"أخدت الثانوية العامة بالعافية، ووقتها مفيش كلية كانت راضية تقبلنى علشان مجموعى كان 53%، فدخلت حقوق وخلاص، بس بعد كده حبيت القانون، وده حصل لأنى كنت مهتم جدا بالثقافة والقراءة، من وأنا فى سن 13 سنة". هذه كانت الحكاية الأولى التى استهل بها الكاتب والمفكر السيد ياسين حكاياته التى سردها مساء أمس فى مؤسسة "بيت الشاعر" الثقافية، بحضور عدد كبير من المثقفين والإعلاميين. فضل "ياسين" أن يطلق اسم "حكايات ثقافية" على الأمسية بعد أن كان اقترح اسم "نحو رؤية استراتيجية متكاملة للثقافة المصرية"، الاسم الذى وجده صعبا ففضل أن يبسطه ويترجمه ل"حكايات ثقافية"، كما أعلن عن نيته تغيير طريقة كتابته لمقالاته ومنهجها وتحويلها لهذا المنهج البسيط، قائلا إن المثقفين يكتبون لبعضهم ولا يقرأهم سواهم. مجموعة حكايات ثقافية سردها ياسين ببساطة، ليحدد من خلال هذه الحكايات المشهد الثقافى الراهن ويقارنه بالمشهد الماضى، ويبرز أهم المشكلات والتحديات الثقافية التى تواجهنا ويضع لها حلولا. الحكاية الأولى كانت عن التكوين الثقافى الذاتى، وقال فيها ياسين: كنا فى الماضى نثقف أنفسنا ذاتيا، بالبحث عن المعرفة بالقراءة، بينما جيل الإنترنت لا يتكون ذاتيا، ويتعامل مع التكنولوجيا بمنتهى العبقرية، لكنه يظل فارغا لا معرفة لديه كما أنه لا يبحث عنها، ولا يقرأ شيئا عن تراث مصر وتاريخها. الحكاية الثانية كانت بعنوان "النقد الذاتى" وفيها قال ياسين إن هذه الفضيلة ليست عربية وإنما غربية بالدرجة الأولى، وهذه الفضيلة هى سبب تقدم الشعوب، لأنها هى من تدفع الإنسان للمعرفة التى يجب أن نفرقها عن المعلومات، فالمعلومات جامدة ومن يعلمها لا يعد مثقفاً لأنها مجرد نصوص جامدة، لكن المثقف هو من يستطيع تأويل هذه المعلومات وتحليلها وربطها ونقدها واستنتاج ما يراه مناسبا منها، وهذا ما يحتاجه الجيل الحالى الذى أتيحت له فرصة عظيمة لتوفر المعلومات عن طريق الإنترنت، وبالتالى هو فى حاجة للتفكير فى هذه المعلومات وإمكانية تحليلها وفرز الصحيح من المغلوط فيها. "السياسة الثقافية فى مصر"، تحدث عنها ياسين مفرقاً بين الاحتياجات الثقافية ومتطلبات الجمهور، وبين السياسة الثقافية التى تمثل البرنامج الثقافى الحكومى، والسياسات الثقافية التى تريد التيارات الفكرية المختلفة فرضها، ثم تناول ياسين بعض الأفكار الأخرى مثل "العلاقة بين العمارة والثقافة، الانفصال بين ثقافة النخبة وثقافة الجماهير وكيفية التقريب بينهما". وقال "ياسين" إننا نواجه مشكلة كبيرة فى تأويل النصوص، خاصة الدينية، فالمشكلة دائماً لا تكمن فى النص وإنما فى تأويله، وهو ما جعل مصر حالياً فى حالة تدين شكلى لا علاقة له بأساس الدين، وأصبحت التيارات الدينية تبث من خلال الفضائيات الدينية وغيرها من قنوات التواصل بين الجماهير التى تبث الفكر الخرافى، ويستند على تأويلات خاطئة وموجهة، مشيراً إلى أن مصر تحتاج لسياسة ثقافية تسمح بتحرير العقول والصمود أمام هذا التحدى.