سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سفير المغرب بالقاهرة: النزاع مغربى جزائرى والتاريخ لا يوجد به مكان للكيان الصحراوى.. محمد سعد العلمى: نحن نتألم لأن ما يحدث فى هذه المخيمات وضع مفتعل لخلق نزاع لم يكن موجودا فى أى وقت كان
فى 27 فبراير 1976 أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب المعروفة باسم البوليساريو، قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وأعلنت فى بيان تأسيس جمهوريتهم. انتهى البيان لكن لم تنته المشكلة أو القضية، بل إنها بدأت، فالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التى تقع شمال غرب أفريقيا، على ساحل المحيط الأطلسى، ويحدها من الشمال المملكة المغربية ومن الشمال الشرقى الجزائر ومن الشرق والجنوب موريتانيا، لازالت محل خلاف ونزاع وصل إلى الأممالمتحدة التى أرسلت بعثة إلى الأراضى الصحراوية لعلها تصل إلى حل، لكن الحل لم يأت بعد، فالصحراويون يعتبرون أن هذه الأرض ملك لهم وهى دولتهم، أما المغرب فإنها ترى الجمهورية الصحراوية هى جمهورية وهمية، وأن الخلاف ما هو إلا نزاع مغربى جزائرى. فى المخيمات التقيت غالبية المسؤولين عن الجمهورية الصحراوية التى تحظى بعضوية الاتحاد الأفريقى ونالت اعترافا من عدد من الدول أبرزها الجزائروموريتانيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا ودول لاتينية، وبعد العودة إلى القاهرة كان واجبا الاستماع لرأى المغرب فى القضية، خاصة أنه الطرف الأبرز فى الأزمة، فذهبت إلى محمد سعد العلمى سفير المغرب لدى مصر الذى بدأ حديثه بسؤال، هل من رأيتهم فى مخيمات تندوف هم فعلا سكان المخيمات ممن يرجعون فى أصولهم إلى قبائل الساقية الحمراء ووادى الذهب، أم أنهم ينتمون لأصول ترجع لمنطقة الساحل من موريتانيا ومالى؟، واستكمل حديثه بقوله «إذا كانوا فعلا هم لاجئون فهناك قانون دولى لحماية اللاجئين، فلماذا ترفض الجزائر ومن فى المخيمات أن تتدخل المندوبية السامية لشؤون اللاجئين لإحصاء المتواجدين فى هذه المخيمات، والتعرف على عددهم وانتمائهم، خاصة أن هذه هى المنطقة الوحيدة فى العالم التى لا تعرف المفوضية أى معلومة عنها». لم يكتف العلمى بذلك وإنما أضاف «هم يستغلون المخيمات للحصول على دعم سياسى ومادى ومعنوى، وهناك فضائح فى الاتجار بالمعونات من جانب قادة البوليساريو»، موضحا «نحن فى المغرب نتألم لأن ما يحدث فى هذه المخيمات هو وضع مفتعل من أجل خلق نزاع لم يكن موجودا فى أى وقت كان، فالدولة المغربية استمرت كدولة مستقلة إلى بداية القرن العشرين حينما خضع المغرب للحماية الفرنسية عام 1912، والاحتلال الإسبانى فى أجزاء من أقاليمه، مما أدى إلى تمزيق المغرب وحدوده لدوره الأساسى فى حماية الإسلام، وأنه ظل صامدا فى وجه الغزوات إلى أن انتهى الأمر بفرض الحماية عليه، وقبل ذلك كان المغرب يمتد ليشمل حكمه شمال أفريقيا والأندلس، وحتى فى فترات تقلص الحكم المغربى فإن حدوده كانت معروفة وواضحة بوثائق ومعاهدات دولية». وأكد العلمى على وجود وثائق تضبط الحدود بين المغرب والجزائر منذ العثمانيين، ولم يكن هناك كيان آخر بينهم، فى إشارة إلى الجمهورية الصحراوية. وأشار