استكمال مسابقة 30 ألف معلم.. 8 تصريحات ل وزير التعليم أمام النواب    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة (بداية التعاملات)    هاريس: الديمقراطيون مستعدون إذا حاول ترامب استباق نتيجة الانتخابات بإعلان فوزه    «الشناوي أم شوبير»؟.. الحضري يكشف الحارس الأفضل لعرين الأهلي أمام الزمالك بالسوبر    القنوات الناقلة لمباراة مانشستر سيتي وسبارتا براج في دوري أبطال أوروبا    محمد العدل عن هدم القبة التراثية: «خلوني زي النعامة أحط راسي في الرمل»    بريطانيا: ضربات روسيا بالبحر الأسود تؤخر إمدادات الحبوب للفلسطينيين ومصر    عشرات الغارات يشنها الاحتلال على بيروت ومناطق متفرقة في لبنان    ثروت سويلم: ما حدث عقب مباراة الزمالك وبيراميدز إساءة والدولة مش هتعديه دون محاسبة    تصعيد إسرائيلي في «غزة» يسفر عن شهداء ومصابين وتدمير واسع    قبل أيام من الكلاسيكو.. رودريجو يوجه رسالة لجماهير ريال مدريد بعد إصابته    الكومي: فرد الأمن المعتدى عليه بالإمارات «زملكاوي».. والأبيض سيتأثر أمام الأهلي    منصور المحمدي يُعلن ترشحه لمنصب نائب رئيس اتحاد الطائرة بقائمة مخلوف    رياح وأمطار بهذه المناطق.. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    بحفل كامل العدد|هاني شاكر يتربع على عرش قلوب محبيه بمهرجان الموسيقى العربية|صور    يسرا تدير الجلسة الحوارية لإسعاد يونس في مهرجان الجونة    أمن كفر الشيخ يكشف لغز العثور على جثة شاب ملقاه بترعة في بيلا    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    بدلا من الذهب.. نقابة المصوغات والمجوهرات تنصح المواطنين بالاستثمار في الفضة    مصرع شخصين في حادث تصادم سيارة فنطاس فى التجمع    دوللي شاهين تطرح برومو أغنية «أنا الحاجة الحلوة».. فيديو    إذا كان دخول الجنة برحمة الله فلماذا العمل والعبادة؟ أمين الفتوى يجيب    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    بينها عادات سيئة .. هؤلاء الأشخاص أكثر عُرضة لالتهاب الجيوب الأنفية    أدباء وحقوقيون ينتقدون اعتقال الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق    5 آلاف في الساعة.. التحقيق مع أجنبية متهمة بممارسة الدعارة في القاهرة الجديدة    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    ضبط 5 أطنان دواجن فاسدة داخل مجازر غير مرخصة في بدمياط    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    أرباح لوكهيد مارتن خلال الربع الثالث تتجاوز التقديرات    وزير المالية: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الإفريقية في مواجهة التحديات العالمية    الهجوم على إيران.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد اجتماعًا الليلة    الفنانة عبير منير تكشف كواليس تعارفها بالكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة: "عشنا مع بعض 4 سنين"    إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مع نظيره الروسي    أوكرانيا تبحث مع استونيا تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد    محافظ البحيرة تعقد ثاني لقاء موسع مع الصحفيين لتسليط الضوء على قضايا ومشاكل المواطنين    حلوى الدببة الجيلاتينية التى تباع في آلات البيع الألمانية تحتوى على سم الفطر    احذروا الوقوف طويلًا أثناء فترات العمل..يسبب الإصابة بالجلطات    حلواني بدرجة مهندس معماري| ساهر شاب بحراوى يفتتح مشروعه لبيع «الفريسكا»    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    عمر خيرت يعزف أجمل مقطوعاته الموسيقية بحفل جسور الإبداع بين مصر واليابان    الفنان عبد الرحيم حسن: "فارس بلا جواد" كان علامة في حياتي ودوري فيه كان تحدي    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    انفراجة وإصدار التراخيص الفترة المقبلة.. مقرر لجنة إعداد قانون البناء يكشف التفاصيل    تفاصيل ضبط طالب لقيادته سيارة وأداء حركات استعراضية بالقطامية    هل الإيمان بالغيب فطرة إنسانية؟.. أسامة الحديدي يجيب    نائب الرئاسي الليبي يبحث مع مسؤولة أممية التطورات السياسية في ليبيا    شتوتجارت يسقط يوفنتوس بهدف قاتل فى دوري أبطال أوروبا    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    الكويت تنضم رسميا إلى البروتوكول المعدل لاتفاقية مراكش المؤسسة لمنظمة التجارة العالمية    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    وزير الشؤون النيابية: نحن في حاجة لقانون ينظم شؤون اللاجئين بمصر    نواب البرلمان يعددون مكاسب المصريين من التحول للدعم النقدي    قومي المرأة يهنئ المستشار سناء خليل لتكريمه في احتفالية "الأب القدوة"    هل قول "صدق الله العظيم" بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تربية الأبناء تحتاج إلى صبر واهتمام.. وعليك بهذا الأمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلال محاضرة له حول مستقبل القانون الدولى.. الأمين العام للجامعة العربية: بعض الآراء تعتبر القانون الدولى تقنين لعلاقات غير ملزمة.. لجنة الأمم المتحدة المنوطة بتطوير قواعد القانون الدولى
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 04 - 2014

تحدث الدكتور نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال محاضرة له مساء أمس الأربعاء، حول موقع ومدى تأثير القانون الدولى فى النظام الدولى المعاصر، مشيرًا إلى أن هذا الموضوع يمس عمق العلاقات الدولية ويحدد أسس ومعالم وفلسفة النظام الدولى المعاصر، خاصة وأن هناك آراء كثيرة تشكك فى مدى فاعلية القانون الدولى ومدى تأثيره على مجريات الأمور فى عالم اليوم.
