رئيس الوزراء: نحن على المسار الصحيح في التعليم الأساسي والجامعي    تضحياتهم لن تُنسى.. الداخلية تصطحب أبناء الشهداء إلى مدارسهم فى اليوم الدراسى الأول "فيديو"    أول تعليق من رئيس الوزراء على بيع حصة الحكومة في فودافون    مبادرة "حياة كريمة".. نموذج رائد للتنمية الشاملة في مصر    سكرتير عام مطروح المساعد للأهالي: التصالح هو ميراثك للأجيال القادمة    الإمارات تُعلن استشهاد 4 من قواتها المسلحة إثر تعرضهم لحادث    رئيس مجلس النواب اللبناني: ال24 ساعة القادمة ستكون حاسمة    رسميا.. زد يعلن التعاقد مع عمار حمدي    تأجيل محاكمة عاطل متهم بتزوير شهادة ميلاد في المرج    محافظ أسوان ونائب وزير الإسكان يتفقدان خزان أبو الريش العلوي بسعة 4 آلاف مكعب من محطة جبل شيشة    مهرجان الجونة السينمائي يُكرم النجم محمود حميدة ويمنحه جائزة الإنجاز الإبداعي    شغل ومكافآت وفلوس كتير.. 4 أبراج فلكية محظوظة في بداية أكتوبر    أحمد سعد وإليسا ورامي صبري وبهاء سلطان.. رباعية تاريخية في أرينا بالكويت    الصيادلة: الشركات تعوض الصيدليات عن الأدوية منتهية الصلاحية    الكشف على 267 مواطنا بقافلة بداية الطبية في السكادرة بالشيخ زويد    محافظ الجيزة يكلف باستمرار أعمال رفع كفاءة مستشفى أطفيح المركزي    رئيس الوزراء: أزمة الدواء الخانقة تنتهي خلال أسابيع    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال تطوير «ساحة المسجد الإبراهيمي» بدسوق    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس ودرجات الحرارة غدا الخميس 26 سبتمبر 2024    أول تعليق من أسرة الطفلة «علياء» بعد مقابلة رئيس الوزراء.. ماذا قالت له؟    رئيس هيئة الدواء: سحب كافة الأدوية منتهية الصلاحية وليس نسبة منها    عاجل - رئيس الوزراء: الحكومة تواصل تحسين التعليم    ماكرون يدعو إيران للعب دور إيجابي في تهدئة شاملة بالشرق الأوسط    أيتن عامر عن أزمتها مع طليقها : «الصمت أبلغ رد» (فيديو)    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    تفاصيل الحلقة ال 8 من «برغم القانون».. إيمان العاصي تعرف حقيقة زوجها    بعد 10 سنوات من رحيل خالد صالح .. سر وصية دفنه يوم الجمعة وصلاة الجنازة ب عمرو بن العاص    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    النائب محمد الرشيدي: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    فى ذكراه ال54، الحزب الناصرى يشكل وفدا لزيارة قبر الزعيم السبت المقبل    مدرب السد القطري: مباراة الغرافة ستكون صعبة للغاية    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    مدير مركز القاهرة الدولي يقدم استخلاصات النسخة الرابعة من منتدى أسوان بقمة المستقبل    بينها تجاوز السرعة واستخدام الهاتف.. تحرير 31 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    مع الاحتفاظ بالمصرية.. الداخلية تأذن ل21 مواطنًا التجنس بجنسية أجنبية    محافظ الوادي الجديد يوجه باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الطلاب المتغيبين عن المدارس    "بعد السوبر".. مصدر ليلا كورة: الزمالك يتفق مع الغيني جيفرسون كوستا    وزارة التموين تحصر أرصدة السكر المتبقية من البقالين    وزير الأشغال اللبناني يؤكد استمرار العمل بمطار بيروت    انعقاد الدورة الخامسة للجنة القنصلية المصرية – الإماراتية المشتركة بالقاهرة    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    تكريم الإنسانية    تعديل المخططات التفصيلية لقريتين في محافظة الدقهلية    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    ضبط 200 ألف علبة سجائر بقصد حجبها عن التداول بالغربية    خبير سياحي: الدولة تقدم خدمات متكاملة في مشروع «التجلي الأعظم»    كواليس الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب حزب الله    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم الثانى لانتخابات الرئاسة
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 03 - 2010


نقلاً عن العدد الإسبوعى
لا تظننى أقصد إحباطك عمداً، إن قلت لك إنه لا يهمنى من قريب أو من بعيد أن يكون الرئيس مبارك هو حاكم مصر، أو أن يكون البرادعى، أو عمرو موسى، أو أيمن نور، أو حتى الأستاذ عمرو خالد هو رئيس جمهورية مصر العربية!
