دعا الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق، الجميع إلى محاربة ونبذ التطرف الفكرى، مؤكدًا أن التطرف الفكرى انحراف عن الجادة وميل عن القصد وبعد عن الوسطية والاعتدال، وأن وراء التطرف الفكرى تعصب مذهبى أو عنصرى أو سياسى، مما يدفع المتطرفين إلى فهم النصوص الدينية حسب أهوائهم وأهواء قياداتهم. ولفت هاشم، خلال الورقة البحثية التى شارك فيها الدكتور أحمد عمر هاشم فى مؤتمر حوار الحضارات والثقافات بعنوان "التطرف الفكرى وأثره فى تنامى ظاهرة العنف وصدام الحضارات" إلى أن أكثر أنواع التطرف خطرًا ما كان متصلًا بالدين إلى درجة تكفير بعضهم بعضًا. وأوضح الدكتور هاشم، أن المتطرف يلعب دورًا رئيسًا فى تنامى ظاهرة العنف، حيث أغلق التعصب على أصحاب هذا الفكر منافذ المعرفة الصحيحة والوسطية والاعتدال، فاستباحوا الأنفس بغير حق وحملوا السلاح على الأمة، فكان الإرهاب والعدوان. وأكد أن الإسلام نبذ الإرهاب إذ وضّح الإسلام حرمة النفس وعقوبة من يعتدى عليها بالقتل أو حتى بالترويع، وبين أن من يقتل نفسًا واحدة فكأنما قتل الناس جميعًا، لأنه أهدر حرمة النفس وحقها فى الحياة. وأضاف أن للفكر المتطرف أثره فى ظاهرة صدام الحضارات لأنه يدفع إلى العصبية والعنصرية. وما كانت ظاهرة صدام الحضارات إلا بسبب الجهل بحقائق الإسلام والشرائع السماوية وما تدعو إليه من السلام والتعايش السلمى بين سائر شعوب الأرض. وأوضح الدكتور هاشم أن الشرائع السماوية تدعو إلى لقاء الحضارات وتعاونها لا إلى الصدام بينها، حيث دعا الإسلام إلى الأمن والسلام وبحيث لا تقوم حروب بين الدول والشعوب، فالبشرية جمعاء تنتمى إلى أصل واحد، وأب واحد، وأم واحدة، فلا يصح عدوان من دولة على أخرى بل على الجميع أن يتعاونوا، وإذا كان الذين تطرفوا فى فكرهم زعموا أن غيرهم عدوهم فهم بهذا مخطئون وآثمون. وأضاف، إن واجب الحضارات أن تتعاون لا أن تتصادم، وما يحدث من صدام أو عداوات إنما هو نتيجة التطرف الفكرى والجهل بحقائق الرسالات السماوية التى تدعو للسلام ونبذ العنف والإرهاب. ولقد نادى الإسلام الناس قاطبة ليتعارفوا فقال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا). وأشار الدكتور هاشم إلى ان الإسلام حرم العدوان على نفس المسلم وحرم أيضًا العدوان على غير المسلم من أهل الأمان والعهد فقال الله سبحانه: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)، بل أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم أنه بريء ممن اعتدى على حرمة غير المسلمين من أهل الأمان والعهد الذين لم يحاربونا فقال عليه الصلاة والسلام: (ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس أو كلفه ما لا طاقة له به فأنا حجيجه يوم القيامة). وذكر أن المجتمع الدولى أوجب أن يفرق بين ظواهر العدوان والإرهاب التى يمارسها أصحاب الفكر المتطرف والتى تمثل عدوانا ظالمًا على النفس الإنسانية وعلى الأموال والأعراض، وبين المجاهدين الذين يدافعون عن أنفسهم وأرضهم وعرضهم ومقدساتهم. إن هناك فرقًا شاسعًا بين من يدافع عن أرضه وعرضه وبين الظالمين الذين يروعون الآمنين ويضربون الناس ومصالحهم.