وأوضح الدكتور العربى خلال المحاضرة التى ألقاها بمقر الأمانة العامة بالجامعة العربية بالتعاون مع منظمة ألكسو للثقافة والعلوم، أنه توجد كتابات تشكك فيما إذا كان القانون الدولى يعتبر قانوناً بالمعنى المتعارف عليه، وفى مدى تأثيره بصورة فاعلة على حقوق وواجبات الدول، حيث لا يوجد فى النظام الدولى تسلسل أفقى كما فى الأنظمة الداخلية. بل إن بعض الآراء تعتبر القانون الدولى مجرد تقنين لعلاقات دولية غير ملزمة.
وتابع: وقد تكون لهذه الشكوك ما يبررها إذا كانت المقارنة بين القانون الدولى والقوانين الداخلية فى الدول، حيث توجد أجهزة تشريعية وأجهزة تنفيذية وأنظمة قضائية ملزمة للجميع على قدم المساواة وتتفاعل هذه الأجهزة والأنظمة داخل سيادة دولة واحدة، ولكن القانون الدولى له طبيعة خاصة وإطار عمل يختلف عن القانون الداخلى، لأنه يعكس أحكام وقواعد قانونية اتفقت عليها الدول وتعمل فى إطار سياسي. ومثل هذه الآراء تنطلق على أساس أنه لا يوجد جهاز تنفيذى يتولى الإشراف على تطبيق قواعد القانون الدولي.
وأشار الدكتور العربى، إلى أن القانون الدولى يحوى قواعد قانونية كانت تحترم دائماً مع أن الدول لم تقننها فى اتفاقيات لأنها نشأت عرفيًا على مدى سنوات طويلة بقبول الدول اتباعها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، دأبت الدول منذ آلاف السنين على احترام المبعوثين الدبلوماسيين ومنحهم مزايا وحصانات على أساس إنها قواعد عرفية يجب احترامها قبل أن يتم تقنين هذه القواعد فى اتفاقيتى فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والعلاقات القنصلية لعام 1963.
ومعنى العرف هنا هو أن الدول تتعارف وتتفق أن هذه القواعد واجبة الاحترام.
ثانيا: دور لجنة القانون الدولى فى تطوير القواعد القانونية:
ألمح الدكتور العربى أن حركة التقنين والتطوير المطرد لقواعد القانون الدولى أصبحت تتحرك بسرعة فائقة منذ بدء لجنة القانون الدولى أعمالها عام 1949 وفقاً لأحكام المادة 13 من الميثاق، بحيث أصبح لدينا الآن اتفاقيات تنظم جميع الأنشطة سواء على الأرض أو فى السماء أو الفضاء الخارجى أو فى البحار وقاع المحيطات. فاللجنة نجحت فى إبرام اتفاقيات هامة تحدد أبعاد العلاقات الدولية (مثال انضمام فلسطين ل15 اتفاقية).