صدقنى أنك لن تشعر بفرق كبير فى اليوم التالى مباشرة لأداء اليمين الدستورية لأى رجل من هؤلاء يجلس على كرسى الرئاسة، ويبدأ فى تنفيذ أجندته للإصلاح، والرخاء، والرفاهية، والعدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، وتحقيق الديمقراطية، لن تشعر أن شيئاً عظيماً قد تغير من حولك، عندما يعلن الرئيس الجديد تعديل المادتين 76 و77 لفتح الباب لأى رجل فى مصر للترشح للرئاسة، وتحديد فترتين فقط لأى رئيس فى السلطة دون تجديد أو تمديد أو مبايعة.
لن يتغير شىء بعد ذلك مطلقاً، ستبقى محشوراً فى أوتوبيس النقل العام، وستشرب نفس المياه التى تحل عليك ملوثة فى عقر دارك، وسيقف أبناؤك كعادتهم دائماً فى طوابير العيش، ولن تجد بديلا عن استمرار الدروس الخصوصية للعجز التعليمى فى المدارس، وسيبقى العلاج فى المستشفيات العامة عذابا بلا نهاية، وسيظل سعر الدواء كما هو وفق الأسعار العالمية، ولن تحصل على الحديد والأسمنت مجاناً من المصانع، ولن تتوقف المظاهرات الاحتجاجية على سلم نقابة الصحفيين، ولن تنفرج أزمة المرور فى القاهرة والإسكندرية، ولن تتوقف الحوادث على الطريق الدائرى، ولن تنتهى الاحتقانات الطائفية فى الصعيد، ولن يخرج القانون الموحد لدور العبادة بسهولة، وسيبقى حبيسا فى الأدراج، ولن تنتهى المواجهات بين الدولة والإخوان، ولن يوزع جنود الأمن المركزى وضباط الشرطة الورود فى الأكمنة التى تتربص بتجار المخدرات على طرق سيناء الصحراوية.
لن يحل الرئيس الجديد شيئاً بين يوم وليلة، ولن يغير الرئيس الجديد مصر قبل أن يرتد إليك طرفك على طريقة ملكة سبأ والنبى سليمان، فالفلاحون سيواصلون الرى باستخدام مياه الصرف، إذا تعثرت المياه العذبة فى طريقها إلى أراضيهم، وستبقى إسرائيل على الحدود، وحماس فى غزة، والولايات المتحدة فى قواعدها بالخليج، وستبقى الشمس تشرق من المشرق، وتغرب فى المغرب، بلا تغيير درامى فى روتين حياتك.
أقول لك مرة أخرى، لا تظننى أقصد إحباطك، أو تتوهم بأننى أدعوك لكى تستسلم إلى الشكل الحالى للسلطة التى يهيمن عليها نظام سياسى واحد منذ اندلاع ثورة يوليو حتى اليوم، لا أقصد هنا الإحباط أو الاستسلام، ولا أدعوك لأن تتوقف عن دعم أيمن نور أو البرادعى أو من شئت من الرجال لهذا المنصب الرفيع، ولكننى أدعوك لأن تستيقظ على حقيقة أخرى، أساسها أن التغيير لا يتحقق أبدا بتعديل اسم الرجل الذى يجلس على مقعد الرئاسة وحده، أو بتغيير الأسماء من محمد حسنى مبارك إلى محمد البرادعى، أو بتحديد مدتين فقط لمنصب الرئيس، فلا الرئيس الحالى ولا الرئيس المرتقب يستطيع أن يضرب بعصاه الحجر، فتنفلق منه اثنتا عشرة عينا كالنبى موسى، ولا الرئيس الحالى ولا الرئيس المرتقب، يمكنه أن يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله كالمسيح عليه السلام.
التغيير الذى تريده مصر أبعد كثيراً من شخص الرئيس أو اسمه أو صفته أو أجندته للإصلاح السياسى، التغيير الذى تريده مصر لا علاقة له بشكل الحكم، أو الأشخاص الذين يتولون الإدارة، بقدر ما يرتبط بالاستراتيجية الفكرية التى يعتمدها البلد بكامله، والنخبة الفكرية والسياسية والثقافية بالكامل نحو هذا التغيير.
ما الذى نريده فعلاً؟ وهل نستطيع جميعاً تحقيقه أم لا؟
من السذاجة أن نتصور أن رجلاً واحداً فقط نحمله طوعا إلى قصر الرئاسة، يمكنه أن يغير عقول عشرات الآلاف من المعلمين المصريين فى المدارس، ويدعوهم إلى احترام حريات الآخرين، وأديان الآخرين دون تطرف أو إرهاب، ومن السذاجة أن نتصور كذلك أن تغيير شخص الرئيس سيفرض معه على الفور تغييرا فى عقول خطباء المساجد الذين يجرّون الناس إلى الماضى بعنف، وكثير منهم يخاصم الحداثة والدولة المدنية، ويعتبر الديمقراطية رجسا من عمل الشيطان، ويحارب عمل المرأة واختلاطها بالرجل فى مواقع العلم والعمل.
