قال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إن زيادات أسعار الطاقة وضعت البنك المركزى أمام تحد جديد لكبح جماح التضخم، خاصة أن الهدف الرئيسى للسياسة النقدية التى يضعها "المركزى" ويشرف عليها، يتمثل فى الحفاظ على استقرار المستوى العام للأسعار. وأضاف أن تحسين عجز الموازنة وميزان المدفوعات يؤدى من الناحية النظرية إلى تراجع مستويات أسعار السلع (التضخم)، لكن ذلك يتطلب جهداً كبيراً من الأجهزة الحكومية المختلفة لمراقبة الأسواق ميدانياً وليس مكتبيا. كما أضاف إن زيادات الطاقة تستلزم خفض ربحية الشركات وكيانات السوق غير الرسمية، ومن دون ذلك سيحدث انفلات فى معدلات التضخم، داعيا إلى ضرورة التواصل القوى مع مقدمى الخدمات والسلع لضمان عدم انتقال الأثر المالى لهيكلة دعم الطاقة إلى المستهلك. وقال إن رفع أسعار البنزين والطاقة خطوة ضرورية للاقتصاد المصرى، نظراً لأنها تخفض من فاتورة مخصصات دعم الطاقة التى تعد أحد الأسباب الرئيسية وراء تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة على مدار السنوات الآخيرة، مشيراً إلى أن الدراسات والابحاث أثبتت وجود تأثيرات ضعيفة على معدلات التضخم والمستوى العام للأسعار. وأكد أن توجه الحكومة لرفع اسعار السولار والبنزين والكهرباء يعتبر إجراء اقتصادياً سليماً يهدف إلى تخفيف العبء على الدين العام وخفض نسب عجز الموازنة العامة للدولة، مع تخفيض حجم الاقتراض المحلى وعبء تغطية الدين واقساطه التى ستنعكس آثارها على الاجيال القادمة. وتوقع حدوث ارتفاعات مقبولة فى معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، إثر زيادة أسعار البنزين والسولار والتداعيات المرتبطة به، موضحاً أن تكاليف النقل للأفراد ومواد البناء والسلع والمنتجات وغيرها من المحتمل أن تشهد زيادة فى أسعارها. وطالب بضرورة تعزيز دور الدولة كمراقب للسوق المحلية لمتابعة الاسعار وضبط الاسواق ومنع التلاعب فى اسعار السلع الاستراتيجية مع اتباعها سياسة توازنية تهدف إلى زيادة الانتاج واستقرار الأسعار فى نفس الوقت لضمان زيادة الانتاج ووفرة المعروض السلعى. وتابع أن "المركزي" لديه كل المعلومات التى تعزز من استخدامه الآليات المناسبة لمكافحة التضخم سواء رفع الفائدة أو الاحتياطى الالزامى، لافتاً إلى قدرة المركزى على قياس عوامل السلب والايجاب لكل قرار وتبعاته. وأضاف انه لا توجد ضرورة ملحة لرفع أسعار عائد الكوريدور – الإيداع والإقراض لليلة واحدة لدى البنك المركزى- على مستوياتها الراهنة البالغة 8.25 % للايداع و9.25 % للاقراض، بقدر ما يتطلب الامر اتباع الحكومة سياسات صارمة لمراقبة الأسعار وضبط السوق المحلية حتى لا يستغل المنتجون قرارات الحكومة بالمبالغة فى رفع الاسعار. وأكد أن البنك المركزى، هو الأجدر على تحديد الآليات المناسبة لتقليل حدة الآثار التضخمية، لافتاً إلى أن اتخاذ قرار بتغيير سعر الفائدة سلاح ذو حدين لاسيما أن هذا القرار من شأنه أن يضفى بظلاله على النشاط الائتمانى والاستثمار، والذى من المستهدف تنشيطه خلال الفترة المقبلة، وعلى الجانب الآخر فإن ارتفاع التضخم يأكل الفائدة بما ينعكس على مدخرات الأفراد وشعورهم بحصولهم على فائدة سالبة. وأوضح عادل أنه لا بديل عن إجراءات تقشفية فى ظل الظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد إلا أنه لا يفضل اتباع اسلوب الصدمات الموجعة والسريعة تلاشياً للغضب المجتمعى، لافتاً إلى ضرورة تسريع عملية تنشيط الاستثمار واتباع سياسات ترفع من الصادرات وتقليل الواردات بما يخفف الضغط على عجز الميزان التجارى ودعم الاحتياطى الأجنبى. وأشار إلى أهمية اتخاذ الحكومة حزمة من القرارات لتشجيع الاستثمار وتوفير فرص العمل لامتصاص رد الفعل المجتمعى على القرارات الأخيرة من رفع الضرائب وتقليل الدعم على الطاقة. وقال إن المجتمع بصفة عامة ومجتمع الأعمال تحديداً لم يفاجأ من تحريك أسعار الوقود لأن الحديث عن هيكلة الدعم دائر بالفعل منذ عدة سنوات، مؤكداً أن قرار تعميم خفض الدعم على جميع المنتجات البترولية وفئات البنزين صائب حتى لا يتوجه المستهلكون نحو أى فئة بنزين أو محروقات لا تشملها زيادة الاسعار وحدد أبرز القطاعات تأثراً بحركة الزيادة فى أسعار الوقود فى النقل ومواد البناء. وأكد أن الحكومة ستواجه تحديات بعد إصدار القرار أبرزها انخفاض دخل الفرد الذى سيؤدى لتراجع القوة الشرائية، مما يتطلب على الحكومة خلق فرص للنمو وضخ المزيد من الاستثمارات، والعمل على جذب رؤوس الأموال الأجنبية لزيادة الناتج القومي الإجمالى.