إذا كان عمرو الليثى حكومياً فلماذا يهاجم الحكومة، وإذا كان معارضا فلماذا يتعامل معه المعارضون على أنه محسوب على الحكومة، هذا هو السؤال الأول الذى يواجه به مقدم البرنامجين الشهيرين اختراق وواحد من الناس، هو نفسه لا يحاول وضع إجابة قاطعة تضعه فى صف فريق ضد الفريق الآخر، بل يصف نفسه بأنه «مستقل» وأن ما يريده هو مصلحة المواطن البسيط، حتى لو أدى هذا إلى نوع من الصدام مع أحد المسئولين من «أصدقائه». «اليوم السابع» التقته فى هذا الحوار لتنقل له وجهتى النظر فيما يقدمه. لماذا فكرت فى تقديم برنامج واحد من الناس الآن؟ - أظن أن الإعلام الحقيقى «بره التكييف» بعيداً عن الاستوديوهات بين الناس للتعبير عن مشاكلهم، فمن غير المعقول أن يكون 80 % من المواطنين تحت خط الفقر وأكثر من 4 آلاف قرية بدون خدمات وأنا أقعد فى الاستديو أشرب حاجة سخنة، جاء الوقت لنخرج بره الاستوديو، ليس فقط من خلال المراسل بل من خلال المذيع أيضاً والبرنامج رسالة أيضاً لكل الإعلاميين أن يخرجوا بره الاستوديوهات، فلا يمكن أن نسأل لماذا يبتعد الناس عن السياسة، الناس مهمومة فى مشاكلها، اللى خرج من شغله بسبب الخصخصة، واللى عاوز «ميه نضيفة» واللى عاوز يعالج ولاده ويجيب شقة، وغيرهم وغيرهم. أنت تعمل فى الحقل الإعلامى منذ أكثر من 10 سنوات ومشاكل الناس موجودة طوال الوقت فلماذا فى هذا الوقت تحديداً قدمت البرنامج بهذه الجرأة؟ - «واحد من الناس» لم تكن فكرة وليدة هذه الأيام، إنما كنت أريد تنفيذها من خلال برنامج «اختراق» على التليفزيون المصرى بتقديم حلقات تحقيقية عن حال الناس، ولكن الرقابة رفضتها، وفى عام 2003 قدمت فى اختراق حلقة عن الفقر فى مصر وسجلت مع سكان المقابر فتم إيقاف البرنامج لمدة شهر، وأحيل الرقيب الذى أجاز الحلقة للتحقيق، بعدها قدمت 6 حلقات عن التأمين الصحى فى مصر تم اختزالها فى 3 حلقات وحذفت الحلقات الباقية بعد أن منعتها الرقابة، كما سجلت فى عام 2006 حلقة عن أزمة عمر أفندى فتم قطع الحلقة على الهواء، وحلقة أخرى عن المنتحرين بسبب البطالة صادرتها رقابة التليفزيون ومنعت إذاعتها، وفى النهاية تلقيت رسالة من المسئولين بالتليفزيون أن برنامج اختراق تم تصنيفه كبرنامج وثائقى يتحدث عن مواضيع تاريخية، وغير مسموح بتناول أى تحقيقات ميدانية تخص الناس وقالوا لى «خليك فى التاريخ أحسن». لماذا قدمت «واحد من الناس» على شاشة قناة دريم؟ - فى البداية ذهبت إلى قناة الساعة ولكن كان من الصعب تقديم برنامج عن حال الناس فى مصر على قناة عربية تمويلها عربى لأن هذا لن يكون من اهتمامات القناة ثم إنه من الممكن أن يستخدم بشكل سيئ ضد مصر، وبالفعل تلقيت عروضاً عديدة ومغرية جداً من قنوات خليجية لتقديم برنامج مسائى ولكنى وجدت أن البرامج المسائية كثرت ولم تعد تقدم جديداً والأفضل الخروج إلى الناس، كما عرض على أيضاً برنامج توك شو يومى على قناة مصرية بعرض مادى كبير ولكن سقف الحرية كان منخفضاً وأخيراً فضلت أروح قناة دريم. لكننا لم نلمح حتى بوادر هذه الجرأة فى اختراق؟ - اختراق هو أجرأ برنامج على التليفزيون المصرى فلا يوجد برنامج على التليفزيون المصرى ظهرت به جماعة الإخوان المسلمين والتيار الراديكالى الإسلامى والشيوعى وغيره. ولكن قناة دريم أيضاً تخضع للرقابة وسقف حريتها غير مطلق؟ - دريم أكبر نوعاً ما من التليفزيون فى سقف الحرية وأصبحوا يتناولون موضوعات أكثر صراحة، وكان من الصعب تقديم «واحد من الناس» على التليفزيون وسقف الحرية أصلاً حسب أجندة الدولة. ولكننا عرفنا أن القناة حذفت من البرنامج العديد من الفقرات، فما ردك؟ - كان هناك اتجاه لدى بعض المسئولين فى الحكومة لإلغاء فقرة العشوائيات وقد مارست الحكومة الضغط على قناة دريم لإلغاء فقرة العشوائيات نهائياً، وهناك مسئول كبير فى الحكومة والحزب الوطنى لا داعى لذكر اسمه كلمنى شخصياً لإلغاء فقرة العشوائيات وأنا اعتذرت موضحاً أنى لا أقصد تقديم صور مشوهة عن مصر، ولكن الهدف هو الربط بين الغلابة والمسئولين. وما رأيك فيما حدث من حذف لبعض المقاطع من البرنامج؟ - أنا ضد الحذف عموما والرقابة فيما عدا السب والقذف لها معايير مطاطية، وبالمناسبة الرقابة ليست شخصاً بل عدة جهات تتدخل حسب تخصصها، وأنا من خلال برنامج اختراق احتككت بكل هذه الجهات. هل تسبب لك البرنامج فعلاً فى أزمة مع الحكومة؟ - المسئولون زعلوا فى البداية من الانتقادات وده وارد لأن الحكومة مازالت تتعامل على أنها ولى أمر الفضائيات والقنوات الخاصة، ولكن الفضائيات الخاصة وصلت إلى درجة كبيرة من النضج الإعلامى وتستطيع العمل بمسئولية ودون وصاية الدولة، أما البرنامج فلم يتعرض لشخص رئيس الجمهورية، ولم يسئ للدولة أو الوطن، وكل ما قدمه هو مشاكل الناس. البعض يقول إنك رغم كل هذا مازلت محسوباً على الحكومة؟ - ليست لدى أجندة، ولا أعمل لصالح أشخاص ضد أشخاص، ولا أهاجم أو انتقد أشخاصاً من الأساس بل أنتقد الأوضاع، وهناك مسئولون تجمعنى بهم صداقة وهذا لم يمنعنى من الاشتباك معهم لصالح المواطن. البعض يتهمك أنك بلغة الناس «شادد السلخ» على الحكومة والمحافظين؟ - لا نعرف هل تختار الحكومة محافظين «مش فاهمين حاجة» عن قصد أو عن جهل، لكن أغلبهم تم تعيينهم كنوع من التكريم سواء لواء متقاعد أو مستشار على المعاش، وليس لديهم ما يؤهلهم، والنتيجة تأتى على دماغ المواطن، وهكذا أصبحت المشاكل فى المحليات حتى فى القاهرة، فهناك أكثر من 120 منطقة عشوائية تفتقر للخدمات حتى عزبة القرود القريبة جداً من قصور الرئاسة، ما الذى يدفع شاباً لكى ينفق كل ما يملك لكى يسافر على مركب لتغرق به فى النهاية إلا إذا كان قد فقد الأمل وأنا أحمل المحافظين نتيجة ما وصل إليه الناس من إحباط. فى رأيك ما سبب تفاقم الأزمات إلى هذا الحد؟ - لأن المواطن ليس على أولويات الحكومة وحكومة نظيف لم توضح أولوياتها أصلاً، وهى بالتأكيد بعيدة عن المواطن، لأنها حكومة رجال أعمال، فنجد فى النهاية الغنى يزداد غنى والفقير يزداد فقراً حتى اختفت الطبقة الوسطى، وهذا نتيجة 3 حكومات متعاقبة وليست حكومة نظيف وحدها. لكن أنت تنفعل، والإعلامى يجب أن يضبط انفعالاته؟ - الانفعال يأتى نتيجة اللحظة، لأنى «لازم أنقل للناس إحساس المعاناة التى يواجهها المواطن بالمنطقة التى أقوم بالتصوير فيها» فمن غير المقبول حتى للمشاهد أن أنقل معاناة مواطنين أصيبوا بالفشل الكلوى من المياه الملوثة مثلا وأنا أبتسم أو أتكلم ببرود. لكن عندما أحاور ضيفاً، علىّ أن ألزم الحياد ولا أعبر عن أى رأى يخصنى، أما عندما أتحدث فى فقرة التعليق على الأخبار بمفردى، فأنا أعبر عن وجهة نظرى لأن هذا حقى ويجب أن يكون للإعلامى وجهة نظر. لكنك فى إحدى الحلقات شتمت الخارجية الإسرائيلية وقلت عليهم «دول ولاد كلب» والإعلامى لا يجب أن يكون شتاما؟ - «ده أنا كده جاملتهم.. هذا رأى شخصى وأنا ضد السياسة العدوانية الاسرائيلية على طول الخط»، وكثيراً ما شكتنى الخارجية الإسرائيلية للمسئولين فى التليفزيون المصرى بعد الحلقات الوثائقية التى قدمتها فى برنامج «اختراق» عنهم، وكذلك السفارة الأمريكية اشتكتنى أيام تغطية البرنامج للحرب على العراق. أنت تسأل الفنانين عن السياسة وتجعلهم يتحدثون عن مجالات ربما لا يفقهون فيها فما سبب هذا؟ - البرنامج ثقيل وحجم الحزن به كبير وأحاول تقديم توليفة لكسر حدة الشجن بالبرنامج، وذلك بتقديم النجوم الذين يتمتعون بقاعدة جماهيرية كبيرة، فأنا أقدم عادل إمام أو تامر حسنى لأكسب جمهورهم، وأنا أحاول أن أسألهم الأسئلة غير المعتادة عن السياسة أو الثقافة العامة أو أى أسئلة تشغل الناس وليس بالضرورة أن أسألهم فى الفن فقط. ماذا عن برنامج اختراق هل ستستمر فى تقديمه على تليفزيون الدولة رغم أنك تحولت إلى قائمة المعارضين؟ - أنا مستمر فى تقديمه لكنى أتوقع إلغاء برنامج اختراق فى أقرب فرصة كنوع من تصفية الحسابات معى على برنامج «واحد من الناس» لأن بعض المسئولين غير راضين عن البرنامج ويرغبون فى محاربته والضغط علىّ بأى وسيلة. ماذا عن جائزة منظمة اليونسكو الذى رشح للفوز بها برنامج واحد من الناس؟ - هذه الجائزة هى الأرفع بين جوائز اليونسكو فهى تمنح للبرامج التى تشارك فى التنمية الاجتماعية لبلادها، والترشيح يكون من خلال اتحاد الإذاعات العربية فى تونس ولم يحدث أن رشحت لها مصر أو حصلت عليها فى تاريخها الإعلامى كله أو أى دولة عربية أخرى وهذا العام رشح لها برنامج واحد من الناس ممثلا عن مصر وليس عن عمرو الليثى بين 9 دول ستتحدد النتيجة فى 26 فبراير المقبل، وأتمنى الفوز بها لأن هذا مكسب للإعلام المصرى كله وليس لى. إذا حدث وقامت قنوات أخرى بتقليد فكرة واحد من الناس كما هو المعتاد هل ستنزعج؟ - بالعكس، وياريت يكون فيه برامج كتيرة تناقش حال المواطن الذى مازال يجد فى الإعلام الخاص متنفساً له، لأن الساحة الإعلامية محتاجة لمثل هذه البرامج وده شىء يسعدنى. لمعلوماتك... ◄1987 التحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة ◄1988 عمل مخرج برامج فى التليفزيون حتى عام 1991 ◄1990 تخرج فى المعهد العالى للسينما بامتياز وحصل مشروع تخرجه على عدة جوائز منها جائزة أفضل فيلم من مهرجان الإسماعيلية