وتابع: ولكن للأسف فى السنوات الأخيرة وبعد انتهاء الحرب الباردة التى كانت حافزاً للكتلتين الشرقية والغربية للسعى لإفراز اتفاقيات تحدد حقوق وواجبات الدول حماية لمصالحها أحجمت الكثير من الدول عن التصديق على هذه الاتفاقيات. كما أن اللجنة لم تدفع ببعض المشاريع التى رفعتها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لعرضها على الدول للتصديق عليها (مثال المسئولية الدولية). ومع ذلك فإن نصوص هذه الاتفاقيات لها أهميتها وتثار أمام المحاكم الدولية وأصبحت تقع تحت دائرة ما يطلق عليه Soft Law وهى القواعد التى لم يتم تقنينها فى اتفاقيات ولم تصادق عليها الدول، وبالتالى لم تدخل حيز النفاذ ولكنها فى نفس الوقت مع آراء فقهاء وأساتذة القانون الدولى تمثل التطور المطرد للقانون الدولى والقرارات الهامة التى تصدر عن الأمم المتحدة حتى ولم تتم صياغتها بعد فى اتفاقيات ملزمة. (قرار السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية) .وتمثل مصدر هام من مصادر القانون الدولى.
وعلى الرغم من أن هناك عوامل كثيرة قد أدت مؤخرًا إلى الحد من فعالية "لجنة القانون الدولى" التابعة للأمم المتحدة، شأنها شأن بعض أجهزة المنظمة العالمية وفروعها، إلا أن اللجنة لا تزال فى جميع الأحوال، تعتبر بمثابة الأداة الرئيسية لتطوير قواعد القانون الدولي، ومن ثم فإن هناك حاجة ماسة إلى النظر فى التوصل إلى ترتيبات مؤسسية شاملة تعمل على النهوض بعمل تلك اللجنة، بما يفى ومقتضيات المادة 13 من ميثاق الأمم المتحدة، بحيث تصبح مشروعات المعاهدات الدولية التى تتوصل اللجنة إلى صياغتها، قادرة على إرساء قواعد راسخة للقانون الدولى العام، وليس مجرد صياغات توفيقية محدودة تخضع لاعتبارات سياسية، ويتعذر الإجماع عليها على مستوى الدول الأعضاء، بل وتظل خلافية من حيث الممارسة والتطبيق.
ثالثا: دور القانون فى النظام الدولى:
لفت الدكتور نبيل العربى إلى أن أولى مهام القوانين عامة سواء الداخلية أو الدولية هى إقامة نظام قانونى يحدد الحقوق والواجبات. وبالنسبة للقانون الدولى كان تنظيم القواعد التى تحكم الحروب واستخدام القوة من أولى اهتمامات النظام القانونى الدولي، خاصة فى ضوء ما لحق العالم من دمار أثر الحرب العالمية الأولى والثانية، كما أن حق الدفاع الشرعى الذى تحميه القوانين الداخلية والذى تطور عرفياً فى القانون الدولي، تم تحديد معالمه فى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة كأحد الاستثناءات من مبدأ تحريم استخدام القوة فى العلاقات الدولية الذى تنص عليها المادة الثانية (4) من ميثاق الأمم المتحدة بحيث صور بعض الكتاب أن تحريم استخدام القوة بين الدول، ينحصر نظريًا فى الشد والجذب بين أحكام المادة الثانية (4) التى تحرم استخدام القوة فى العلاقات الدولية وأحكام المادة (51) التى تحدد أبعاد حق الدفاع الشرعى الفردى والجماعي.
فالمطلوب دائمًا التوسع فى تفسير مبدأ تحريم استخدام القوة والتقيد فى تفسير الاستثناء، وهو مبدأ حق الدفاع الشرعي.
وهنا لابد من الإشارة إلى أنه لا يجوز الدفع بقول شائع مفاده، أنه بالرغم من تحريم استخدام القوة فى القانون الدولى وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، فالعالم لا يزال مليئًا بالحروب، والادعاء بأن هذا التحريم ليس له قيمة فعلية وليس له تأثير حقيقى ملموس على واقع الحياة الدولية.
رابعاً: ميثاق الأمم المتحدة:
وبما وصفة الدكتور العربى نقطة الانطلاق لفهم النظام الدولى المعاصر الذى يحدد أبعاد وطبيعة القانون الدولي، وذلك بتناول ميثاق الأمم المتحدة. فالميثاق يعتبر عقر دار القانون الدولى لأن أحكام الميثاق والاتفاقيات السارية الملزمة تحدد أبعاد القانون الدولي. نعم، فالميثاق لم يتطور ويرتق إلى إنشاء حكومة عالمية لأن جميع الدول تتمسك بسيادتها. وإن كانت هذه السيادة لم تعد مطلقة وشاملة كما كانت فى الماضى، فإبرام الاتفاقيات بين الدول يؤدى إلى قبول هذه الدول تقييد تصرفاتها طبقًا لأحكام هذه الاتفاقيات، وبالتالى التنازل عن جزء من سيادتها.