سفير المغرب لدى القاهرة أنه «كانت هناك تدخلات للمغرب لدى الأممالمتحدة، لأن المغرب نقل القضية من منظمة الوحدة الأفريقية التى أخذت موقفا غير مبرر من القضية بقبول جمهورية وهمية دون أن يتم حق تقرير المصير، وهذا هو سبب انسحاب المغرب من المنظمة لوجود تآمر كانت تقف وراءه الجزائر، فالمغرب هو الذى سعى لرفع القضية للأمم المتحدة وكانت هناك قرارات لإجراء استفتاء حق تقرير المصير، لكن بعثة الأممالمتحدة لم تتمكن من إجرائه لعدة أسباب، منها صعوبة التعرف على هوية من ينبغى أن يصوتوا فى الاستفتاء، فكل طرف تمسك برأيه إلى أن وصلت الأممالمتحدة لقناعة بصعوبة إجراء الاستفتاء، وقالت إنه لابد من حل سياسى للمشكلة، وهنا تجاوبت المغرب مع الأممالمتحدة وتقدمت فى عام 2007 بمبادرة من الملك حظيت بتأييد كل القوى السياسية المغربية على أساس أنها الحل لحفظ كرامة الجزائر فى الأزمة، وهذه المبادرة تعطى لساكنى الصحراء صلاحيات واسعة، واقترح الملك فى عام 2007 مبادرة الحكم الذاتى فى الأقاليم المغربية الجنوبية، بما فيها إقليم الصحراء، ومنذ اقتراحها على مجلس الأمن وحتى اليوم، يصدر مجلس الأمن سنويا قرارا باعتبار المبادرة جدية، وأنها يمكن أن تكون حلا سلميا للمشكلة بموافقة الأطراف، لكن البوليساريو حتى الآن لم تقدم أى حل سياسى». وأكد العلمى على أن المغرب مقتنع بأن النزاع فى الأساس مغربى جزائرى، مضيفا «نحن نؤمن دائما بأن الكيانات الصغرى لم يعد فى إمكانها أن تصمد، وعلى المغرب والجزائر وبقية دول المغرب العربى أن يتحدوا فى كيان واحد وهو اتحاد المغرب العربى». ودلل العلمى على فكرة أن النزاع مغربى جزائرى بقوله الجزائر فى بداية السبعينيات بنت استراتيجية جهنمية، لما كان لديها من طموحات بعد الاستقلال أنها ستتولى الصناعة الثقيلة فى المغرب العربى، وأن تتولى المغرب الفلاحة، وتكون تونس مسؤولة عن الخدمات، لذلك كانت البداية الجزائرية الخاطئة القائمة على رؤية الهيمنة والقيادة، وبنت الجزائر أطروحاتها على ثلاث فرضيات، الأولى: أن النظام الملكى فى المغرب ضعيف وأنه لن يصمد أمام الجزائر، والثانية: أنها توجهت إلى إسبانيا للتحالف معها باعتبار أن إسبانيا هى النظام الحاكم فى بداية السبعينيات لمنطقة الصحراء، وتوطدت العلاقة بالفعل بين النظام الجزائرى ونظام الجنرال فرانكو، وفى الثالثة: حاولت الجزائر أن تبنى وتعمق من الخلاف المغربى الموريتانى وعملت على توسيعه، وهو ما كشف عنه الرئيس الموريتانى السابق ولد داده الذى قال فى مذكراته إن بو مدين احتجزه وهدده لكى يكون معاديا للمغرب. وأضاف سفير المغرب « لكن فى 1975 وبعد عرض القضية على محكمة العدل الدولية، وأدلت برأى استشارى بأن هناك روابط بين المغرب والصحراء، ثم حدثت تطورات أخرى فتم الإعلان عن المسيرة الخضراء التى قادها ملك المغرب الحسن الخامس، وهذه المسيرة خلقت حماسا قويا داخل المغرب، وأعادت للنظام شعبيته وأصبحت القضية الصحراوية قضية توحدت حولها المغرب، كما أنه فى نوفمبر 1975 توفى فرانكو وتولى خوان كارلوس الحكم فى إسبانيا فسقطت ورقة ثانية من يد الجزائر، كما أن المغرب لجأ للاتفاق مع موريتانيا حتى يقطع الطريق الأخير أمام الجزائر».