حملة التوقيعات الأخيرة التى قام بها عدد من المواطنين لترشيح الدكتور محمد البرادعى رئيسا للجمهورية، ليست الأولى، أو الأخيرة، فى هذا النطاق، لكنها بمثابة حلقة فى مسلسل المطالب الشعبية الرافضة للسياسات الحكومية.. فهل تحولت مصر من بلد شهادات إلى بلد توقيعات؟ وكيف يرى الخبراء هذه الحملات التى تستهدف التوقيع لحل المشكلات؟ يقول الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير الاستراتيجى بمركز الأهرام، إن حالة الانفصال التام بين الشعب والحكومة دفعت الأفراد لاستخدام وسائل للتعبير عن مطالبهم، مثل المظاهرات والاحتجاجات والتوقيعات الشعبية، التى تعتبر أبرزها.. وأضاف الشوبكى أن هذه التوقيعات فى الماضى كانت ضد المحتل مثلما حدث فى حملات جمع التوقيعات لمساندة سعد زغلول، ولكنها الآن أصبحت ضد الدولة والحكومة، حيث تخلى المسئولون عن أدوارهم تجاه الأفراد فاتجهوا للمطالبة بحقوقهم. ويعتبر الشوبكى هذه الحملات غير مجدية، فهى تتوقف عند حد التوقيع ولا تتعداه إلى خطوات تنفيذية أكبر. من جانبه يرى عبد الغفار شكر، المتحدث باسم التحالف الاشتراكى المصرى، أن الشعب المصرى لديه خلفية تاريخية للحصول على حقوقه من الحاكم من خلال التوقيعات، وخاصة عندما تقوى الحركة الشعبية التى تبدأ فى جمع التوقيعات ثم تشكيل الوفود ثم المظاهرات والاحتجاجات. وعن استخدام التوقيعات، يوضح شكر أنها أكثر الوسائل أمنا بعيدا عن الضغوط الأمنية، مضيفا أن هذه الحملات تكثر فى فترات الأزمات السياسية التى يزداد فيها الكبت والإحباط لدى الأفراد، مؤكدا أن أهمية التوقيعات الجماعية تكمن فيما تمثله من ضغط جماعى عليهم. جورج إسحاق، المنسق العام السابق لحركة كفاية، اعتبر جمع التوقيعات طريقة آمنة للاحتجاج والاعتراض على قرارات النظام، بدون حدوث اعتقالات. ويضيف د. عبد العليم المشاط، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هذه الحملات تزيد من درجة الوعى السياسى لدى المواطنين، موضحا أن حالة القصور السياسى التى يعانى منها النظام هى المتسبب الرئيسى فى هذه الحملات. وعن تاريخ الظاهرة يشير إلى أن المصريين يلجأون للتوقيعات والتفويض منذ القدم، حيث كان الفلاحون يستخدمونها إذا أرادوا مطالبة المالك أو تفويض أحدهم للتعبير عن مطالبهم. أضاف المشاط أن طريقة جمع التوقيعات تتطور مع تطور المجتمعات، فهى الآن تتم بمساعدة الإنترنت، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن هذه الحالة تؤدى لنوع من الحراك السياسى، لكنها فى نفس الوقت لها سلبياتها وتؤدى لعدم الاستقرار وتؤثر سلبا على النظام السياسى. كما يؤكد د. محمود يوسف، رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الرأى العام بكل أنواعه هو آلية من آليات الوصول لصانعى القرار، ويكون من خلال كتابة المطالب أو التظاهرات والاحتجاجات، كما أنها ترتبط بعوامل ومتغيرات كثيرة أهمها القدرة على إقناع الجماهير بها، وترتبط بالحالة السياسية للدولة وتعد نوعا من أنواع التنفيس عن الأفراد، وتبدأ من خلال التوقيعات ثم تتحول إلى تظاهرات ثم إلى توكيلات شعبية.