وقد جاءت صياغة ميثاق الأمم المتحدة لتدعم وتعلى من شأن القانون الدولى فى العلاقات الدولية بصفة عامة، حيث تنص المادة 103 من الميثاق أن الالتزامات النابعة من أحكام الميثاق تسمو على أية التزامات أخرى. هذه المادة تجعل أحكام الميثاق فى مرتبة أعلى من الاتفاقيات التى تبرمها الدول. وفى نفس الوقت تؤدى إلى تقييد حرية الدول فى الدخول فى اتفاقيات تتعارض مع أحكام الميثاق، بل تحظر إبرام مثل هذه الاتفاقيات.
خامساً: القضاء الدولى فى المرحلة الحالية:
واستكمالاً للغرض من إنشاء نظام قانونى دولى يحافظ على السلم والأمن الدولى اتجهت الأنظار فى مؤتمر السلام الذى عقد فى لاهاى 1899 – 1907 إلى وضع قواعد قانونية لتسوية الخلافات الدولية بسبل أخرى غير الالتجاء إلى القوة وأنشئت المحكمة الدائمة للتحكيم التى لازالت قائمة وتعمل. وكما سبق أن أشرت، قننت قواعد وقوانين لهذا الغرض ومن بينها قواعد وقوانين لتسوية المنازعات بين الدول بالوسائل السلمية. ومن أهم هذه الآليات الجهاز القضائى الذى أنشأته عصبة الأمم عام 1919 وهى المحكمة الدائمة للعدل كجهاز مستقل ثم عند إقرار ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 أنشئت محكمة العدل الدولية كأحد أجهزة الأمم المتحدة خليفة للمحكمة الدائمة للعدل. وما يهمنى فى هذا السياق هو تأكيد ما يلى حول محكمة العدل الدولية:
إن المحكمة مفتوحة للدول فقط
اختصاص المحكمة اختيارى بمعنى أن جميع الدول أعضاء فى المحكمة وأطراف فى نظامها الأساسى ولكن لابد أن تقبل الدول اختصاص المحكمة حتى يمكن للمحكمة نظر القضايا الخاصة بهذه الدول.
أن عدداً محدوداً من الدول تقبل الاختصاص الإلزامى للمحكمة (70 دولة فقط من 193 دولة تقبل الاختصاص الإلزامى لمحكمة العدل الدولية والكثير من هذه الدول تضع شروط لقبولها، كما أن قلة من الدول قبلت الاختصاص الإلزامى للمحكمة وفى ظروف سياسية تالية سحبت هذا القبول (الولايات المتحدة) + (إسرائيل)
خامساً: الفجوة بين تقنين قواعد القانون وتطبقيها:
ويتضح مما سبق أن النظام الدولى المعاصر يشهد فجوة كبيرة بين قواعد القانون الدولى والاتفاقيات الدولية من جهة وبين تطبيق هذه القواعد والأحكام من جهة أخرى. ومع مرور الزمن زادت هذه الفجوة من حدة الفوضى فى العالم. وانتشرت مختلف أنواع النزاعات فى ظل التهميش الفعلى "للعقد الاجتماعي" الذى اتفق عليه عام 1945 عند إنشاء الأمم المتحدة والذى كان يفترض أن يؤسس ويرعى وينظم لعلاقات دولية جديدة. يرجع السبب الرئيسى فى ذلك فى نظرى إلى أن تطبيق القواعد القانونية الدولية يخضع لرضاء الدول وقبولها، وكما أشرت هذا هو الفارق الأساسى بين قواعد القانون الدولى وقواعد القانون الداخلى. الدولة التى تخالف قاعدة قانونية دولية لا يوجد من يرغمها على الخضوع للقانون الدولى عن طريق عرض الأمر على محكمة دولية إلا بقبولها، بعكس الوضع فى قواعد القانون الداخلى الذى يمتلك فيه الفرد حق التقاضى رغماً عن خصمه. ويظهر ذلك جالياً عند النظر إلى أن ثلث الدول فقط تقبل الاختصاص الإلزامى لمحكمة العدل الدولية، وكثيراً ما يكون هذا القبول مقيداً بشروط.
وبفرض قبلت دولة ما اختصاص المحكمة وصدر ضدها حكم لأنها خالفت قاعدة قانونية، فان إجبار هذه الدولة على تنفيذ حكم المحكمة لا يتم إلا عن طريق الالتجاء إلى مجلس الأمن الذى كما نعلم جميعا هو جهاز سياسى وليس جهازا قضائيا.
ويتضح مما سبق أن المجتمع الدولى لم ينجح فى إنشاء آلية دولية للتنفيذ القسرى enforcement mechanism. وبالتالى يمكن القول إن عالمنا المعاصر انتقل من مرحلة قانون الغاب التى كانت سائدة منذ بدء الخليقة، ولكنه لم ينجح بعد فى الوصول إلى نظام يسود فيه القانون وتتحقق فيه العدالة.
