكرية كجهة تنفيذ بتمويل اتحاد بنوك مصر لتطوير 15 منطقة عشوائية آمنة بحلوان بمساحة إجمالية 445.8 فدان تقريباً. الأهالى يعانون قسوة الحياة والظروف المحيطة بهم وترتكز استراتيجية التطوير بتلك المناطق مثل «عزبة الوالدة عرب راشد عرب الوالدة» بحلوان على تحسين الحالة العمرانية لها بعد رصد الوضع الراهن، من خلال رفع كفاءة الشوارع الرئيسية والداخلية لها، مع إعادة تطوير جميع شبكات المرافق وتجديدها، وإقامة شبكات إطفاء حديثة لمكافحة الحريق بها وأعمدة إنارة وكوابل، وأخيراً دفن خطوط كهرباء الضغط العالى وتحويلها إلى خطوط أرضية. ولتطوير المناطق غير المخططة والآمنة تشهد منطقتا عزبة العسال وعزبة جرجس بشبرا عددا من أعمال التطوير، والمدرجة ضمن خطة المحافظة لتطوير العشوائيات والارتقاء بمستوى الخدمات لسكانها وقاطنيها كواحدة من أقدم المناطق العشوائية بالقاهرة، طبقاً لبروتوكول المحافظة مع صندوق دعم مصر بتكلفة إجمالية تتجاوز 60 مليون جنيه. ويشمل المشروع إعادة تأهيل حوالى 400 مبنى إنشائى مع تجديد كل شبكات المرافق الموصله لهم، وهذا العدد من العقارات والمبانى الخاضعة للتطوير يضم أكثر من 20 ألف مواطن من سكان المنطقة، وسيشمل مشروع التطوير أيضاًً إنشاء سوق جديد لأبناء المنطقة يتكون من دورين على نفس أرض السوق الحالى، الذى سيتسع وفقاً لنموذجه الإنشائى الجديد لعدد أكبر من الباعة بعزبة العسال، كما سيضم أيضاً مركزا تأهيليا للحرف ومحو الأمية لخدمة أبناء المنطقة.