كأى صباح تستيقظ والدة يوسف،.. توقظه، تجهز له مريلة المدرسة ذات المربعات الصغيرة، وهى لا تعرف أنها ملابس الموت.. ارتداها يوسف وبعدها بساعات استبدلها بالكفن، بعدما اخترق زجاج نافذة الفصل عنقه.. مات يوسف، وجدد قصص الموت بالمدارس التى تعددت أسبابها والفاعل واحد.. هو الإهمال فى مدارس فقراء، لا تحتمل أعدادهم الكبيرة فوق أثاثها المتهالك وزجاجها القاتل. يوسف لقى مصرعه، بعد سقوط لوح زجاج اخترق رقبته فى مدرسة عمار بن ياسر الابتدائية بالمطرية.. والعام الماضى شهد أكثر من 10 حوادث – نرصد بعضها - مات فيها أطفال بسبب سوء المرافق التى تتولى هيئة الأبنية التعليمية صيانتها من وقت لآخر، وهى الصيانة التى يكشف الواقع غيابها. فى الثامن من نوفمبر العام الماضى، ابتلعت بالوعة مدرسة السلام الحديثة بأسيوط، محمد صلاح تلميذ الصف الخامس الابتدائى، عندما كان متجها إلى الحمام، وأحيلت الواقعة إلى النيابة التى حققت مع مديرة المدرسة بتهمة الإهمال ثم عادت إلى موقعها وأغلقت القضية. بعدها بأشهر، بلعت بالوعة مدرسة بنى خلف الإعدادية بالمنيا، الطفل هشام فتحى عباس، بعد أن سقط فيها بنفس الطريقة، دون أن تلفت الواقعة الأولى نظر وزارة التربية والتعليم إلى ضرورة صيانة البلاعات. وفى العاشر من مارس 2013 طرقت «هايدى» التلميذة، ب«كى جى وان» بوابة مدرسة النساجون الابتدائية بالشرقية، فسقطت عليها بعد أن تآكلت من أثر الصدأ، نتيجة تقاعس مدير هيئة الأبنية التعليمية فى المحافظة عن إجراء الصيانة الدورية، ما دفع وزير التربية والتعليم الدكتور محمود أبوالنصر للتأكيد على تحمله المسؤولية كاملة، لكن تصريحات المسؤولين لا تحيى الموتى، ولا تبرد قلب أم مات ابنها. وفى إبريل 2013، لقى التلميذ محمد حسن قرنى، مصرعه بعد أن سقط فى حمام سباحة مدرسة رويال هاوس أكاديمى سكول، حيث وجدته المشرفة طافياً وهى فى طريقها إلى الفناء، ولم تتخذ الوزارة أية إجراءات رادعة تجاه المدرسة. ولقى ياسين الكفافى تلميذ بالابتدائى بمدرسة مانور هاوس سكول الدولية بأكتوبر مصرعه، بعد أن سقط من أتوبيس المدرسة الذى يسير بسرعة جنونية، ولم يخضع للصيانة بالشكل الذى يمنع سقوط التلاميذ من نافذته، وتستمر المدرسة فى تقديم خدماتها بمقابل باهظ دون عقاب من الوزارة. وفى أول يوم بالعام الدراسى 2012 - 2013، لقى الطفل فارس محمد يوسف حتفه بمدرسة بأبو قرقاص، فى المنيا، بعد أن لدغه عقرب، مع قرب نهاية الحصة الأولى.. المثير للحسرة أن الطفل شعر بألم اللدغة ولم يصرخ، كى لا تغضب المعلمة، ثم شاهد العقرب يسقط من بنطاله، وبعد نقله إلى الوحدة الصحية مات. حكايات الموت فى مدارس التربية والتعليم، لا تنتهى، والوزارة تتبع الإجراءات نفسها سنويا، ولم يقدم مسؤول واحد للمحاكمة حتى الآن.