ثلاثة أمثلة للعقبات التى تعترض عرض القضايا على محكمة العدل الدولية:
الأول: يتعلق بقبول مصر للاختصاص الإلزامى فى محكمة العدل الدولية فى أبريل 1957 إثر انسحاب إسرائيل من سيناء بناء على قرار من الجمعية العامة
:فقد قبلت مصر الاختصاص الإلزامى للمحكمة بالشروط التالية:
فيما يتعلق بإدارة قناة السويس.-
بين الدول الأطراف فى معاهدة القسطنطينية لعام 1888.2-
الثاني: منذ حوالى خمس سنوات كانت هناك مساع لاسترداد تمثال نفرتيتى من ألمانيا. وشكل الدكتور زاهى حواس لجنة برئاستى درست الوثائق ذات الصلة (اليونسكو + معهد توحيد القانون Unidroit فى روما) ولم نجد نصاً فى هذه الوثائق يقضى بالتزام ألمانيا قبول عرض طلب مصر إعادة التمثال. وتبين أن ألمانيا قد قبلت فى 30 أبريل 2008 الاختصاص الإلزامى لمحكمة العدل الدولية، ولكن حدد أبعاد هذا القبول بأمرين:
أن تكون الدولة التى تلجأ إلى المحكمة تقبل اختصاصها فى النظر فى جميع الأمور وليس بشأن موضوع محدد.
أن يكون قد مر عام على قبول الدولة الأخرى اختصاص المحكمة
وحيث أن مصر لا تقبل اختصاص محكمة العدل فى كل القضايا فأجهضت المساعى لاسترداد التمثال بالرسائل القضائية.
طابا:الثالث
قد يثور التساؤل حول أسباب نجاح مصر فى عرض القضية على التحكيم الدولي. فقد حاولت مصر إقناع إسرائيل بقبول عرض النزاع على محكمة العدل الدولية على أساس أن إسرائيل سبق لها أن قبلت الاختصاص الإلزامى للمحكمة عام 1950 ثم سحبت القبول فى منتصف الثمانينات بعد إثارتها النزاع حول طابا فى 25 أبريل 1982. وباءت المحاولات بالفشل لرفض ممثلى إسرائيل فى التفاوض فكرة الالتجاء إلى محكمة العدل الدولية على أساس أنه لا ثقة لديها فى قضاه ينتخبهم مجلس الأمن والجمعية العامة. مصر وإسرائيل كانتا ملتزمان بأحكام المادة السابعة من معاهدة السلام التى تقضى:
تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضة.
إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضة فتحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم."
فكانت إسرائيل طبقاً لهذا النص تحاول إحالة النزاع إلى التوفيق على أساس أن التوفيق بطبيعته ليس وسيلة قضائية بحتة ويسمح بالالتجاء إلى اعتبارات سياسية وكانت مصر ترفض هذا التوجه وإزاء رفض مصر القاطع قبلت إسرائيل فى يناير 1986 الالتجاء إلى التحكيم بشرط أن تشمل المراحل الأولية فى التحكيم محاولة توفيقية يقوم بها أحد أعضاء هيئة التحكيم. وبالفعل انتدبت الهيئة القاضى الفرنسى بيير بيليه Pierre Bellet الذى كان رئيساً سابقاً لمحكمة النقض الفرنسية لتولى هذه المهمة من مارس 1988 إلى مايو 1988. وفى الاجتماع الأخير الذى عقد فى باريس فى مايو 1988 اقترح بيليه قبول الموقف المصرى حول مواقع العلامات كاملاً على أن تقوم مصر بتأجير منطقة طابا إلى إسرائيل لمدة 99 عاماً. وهو الاقتراح الذى رفضته فوراً ودون الرجوع إلى القاهرة، لأن مبدأ التأجير يتعارض مع سيادة مصر من جهة، وتخوفاً من الانزلاق إلى هاوية المساومة حول مدة التأجير بالرغم من الإغراء الظاهرى بأن العرض ينطوى على الاعتراف بمواقع العلامة المصرية. وإن كان قد تبين لى بأن موقف بيليه لابد أنه يعكس تفاهم بين المحكين حول صحة مواقع العلامات المصرية مما يشير إلى أن الحكم الذى سوف يصدر فى سبتمبر 1989 سوف يكون فى صالح مصر.