قل لى أنت، ما هو دور الرئيس الحالى، أو الرئيس المرتقب، فى تغيير المزاج العقلى والنفسى والعقائدى للجمعية العمومية فى مجلس الدولة التى عارضت تعيين المرأة قاضية؟
ما الذى يمكن أن يقوم به الرئيس، أى رئيس، إزاء هذا الموقف المتصلب من الجمعية العمومية الذى يقف فى طريق أى حداثة وأى تطوير وأى ديمقراطية؟
وقل لى أيضاً ما دور الرئيس الحالى، أو الرئيس المرتقب، إزاء هؤلاء الذين يخرجون بعد صلاة الجمعة، ليحطموا بيتاً صغيراً حوله بعض المسيحيين إلى مكان للصلاة، بعد أن ضاقت عليهم الكنائس ودور العبادة؟
ما الذى يمكن أن يقوم به الرئيس هنا لتغيير هذه العقول التى تنكر الآخر وتحاربه، وتستكثر عليه صلاته بعد أن سمح بها رسول الله نفسه للأديان السماوية فى دولة المدينة؟
قل لى كذلك ما الذى يمكن أن يفعله الرئيس الحالى، أو الرئيس المرتقب، فى قضية النقاب فى الجامعات، أو فى جرائم الشرف فى القرى، أو فى جرائم الثأر فى الصعيد، أو فى إصلاح الخطاب الدينى فى الأزهر والكنيسة، أو فى أجندة جماعة الإخوان المسلمين لتطبيق الحدود الإسلامية، بقطع يد السارق، ورجم الزانى والزانية تحت شعار الحكم بما أنزل الله، أو فى أجندة الجماعات الإسلامية التى تناضل لاستعادة الخلافة على (منهاج النبوة) ليكون المسلم الماليزى والفلبينى أقرب إلينا من المصرى المسيحى، وإن أخلص وإن أبدع وإن فدى الوطن بروحه وماله وكل ما يملك.
قل لى ماذا يفعل الرئيس الجديد إن أعاد الإشراف القضائى على الانتخابات، ثم واصلت العائلات فى الصعيد مناصرة أبنائها على أسس قبلية وعائلية، وقل لى ماذا يفعل الإشراف القضائى على الانتخابات إن كان جمهور الناخبين من الذكور يعارضون ترشيح المرأة أو ترشيح الأقباط فى الانتخابات العامة.
أنت وأنا نريد التغيير إلى الأفضل، وأنت وأنا نظن أنه ما إن نُطِح برئيس فى السلطة، ونرفع رئيسا آخر إلى السلطة حتى تتحول الحياة بين عشية وضحاها إلى فردوس، ننعم فيه وأطفالنا طوال الحياة، وهذا وهم لا يتناسب مع التحديات الحقيقية التى تستوجب التغيير فعلا فى بلادنا.
التغيير الذى تريده مصر أبعد كثيراً من المادتين 76 و77 فى الدستور، التغيير الذى تريده مصر أعمق كثيراً من تغيير اسم الرجل الذى يجلس فى قصر الرئاسة، التغيير الذى تريده مصر فى العقول والأفكار والتقاليد والعادات التى تخاصم الحرية من القاع، وتكيل بمكيالين فى المساواة بين الأفكار والأديان والعقائد، وتخاصم مشاركة المرأة فى المجتمع، وتعادى الحريات الفردية، وتغطى نفسها بالسلفية والأصولية الدينية بحثا عن هوية، وتنتظر من الرئيس أن يضرب بعصاه الحجر، أو يدعو الله أن ينزل من السماء مائدة من المن والسلوى من طعام الجنة.
التغيير يجب أن يبدأ من القاع، من القرى والأزقة والشوارع، من المدارس والمؤسسات الدينية، من العائلات والقبائل، من التعليم والإعلام، نحو حرية حقيقية، وإصلاح شامل، ليكون تغيير الرئيس هو محصلة نهائية تضاف إلى قوة المجتمع، لكن الرئيس، أىّ رئيس، لن ينجز شيئا على الأرض إن كانت الأرض تعاند الحرية والإصلاح والتغيير.
اختر أنت من تشاء وقتما تشاء، ولكن لا تحلم كثيراً بتغيير عاصف، لأن صناديق الاقتراع لا تغير باطلا، أو تصلح فاسدا، أو تقاوم إرهاباً، أو تحمى حرية الاعتقاد والأديان والتعبير، إنها فقط تغير اسماً مكان اسم، وحاشية مكان حاشية أخرى.. التغيير الحقيقى أساسه أنت وأنا، عائلتك وعائلتى، أفكارى وأفكارك.. التغيير هو أنت وأنا أولاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.