سادساً: المحكمة الجنائية الدولية - نقلة نوعية فى القضاء الدولى:
سبق أن أنشئت محاكم دولية لمحاكمة مجرمى الحرب العالمية الثانية فى نورنبرج وطوكيو ولكنها كانت محاكم ad hoc وليست دائمة وتم ذلك فى إطار المنتصرين فى الحرب. ثم فى إطار تطوير القانون الدولى الإنسانى ودخول الفرد كأحد أطراف القانون الدولى ونظراً لجسامة الجرائم التى تم ارتكابها أثناء الحرب الأهلية فى يوغسلافيا السابقة ورواندا والتى أفجعت المجتمع الدولى مما ولد ضغطاً على المؤسسات والأجهزة الدولية لإنشاء آلية لمحاكمة هذه الجرائم الجسيمة أنشأ مجلس الأمن محكمتين ad hoc واحدة لمحاكمة مجرمى الحرب الأهلية فى يوغسلافيا السابقة وفى رواندا فى التسعينات. وساهمت الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم فى إرساء قواعد قانونية دولية لحماية الأفراد فى القانون الدولي.
وبعد جدل طويل بين الفقهاء القانونيين والساسة وضغوط مستمرة إثر ما ارتكب فى يوغسلافيا السابقة من جرائم تقرر إنشاء المحكمة الجنائية الدولية فى روما عام 1998، حيث قننت مبادئ لم تكن موجودة فى القانون الدولى ومن أهمهما مسئولية الفرد أمام القانون الدولى ومبدأ "Universal jurisdiction"، وذلك فى محاولة لتوفير العدالة وحفظ السلم والأمن فى ضوء تطور طبيعة النزاعات والأضرار الناجمة عنها. ومن أهم هذه المبادئ أيضاً تقرير مبدأ عدم جواز الإفلات من العقاب No More Impunity ومبدأ عدم إضفاء حماية قانونية على رؤساء الدول (وهو السبب الرئيسى فى أن مصر لم تصادق حتى الآن على النظام الأساسى.
وظهر جلياً خلال المفاوضات حول النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية الصراع بين المصالح السياسية إرساء نظام قانونى دولى يحقق الأهداف السامية للمتعاقدين بوضع نظام قضائى يحمى الأفراد ويرسى مبادئ العدالة ويحافظ على السلم والأمن الدولى ويمنع الإفلات من العقاب. فنجد أن ما انتهت إليه الدول هو مزيج من قواعد ومبادئ قانونية توفر الحماية المرجوة وفى نفس الوقت هناك بنود تمكن الدول من استغلالها للحفاظ على مصالحها السياسية مثل المادة 16 التى تسمح لمجلس الأمن بوقف الإجراءات أمام المحكمة الجنائية الدولية لمدة 12 شهراً قابلة للتجديد.
وكذلك المادة 13(ب) التى تسمح لمجلس الأمن بإحالة أفراد إلى محكمة الجنايات الدولية بغض النظر عما إذا كانت الدول التى ينتمون إليها طرفاً فى النظام الأساسي. وهذه المادة أثارتا – ولازالت تثير – الكثير من الجدل. فمن جهة يعتبرها البعض نصراً لسيادة القانون. فمن يرتكب إحدى الجرائم الجسيمة المنصوص عليها فى النظام الأساسى لا يجب أن يحتمى وراء عدم قبول دولته للنظام الأساسي. ومن جهة أخرى تمثل هذه المادة تدخل لمجلس الأمن – وهو جهاز سياسى – فى عمل جهاز قضائى مما يعتبر مساساً باستقلال المحكمة الجنائية. ونفس الحجج تنطبق على المادة 16 التى تسمح للمجلس بإيقاف الإجراءات بالنسبة لمتهم بارتكاب إحدى الجرائم الخطيرة.
وبالتالى فإن النظام الحالى للمحكمة الجنائية الدولى يؤدى إلى أنه فى حال اقتراف شخصين ذات الجريمة أحدهما مواطن فى دولة طرف فى النظام الأساسى للمحكمة والآخر مواطن لدولة غير طرف فإن العقاب لن يطول سوى مواطن الدولة الطرف وكذلك فى ضوء إمكانية تحريك دولة ذات قدرة على التأثير على إصدار القرارات فى مجلس الأمن فإن هذه الدولة سيكون باستطاعتها تحريك قضية أمام المحكمة أو وقف الإجراءات ضد متهم، وهو ما لن يتوافر لدولة ليست لديها ذات الوزن أو السلطات. كأن هناك نظامين قانونيين وليس نظاماً واحداً يسرى على الجميع.
ويتضح مما تقدم أن ضمان استقلالية وقوة هذه المحكمة وإجراءات تحريك القضايا أمامها يمكن أن تتأثر بأهواء ومصالح سياسية لدول، أى وفقاً لمصالح وسياسات الدول الأعضاء فى مجلس الأمن. ونظراً للوضع الحالى وإضاعة الفرصة التى وفرها الميثاق فى إعادة النظر فى مواد ميثاق المحكمة بعد 7 سنوات من بدء العمل به (عام 2010) وبقاء كافة المواد والعلاقات بين المحكمة وأجهزة الأمم المتحدة على حالها فإن الميثاق أبقى المجال مفتوحاً لمجلس الأمن للتأثير وحتى السيطرة على القضايا المرفوعة أمام المحكمة، وهو ما يخل إخلالاً جوهرياً بمبدأ المساواة أمام القانون. وقد طالبت قبل بدء عمل المحكمة بضرورة إصلاح هذا الخلل وبالذات فيما يتعلق بأحكام المادة 16 التى تعتبر – كما ذكرت – تدخلاً سافراً فى عمل جهاز قضائى وإقحاماً لاعتبارات سياسية فى شئون قضائية. ونشرت مقالاً عام 2001 فى مجلة جامعة ترنتو فى إيطاليا فى هذا الخصوص.
ولكنه بالرغم من هذه الشوائب الهامة فلابد من الإشادة بالنظام الأساسى للمحكمة الجنائية والاعتراف بأن هذه المحكمة قد اكتسبت أهمية كبيرة، فقد جذبت انتباه الرأى العام بصورة غير مسبوقة لأى محكمة أخرى. ونرى أمامنا مطالبات مستمرة ومتزايدة بإحالة مرتكبى الجرائم الجسيمة لمحكمة الجنايات الدولية. (التعرض هنا للاحتلال الإسرائيلى وللجرائم التى ترتكب فى الأراضى المحتلة.
وحيث إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ينصب على ما يقترفه أفراد من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ولا يشمل ما تقوم به الدول، فإن وجود هذه المحكمة من شأنه توفير حماية قضائية للفرد فى مجال حقوق الإنسان لأنها تمثل رادع للمخالفات الجسيمة وتعكس تقدماً مطرداً لإضفاء قوة بل وأنياب للقانون الدولى.
تحدثت مسبقًا فى عجالة عن الفارق بين القانون الدولى والقانون الوطنى وذلك لأقرب لدى البعض مفهوم القانون الدولى. واسمحوا لى أن أعيد هذه المقاربة. فى رأيكم ما هى الضمانة التى تحفز المواطن على اتباع القوانين وعدم مخالفتها. قد يقول البعض انه العقاب (أى التشريع)، ولكن إن كان العقاب وحده كاف لردع الفرد من ارتكاب الجريمة لماذا يتم ارتكاب الجرائم؟ وقد يقول البعض إنه امتثال الجانى أمام العدالة (أى القضاء)، ولكن الواقع أثبت أن وجود المحاكم والنطق بالأحكام لا يضمن تنفيذ وتحقيق العدالة. إن تنفيذ العقاب هو الرادع الحقيقى (أى وجود سلطة تنفيذية). مرتكبو الجرائم فى الدول يعتمدون على عدم القبض عليهم وقدرتهم على الإفلات من العقاب وتطبيق القانون عليهم.
وبالرغم من أن الدول فى النظام الدولى تنازلت عن جزء من سيادتها بإنشاء عصبة الأمم والأمم المتحدة وبسن وتقنين قواعد قانونية، تهدف إلى تنظيم العلاقات الدولية لحماية العالم من الحروب والحفاظ على السلم والأمن الدوليين بغية ضمان رخاء وازدهار الجنس البشرى، إلا أننا نجد فى ذات الوقت أن الدول كانت غير راغبة فى التنازل كلياً عن سيادتها فلم تقبل وضع نظام أو آلية تضمن تطبيق القواعد والقوانين الدولية عليهم دون رضائهم. فنجد أنه لا يوجد جهاز أو آلية مماثلة للشرطة الوطنية.
سابعا: القانون الدولى وحماية الاستثمارات الدولية
طرأت تطورات بعيدة المدى على القانون الدولى وعلى النظام الدولى فى مختلف المجالات. فبعد أن كانت الدول فى البداية تتصرف طبقاً لمصالحها بلا رقيب، ومع تطور الأزمنة والأحداث تنازلت الدول عن جزء من سيادتها فى موضوعات مختلفة، بدأت بالحصانة الدبلوماسية وقانون البحار وتدرجت لتشمل حقوق الإنسان وتحريم استخدام القوة فى العلاقات الدولية. لذلك كان من الطبيعى أن تمتد القواعد القانونية لحماية الاستثمارات خاصة فى عصر يتميز بالتعاملات والاستثمارات عبر الحدود. وبعد أن كانت حماية الاستثمارات الدولية تتم فى القرن التاسع عشر عن طريق استخدام القوة والتاريخ يشهد على حالات كثيرة خاصة فى أمريكا الجنوبية مما أطلق عليه Gun Boat Diplomacy. فنجد أن الدول أنشأت على سبيل المثال منظمة التجارة الدولية بآلياتها الخاصة لفض المنازعات الناتجة عن التعاملات التجارية الخاصة بها وقبل ذلك وقعت عام 1965 اتفاقية واشنطن التى أنشأت مركز تسوية منازعات الاستثمار ICSID التابع للبنك الدولى، كما طورت التوجه إلى آلية تسوية منازعات أسرع وأقرب إلى احتياجاتهم واحتياجات النظام التجارى الدولى المعاصر وهو فض المنازعات عن طريق التحكيم التجاري. وأدخلت الدول فى نظامها القانونى الوطنى قواعد وقوانين للتحكيم التجارى بهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية وإضفاء ضمانة أوسع وأشمل فى هذا الصدد. وتم إبرام اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم لدى الدول التى صادقت على الاتفاقية، بحيث إذا أصدرت محكمة تحكيمية حكماً فى قضية ما فإن هذا الحكم قابل للتنفيذ فى الدولة المعنية مع استيفاء بعض الشروط الشكلية ودون المساس بالحكم ذاته. وفى هذا الإطار نشأت مجموعة من القواعد تطبقها هيئات التحكيم ويطلق عليها Lex Mercatoria تهدف إلى تسوية المنازعات التجارية.
وخلاصة القول، إن موضوعات التجارة والاستثمار الدولى أصبحت محاطة بسياج قانونى محكم يحمى مصالح الدول والأفراد، ويمثل إضافة حقيقية لقواعد القانون الدولى.
وعلى ضوء العرض المتقدم، قال الدكتور نبيل العربى، إنه يعتقد أنه من الواضح أن قواعد القانون الدولى تتطور ويتسع نطاقها وتكتسب احترامًا متزايدًا فى العلاقات الدولية. ولكن لا بد أن يؤخذ فى الاعتبار أن تطبيق النظام الدولى يختلف عن تطبيق الأنظمة الداخلية التى تسمح بالتنفيذ القسري. فالمساواة فى السيادة بين الدول القائمة منذ صلح وستفاليا عام 1648 تؤدى إلى صعوبة تصور نظام جديد يسمح بالتنفيذ القسرى فى المستقبل المنظور على دول ذات سيادة، لذلك فإن مجلس الأمن بوصفه الجهاز التنفيذى القائم أصبح يعتمد فى تنفيذه قراراته على استخدام أحكام المادة (41) من الميثاق التى تقضى بتوقيع عقوبات مختلفة لا ترقى إلى مستوى استخدام القوة. هذه العقوبات أصبحت الأداة التى يستخدمها مجلس الأمن بصفة منتظمة لتنفيذ قراراته. وأصبحت البديل المتاح أمام المجتمع الدولى – إذا وافقت الدول الخمس دائمة العضوية – على ممارسة الضغوط لتنفيذ القرارات.
هذا الوضع بالطبع ليس مثالياً لأن الدول التى يحق لها استخدام الفيتو تباشر هذه الرخصة بصورة انتقائية طبقاً لمصالحها، وبالتالى يتم الكيل بمكيالين فيما يتعلق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن. فلا يتصور مثلاً – فى الظروف الحالية – أن يصدر قراراً بعقوبات ضد إسرائيل أو ضد النظام فى سوريا لأن الولايات المتحدة ستمنع صدور الأول وروسيا ستمنع صدور الثانى.
هذا لا يمنع أن قواعد القانون الدولى بصفة عامة تحترم وتطبق لأن الدول تحرص دائماً أن تبدو داخلياً وخارجياً أنها دول تحترم القانون وتسوق الحجج والأسانيد لإثبات ذلك.
مستقبل القانون الدولى:
وبعد هذه النظرة السريعة على طبيعة القانون الدولى فى عالمنا المعاصر من المناسب القول فى النهاية بأن طبيعة القانون الدولى قد لحقها تغيير كبير فى سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، لأنها أصبحت تهدف الآن إلى حث الدول على التعاون فيما بينها وعلى حماية الفرد وتعظيم حقوق الإنسان. وحيث إن النشاط الإنسانى يزداد ويتطرق إلى مجالات جديدة فمن الواضح أن قواعد القانون الدولى سوف تتطور لتنظيم هذه العلاقات، ومع ذلك فإن الفجوة بين القواعد وتطبيقها لازالت قائمة وإن كانت تتضاءل فى كثير من المجالات.
فى ختام هذه التأملات قال الدكتور العربى، إنه من الطبيعى أن يثور التساؤل عما إذا كان من المتوقع أن يشهد المجتمع الدولى تغييرات جوهرية فى النظام الدولى المعاصر. والإجابة فى تقديرى للأسف الشديد "لا تغيير جذرى فى المستقبل المنظور".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.